بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-يرأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وفد المملكة إلى اجتماعات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والمقرر عقدها خلال هذا الأسبوع. ويلقي سمو ولي العهد كلمة المملكة نيابة عن خادم الحرمين خلال أعمال الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي يرأسها سفير فيجي بيتر طومسون. وتأتي رئاسة سمو ولي العهد وفد المملكة بوصفها من الدول الموقّعة على ميثاق سان فرانسيسكو الذي أنشئت بموجبه منظمة الأمم المتحدة، كما تأتي امتداداً لالتزام المملكة الدائم بالمبادئ والأسس التي تضمنها الميثاق وبسعيها الدؤوب نحو وضع تلك المبادئ والأسس موضع التطبيق العملي. عضو مؤسس وتعد المملكة عضواً مؤسساً في منظمة الأمم المتحدة وشاركت في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي تم خلاله إقرار ميثاق منظمة الأمم المتحدة بوفد ترأسه الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان وزيراً للخارجية. وعقد أول اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في لندن يوم العاشر من يناير 1946م بحضور ممثلي إحدى وخمسين دولة، كما اجتمع مجلس الأمن لأول مرة في لندن يوم السابع عشر من يناير 1946م. القرار الأول وفى الرابع والعشرين من يناير 1946 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قرار لها دعت فيه إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية وإزالة أسلحة الدمار الشامل. وتولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة خلال السنوات الست والستين الماضية ثمانية أشخاص وهم النرويجي تريغفي لي خلال الفترة من 1946 إلى 1952 والسويدي داغ همر شولد من 1953 إلى 1961 والميانماري يوثانت من 1961 إلى 1972 والنمساوي كورت فالدهايم من 1972 إلى 1981 والبيروفي خافيير بيريز دي كويلار من 1982 إلى 1991 والمصري بطرس بطرس غالي من 1992 إلى 1996. والغاني كوفي عنان من 1997 إلى 2006والأمين العام الحالي الكوري بان كي مون من 2007م حتى الآن. مواقف مشرِّفة وسجّلت المملكة عبر منابر الأمم المتحدة مواقف تاريخية مشرِّفة، فقد كانت وما زالت تدعو إلى كل ما فيه خير البشرية جمعاء فقد دعت إلى حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون ونشر ثقافة السلام ومبادرات الحوار فيما بين الثقافات والشعوب وعدت هذه عناصر أساسية في أي إستراتيجية فاعلة لمكافحة الإرهاب والتطرف وأكدت أن احترام قرارات الشرعية الدولية ومبادئها هو السبيل الوحيد لحل النزاعات الدولية المزمنة والقضاء على بؤر التوتر مما يحرم الإرهابيين من استغلال مشاعر اليأس والإحباط الموجودة بسبب التعرض للظلم والعدوان والاحتلال. الاعتذار وكان لاعتذار حكومة المملكة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته وتحمّل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين، أكبر الأثر ولاقى ردود فعل إيجابية، وترجم إيمانها بأن التزام جميع الدول الأعضاء التزاماً أميناً وصادقاً ودقيقاً بما تراضت عليه في الميثاق هو الضمان الحقيقي للأمن والسلام في العالم. الالتزام الجماعي وعبّرت المملكة في كلماتها أمام دورات للأمم المتحدة السابقة عن إيمانها بأهمية الالتزام الجماعي الكامل بالمبادئ الأساسية للأمم المتحدة والأهداف النبيلة التي من أجلها وضع ميثاقها، والمتمثلة في تنظيم العلاقات الدولية وتحقيق الأمن والسلام في العالم، واحترام مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية, ونبذ العنف والتطرف بجميع أشكالهما وصورهما. وأكدت على أن قدرة المنظمة على القيام بمهامها مرتبط بمدى توفر الإرادة السياسية لأعضائها لوضع ميثاقها وما تضمنه من مبادئ موضع التنفيذ العملي. تحديث كما أكَّدت المملكة على أهمية تحديث الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها وتطويرها للقيام بدورها المطلوب، ورأت أن الإصلاح الحقيقي يتطلب إعطاء الجمعية العامة دوراً أساسياً في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. ولا تزال المملكة تؤمن بأن أي تطوير لهيكلة مجلس الأمن يجب أن تكون غايته تعزيز قدرات المجلس ليقوم بدوره على نحو فعّال وفق ما نص عليه الميثاق، ومن هذا المنطلق ترى ضرورة البعد عن ازدواجية المعايير في سياق السعي لتحقيق أهداف ومقاصد الميثاق، كما تؤكّد على أهمية اقتران ذلك بتوافر الجدية والمصداقية عبر احترام مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية. ومن الإصلاحات المهمة في هذا المجال أن يتم تقييد استعمال حق النقض بحيث تتعهد الدول دائمة العضوية بعدم استخدامه فيما يتعلّق بالإجراءات التي يقصد بها تنفيذ القرارات التي سبق لمجلس الأمن إقرارها، ومن المهم كذلك تعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ودعم التنسيق بين صناديق الأمم المتحدة وبرامجها وأنشطتها. دعم تؤكد المملكة دائمًا حرصها على العمل على دعم منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بوصفها تشكل إطاراً صالحاً للتعاون بين الأمم والشعوب ومنبراً مهماً للتخاطب والتفاهم ووسيلة فاعلة لفض المنازعات وعلاج الأزمات، كما تؤكّد المملكة على حقيقة أساسية تتمثَّل بمقدرة هذه المنظمة على القيام بجميع تلك الأدوار وتلك الأعباء تظل مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها موضع التنفيذ الفعلي والعملي. الملك سعود في عام 1957 ألقى الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- كلمة في هيئة الأمم المتحدة أكَّد خلالها أن البشرية علّقت أكبر الآمال وأعزها على الأمم المتحدة، بما بشّر به ميثاقها منذ أكثر من أحد عشر عاماً بفجر عهد جديد من السلام والحرية والأمل بين جميع الشعوب، ولقد وجدت مبادئ الميثاق في الأمم المتحدة تجاوباً صادقاً وترحيباً حاراً من أمتي، ونحن قوم مسالمون بطبعنا، ولا شك أن الكثيرين منكم يعرفون أن معنى الإسلام هو السلام، وأن تحيتنا اليومية هي تمني السلام بعضنا للبعض الآخر. مبادئ التعاون الدولي وشدَّد الملك سعود -رحمه الله- على أن شريعتنا الإسلامية قد سجّلت منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً أن الناس سواسية، وقد خلقهم الله شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويتعاونوا، فوضعت بذلك مبادئ التعاون الدولي، والسلم الدائم، والأمن المتبادل، وقواعد رد العدوان ونصرة المظلوم. وقال سموه نؤمن بالقيم الإنسانية والروحية، وبالمثل الأخلاقية، وبحق كل إنسان في الحياة الحرة الكريمة الآمنة، والتعاون المثمر الصادق بين البشر لخيرهم المشترك. تنظيم علاقات الشعوب ومضى الملك سعود -رحمه الله- في القول: من أجل هذا كان من الطبيعي أن يحدونا الرجاء، وتصبح مبادئ الأمم المتحدة الدستور المنظم لعلاقات الشعوب لا فرق بين كبيرها وصغيرها، وأن تزول أسباب المنازعات بين الدول، فتتحرر من الخوف وخطر العدوان، وتنصرف إلى الأعمال الإنشائية، والوصول إلى بناء مجتمع سعيد، ولكن سياسة السيطرة والتمسك بالنزعات العتيقة البالية هي التي كثيراً ما ألقت بالإنسانية في أتون الحروب وسببت الآلام والدمار والاضطراب في نفوس، فتنكبت مبادئ العدالة التي أتى بها ميثاق الأمم المتحدة، وبذلك ضلت السبيل القويم، وأخطأها التوفيق، وبهذه السياسة الخاطئة يكمن أصل حالة التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار التي تتردى فيه الإنسانية الآن، وهي علة الحرب الباردة التي نشهدها اليوم، ومنها التسابق في التسلح الذي يستنزف كثيراً من موارد البشرية، ويوجهها إلى أعمال التدمير والتخريب، وهي أساس ما عاصر الأمم المتحدة من عدوان وقتال وضغائن وأحقاد في بعض مناطق العالم. شرور الأزمات وأضاف الملك سعود -رحمه الله- أن الرجوع إلى حظيرة الأمم المتحدة، ورد علاقات الدول والشعوب إلى مبادئها وتعاليمها، والتمسك بأحكام ميثاقها نصاً وروحاً، وتمكين الشعوب المطالبة بحقها في الحرية والاستقلال من تقرير مصيرها، هو السبيل الوحيد لتجنيب الإنسانية شرور الأزمات، وويلات الحروب، وافتتاح عهد جديد من السلام الحقيقي، والتفاهم المتبادل في علاقات الأمم، عهد تسوده المحبة والتعاون الصادق لخير البشرية جمعاء. إحياء الآمال وقال الملك سعود -رحمه الله-: من حسن حظ الإنسانية فقد شهدنا في هذه المنظمة في الأيام الأخيرة انطلاقاً أحيا الآمال، وأعاد إلى النفوس بعض الثقة، ولمسنا منها تصميماً مشكوراً على التمسك بمبادئها، والسير بها في الاتجاه القويم، وكان للجهود التي بذلها ويبذلها أمينها العام مستر داج همرشلد أثر محمود نحو هذه الغاية تستحق التقدير والثناء، وخالص الرجاء أن تثابر الأمم المتحدة على التمسك بمبادئها، وعلى استلهام مثل العدالة، واحترام حقوق الإنسان التي أكدها ميثاقها في كل أعمالها، مع الإصرار في عزم وتصميم على أداء رسالتها السامية، والمحافظة على الأمن والسلام الدوليين، وبذلك ستعيد هيبتها، وتصبح موئل الإنسانية عن حق وجدارة. الملك فيصل وفي كلمة ألقاها الملك فيصل -رحمه الله- أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال إن السيادة القومية التي هي حجر الأساس في ميثاق الأمم المتحدة تدعمت بانضمام هذه الدول، وإذا ما عادت بي الذاكرة إلى مؤتمر سان فرانسيسكو عندما اجتمعنا لوضع أسس هذه المنظمة الدولية، فإنه يسعدني أن أجد الأمم المتحدة اليوم وقد تضاعف الأعضاء فيها، وإنني لممنون جداً بأن الكثير من الشعوب في إفريقيا وآسيا قد نالت حريتها واستقلالها، ولي وطيد الأمل في أن تزداد عضوية هذه المنظمة بتوالي انضمام الأمم التي تنال استقلالها، كما أن من واجبنا الاستمرار في جهودنا من أجل أولئك الذين يتوقون إلى الحرية والاستقلال، وإذا كان لا بد من أن نعمل من أجل أنقولا المستقلة الحرة، فكذلك لا بد من أن نوحّد قوانا لاقتلاع التمييز العنصري وخاصة في جنوب إفريقيا، أما الكونغو فإننا نعتقد أن الوحدة القومية لتلك البلاد لا بد من أن تُصان وتحترم، ولأن تكون الأمم المتحدة جديرة بالبقاء وبمبادئ ميثاقها، فعليها أن تضمن العدالة والسيادة القومية للجميع، وأن تجتهد في منع خرق مبادئ القانون الدولي، وجميع المبادئ التي أعلنت عنها الأمم المتحدة. الملك عبدالله ومن مشاركات المملكة في منابر الأمم المتحدة مشاركة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في قمة الألفية التي نظمتها هيئة الأمم المتحدة بمقرها في نيويورك عام2000م (حين كان ولياً للعهد)، وفيها ألقى - رحمه الله - كلمة قال فيها: إن بلادي تعتز بأنها إحدى الدول المؤسسة لهذا الصرح الكبير الأمم المتحدة وتفخر بأنها كانت وما زالت عضواً نشطاً وفعَّالاً تجاه أعمالها ومهامها وتؤكّد اعتقادها الراسخ أن الأمم المتحدة تبقى أمل البشرية الأكبر بعد الله جلّ جلاله في تحقيق تجنب الأجيال القادمة ويلات الحرب رغم ما قد يشوب آليات العمل من شوائب أو يعترضها من عقبات أو صعاب». مواكبة المستجدات وأضاف الملك عبدالله -رحمه الله- في كلمته «إن حكومة المملكة العربية السعودية تنوّه بالجهود المبذولة حالياً والهادفة إلى تحديث وتطوير الأجهزة التابعة لمنظمتنا على النحو الذي يمكنها من القيام بدورها المطلوب وبالمستوى الذي يجعلها تواكب التطورات والمستجدات التي تجتاح العلاقات الدولية في الوقت الحاضر». ومن هذا المنطلق فقد يكون من المفيد ونحن نتدارس الأفكار الإصلاحية المطروحة أن نربطها بطبيعة القضايا التي تتصدى لها هيئتنا وأن تراعى تأثيرات هذه الإصلاحات أو التغيّرات على فعالية وأداء أجهزة الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن الدولي بوصفه الجهة المعنية عناية مباشرة بمسألة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين». الإرادة السياسية وأكّد الملك عبدالله -رحمه الله- في كلمته الموجهة لقمة الألفية ضرورة توفير الإرادة السياسية لتحقيق مبادئ الأمم المتحدة على الوجه المرجو، وفي ذلك يقول -حفظه الله-: «إن إدخال بعض الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية للارتقاء بأداء الأمم المتحدة وزيادة فعاليتها قد يكون ضروريًا في الحقبة الراهنة إلا أن هناك حقيقة ثابتة وراسخة لا مناص من تجاهلها أو التهرب منها وأعني بذلك أن مقدرة هذه المنظمة على القيام بأعبائها والاضطلاع بمسؤولياتها الثابتة والمستجدة تظل مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها من تطلعات ورؤى موضع التنفيذ الفعلي بما في ذلك الالتزام بما يصدر عن هذه الهيئة من قرارات وتوصيات». التعامل مع الأزمات كما أكّد -رحمه الله- على دعم المملكة لجهود الأمم المتحدة، حيث قال: «إن إيماننا الراسخ بأهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به منظمة الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمات والسعي لتجنيب أهوال الحروب وتهيئة سبل التعاون الدولي يجعلنا أكثر إصرارًا من أي وقت مضى على دعم هذه المنظمة من أجل أن تواصل مسيرتها الخيرة وفقاً لمبادئها وأهدافها السامية». وفى إطار حرص المملكة على تكريس هذا الدور وتعزيز التعاون الدولي فقد قامت بالتوقيع والتصديق على العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تم التوصل إليها بتشجيع ورعاية من الهيئة الدولية. الأمير سلطان وامتدادًا لدور المملكة المهم في المحافل الدولية شارك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام -رحمه الله- في أعمال القمة العالمية التي استضافتها المنظمة الدولية عام 2005م بمناسبة مرور ستين عاماً على إنشائها وذلك في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، حيث أكد سموه أن المملكة العربية السعودية وبحكم دورها في الساحة الدولية وكونها حاضنة للحرمين الشريفين موئل أفئدة المسلمين حريصة كل الحرص على الإسهام في نجاح هذا التجمع التاريخي. وشدد سموه على أن العالم أحوج ما يكون إلى أمم متحدة فعّالة وقادرة على النهوض بمهامها في تحقيق الأمن والسلم الدوليين والتنمية المستدامة في العالم وضمان حقوق الإنسان في إطار احترام الخصائص الذاتية للمجتمعات والثقافات المتعددة. رفض الإرهاب وأبرز الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- تأكيد المملكة رفضها وشجبها للإرهاب بصوره وأشكاله كافة معرباً عن أمله أن توافق الجمعية العامة على تشكيل فريق عمل لدراسة توصيات المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض مؤخراً وخرج بتوصيات عملية لمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله ومنها دعم مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب والذي لقي تأييداً دولياً واسعاً. أمم فعَّالة وقال الأمير سلطان - رحمه الله - إن هذه القمة العالمية تجتمع بعد خمس سنوات من قمة الألفية وما زالت الأهداف التي سبق الاتفاق عليها تستدعي المزيد من العمل لتحقيقها، فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى أمم متحدة فعَّالة وقادرة على النهوض بمهامها في تحقيق الأمن والسلم الدوليين والتنمية المستدامة في العالم وضمان حقوق الإنسان في إطار احترام الخصائص الذاتية للمجتمعات والثقافات المتعددة. التنمية المستدامة وبيّن -رحمه الله- أن المملكة تولي أهمية كبرى لقضايا التنمية المستدامة وقد حظيت التنمية البشرية فيها بالجانب الأكبر من الإنفاق مما مكّن المملكة من بلوغ مستويات متقدمة في تحقيق الأهداف التنموية للألفية. كما أسهمت المملكة في دعم جهود التنمية في الدول النامية، إذ بلغ معدل ما قدّمته سنوياً من عون إنمائي خلال العقود الثلاثة الماضية 4 % من إجمالي ناتجها المحلي السنوي استفادت منه ثلاث وثمانون دول نامية واحتلت المملكة بذلك المرتبة الأولى عالمياً. كما دأبت المملكة على تقديم الدعم المادي والمعنوي لهيئات ومؤسسات التنمية المتعددة الأطراف سواء العربية أو الإقليمية أو الدولية بالمساهمة في رؤوس أموالها وفي دعمها إدارياً وفنياً وتلعب هذه المؤسسات دوراً فاعلاً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان النامية، وتفوق مساهمة المملكة في العديد من هذه الهيئات (وبخاصة الإقليمية منها) مساهمات الدول الأخرى ويبلغ إجمالي مساهمة المملكة في هذه المؤسسات أكثر من أربعة وعشرين مليار دولار أمريكي. خفض الديون وأشار الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى أن المملكة تأتي في المرتبة الثانية عالمياً في حجم تحويلات العمالة بعد الولايات المتحدة الأمريكية ولا تخفى أهمية هذه التحويلات باعتبارها مصادر مهمة للنقد الأجنبي وللموارد المالية في الدول المصدرة للعمالة. وفي مجال تخفيف أعباء الديون عن الدول المثقلة بها فقد بادرت المملكة بإلغاء أكثر من ستة بلايين دولار أمريكي من الديون المستحقة لها على عدد من الدول النامية الأقل نمواً، كما قدمت إعفاءات للدول المؤهلة للمبادرة الدولية الخاصة بخفض الديون. ومن هذا المنبر ندعو الدول المتقدّمة للوفاء بتعهداتها بتخصيص نسبة 0.7 % من دخلها القومي للمساعدات التنموية. وفي هذا الخصوص نؤكد على أهمية أن تحظى الجهود المبذولة لتحديد مصادر مبتكرة لتمويل التنمية على إجماع دولي حيالها وألا تكون متحيزة ضد موارد بلدان نامية أخرى. كما ندعو إلى فتح أسواق الدول المتقدمة لصادرات الدول النامية وتمكين الدول الراغبة في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ومنها بلادي ومنحها المرونات الكافية التي تتناسب وظروفها التنموية. خطر الإرهاب وأكّد الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - أن خطر الإرهاب يهدّد العالم أجمع مما يوجب تضافر الجهود لمكافحته وقد أكدت المملكة العربية السعودية رفضها وشجبها للإرهاب بصوره وأشكاله كافة وقد عانت المملكة من الإرهاب وتصدت له بكل قوة لأن هذا هو ما تمليه علينا عقيدتنا وتراثنا وأخلاقنا؛ فالإسلام دين أمن وسلام ودين تعاون بين البشر والإسلام بكل مبادئه يحرم الاعتداء على الإنسان ويقول الله عزَّ وجلَّ {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} كما يقول في محكم كتابه {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}. ومن أجل تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال فقد نظمت المملكة في شهر فبراير الماضي مؤتمراً دولياً لمكافحة الإرهاب وأكد ( إعلان الرياض) الصادر عن ذلك المؤتمر على وحدة الإرادة الدولية في مواجهة الإرهاب والتطرف وخرج بتوصيات عملية لمكافحته وتجفيف مصادر تمويله ومنها دعم مقترح الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب والذي لقي تأييداً دولياً واسعاً. وفي هذا الإطار يسر المملكة أن تتقدم بمشروع قرار للجمعية العامة يدعو لتشكيل فريق عمل لدراسة توصيات ذلك المؤتمر بما في ذلك إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وأملنا كبير في أن تتم الموافقة عليه من أجل تعاون دولي أكبر في محاربة الإرهاب الذي لا جنسية له ولا قومية ولا دين. ازدواجية المعايير وشدّد الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- على أن تحقيق الأمن والسلام يتطلب الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتجنب ازدواجية المعايير في القرارات، وتجدد المملكة دعوتها لجعل منطقتي الشرق الأوسط والخليج خاليتين من أسلحة الدمار الشامل، كما تؤكد أن احترام قرارات الشرعية الدولية هو السبيل لحل النزاعات الدولية ومن هنا تأتي أهمية دعم مسيرة السلام في الشرق الأوسط. فلسطين وفي قضية الصراع العربي - الإسرائيلي أكدت المملكة أن هذا الصراع يهيمن ويطغى على كل قضايا الشرق الأوسط، فلا يوجد صراع إقليمي أكثر تأثيراً منه على السلام العالمي، وأن المستعمرات الإسرائيلية تقوض احتمالات قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة. وترى المملكة أن بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل ودائم لخمسة وستين عاماً والتي نجم عنها عدة حروب هددت الأمن والسلم العالميين لدليل ساطع وبرهان دامغ على عجز مجلس الأمن وفشله في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية ليعد دليلاً وبرهاناً دامغاً على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمّل مسؤولياته. سوريا كما أن المملكة ترى السماح للنظام الحاكم في سوريا بقتل شعبه وإحراقه بالسلاح الكيماوي على مرأى ومسمع من العالم أجمع وبدون مواجهة أي عقوبات رادعة لدليل وبرهان آخر على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته. أخيراً أخيراً.. لقد حرصت المملكة على بذل قصارى جهدها دوماً سعياً لتحقيق أهداف العمل الجماعي تحت مظلة الأمم المتحدة انطلاقاً من إيمان المملكة الراسخ بمبادئ وأهداف العمل الجماعي، ولاسيما أن المملكة من الدول المؤسسة لميثاق الأمم المتحدة عام 1945م. ويؤكد وفودها مجدداً على أهمية مواكبة المستجدات والمتغيّرات على الساحة الدولية من خلال تطوير آليات العمل في الأمم المتحدة وإصلاح مجلس الأمن ودعم أعمال الجمعية العامة وتعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
مشاركة :