تعتبر العادات والتقاليد وبعض السلوكيات سبباً للكثير من المشاكل الصحية، وكل يوم يكشف لنا العلم والأبحاث الميدانية الحديثة الكثير من الأضرار نتيجة بعض العادات، ومع التقدم التكنولوجي الكبير تظهر لنا سلوكيات جديدة تضاف إلى قائمة العادات، وسنتناول بعض هذه العادات تفصيلياً لمعرفة ما هو مضر للصحة العامة لجسم الإنسان، ومن هذه السلوكيات المنتشرة في مجتمعاتنا استخدام معطرات الجو لإضفاء رائحة ذكية وجيدة على المكان، وخلق جو من الانتعاش والجمال في المكاتب والمنازل والفنادق. تستخدم المعطرات أيضاً للتخلص من الروائح غير المرغوب فيها والكريهة التي تصدر عن دورات المياه، وأيضاً تستخدم للتغطية على الروائح التي تصدر عن إعداد الطعام والطهي، و يمكن أن تستخدم للتخلص من رائحة السجائر والشيشة، إلا أنها في نفس الوقت تعتبر مصدراً لنشر الملوثات الكيميائية الصناعية في الجو، ما يسبب نوعاً من التلوث الذي يضر بالصحة العامة للأشخاص، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بالكثير من الأمراض الخطيرة، ويمكن أن تصل إلى درجة الوفاة، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن معطرات الجو تمثل خطراً كبيراً على الأطفال والسيدات الحوامل أيضاً، وتسبب مشاكل في التنفس وتزيد من أزمات الربو عند الأشخاص الذين يعانون بعض أمراض التنفس والحساسية. واستخدام معطرات الجو في المنازل المغلقة والتي لا يتجدد بها الهواء، يجعل التلوث مركزاً والهواء محملاً بكثير من السموم، فتقل جودته ويصبح مضراً بالأشخاص الموجودين في هذا المكان، تدخل كميات من هذه السموم جسم الإنسان، لأن هذه المعطرات يدخل في تركيبها غاز الفورمالديهايد، والذي يتميز بخاصية انعدامية اللون مع قوة الرائحة، ومن وظائف هذا الغاز ومهامه الرئيسية استمرارية وجود رائحة المعطر أطول فترة زمنية ممكنة، ومن أضراره البالغة أنه يساهم في تدمير الجهاز التنفسي للإنسان مع كثرة الاستعمال، وأيضاً يعمل على ضعف حاسة الشم أو تدميرها بالكامل، كما أثبتت الدراسات أن بعض الغازات الأخرى المستخدمة في مكونات المعطرات تؤدي إلى إصابة المستخدمين بأمراض السرطانات، وتدمر الرئتين، وتسبب الإصابة بمرض الربو وتزيد من حدته وأزماته، غير الإصابة ببعض أمراض الحساسية بسبب هذه الغازات التي تثير الجهاز العصبي، وربطت بعض الدراسات الحديثة بين الإصابة بأوجاع المعدة عند الأطفال وآلام الأذن وبين استخدام المعطرات، كما أن هذه المعطرات تسبب الإصابة بالصداع النصفي عند التعرض لها باستمرار، خاصة بين النساء والأمهات. وسجلت الأبحاث العلمية نسباً مرتفعة جداً من الإصابة بالكثير من الأمراض الرئوية، إضافة إلى الإصابة بأعراض أمراض كثيرة بسبب التعرض إلى معطرات الجو، ووجدت الأبحاث أن التعرض للمواد الكيميائية الموجودة في مكونات المعطر مرة واحدة أسبوعياً يزيد من حدة أعراض الربو بنسبة 75 %، كما أن الأشخاص المعرضين لهذه المعطرات تصبح لديهم نسب عالية في الدم من مادة ثنائي كلورو البنزين، وهذه المادة ترتبط بعلاقة ما في الإصابة بهبوط واضح في وظائف الرئة، وتحتوي الكثير من أنواع معطرات الجو على كميات مختلفة من مادة phthalates، وهذه المادة الكيميائية لها تأثير سلبي في الخصوبة، وأيضاً قد يكون لها علاقة في الإصابة بمرض السرطان، كما ثبت أن انتشار المعطرات في غرف سيئة التهوية يعرض الأشخاص لمادة الفورما لديهايد، وهذه المادة ثبت بالدراسات الميدانية والأبحاث أنها تصيب الحيوانات بالسرطان وتحدث تهيجاً شديداً للجهاز التنفسي للإنسان، وتؤدي إلى إصابة الأطفال بمشاكل صحية كبيرة وأعراض غير طبيعية، إضافة إلى أضرار بالغة على الأم الحامل، حيث ينصح الأطباء بتجنب الحوامل مصادر المعطرات الجوية قدر الإمكان أثناء فترة الحمل، وكذلك ابتعاد الأطفال الرضع عن الغرف التي بها معطرات الجو، حفاظاً على الجهاز التنفسي للصغير، والذي لم يكتمل بالصورة الطبيعية، وقد يتضرر بالغ الضرر من جراء تعرضه لهذه المواد الكيميائية الموجودة بمعطرات الجو. وكشفت الدراسات أن ما يقرب من 66 مادة كيميائية مختلفة تدخل في مكونات معطرات الجو، وهذه المواد تعتبر من مسببات الإصابة بمرض السرطان، وتؤثر سلبياً في الصحة الإنجابية، ووجدت دراسة أن تنفس المواد العضوية المتطايرة الناتجة من استخدام معطرات الجو في المنازل له علاقة بزيادة حالات الإصابة بآلام الأذن وحالات الإسهال عند الأطفال، وإصابة الأم بحالة من الاكتئاب. وفي دراسة جديدة عن معطرات الجو وجدوا أن بعض المواد التي تنبعث عنها مواد كيميائية ومصنفة ضمن المواد السامة الخطرة، هذه المواد لا يتم إدراجها في قائمة المواد المكونة لهذه المنتجات، ومن بينها مواد تسبب السرطانات بدون مستوى أدنى للتعرض، ونشر بحث حديث أن 25 في المئة من العامة و38 في المئة من المصابين بمرض الربو عند التعرض لمعطرات الجو يعانون صعوبات بالتنفس وصداعاً نصفياً شديداً في الرأس، كما أن معطرات الجو لها آثار سلبية على الجلد فتسبب حالة من حساسية الجلد والتهيج والاحمرار، وقد تصاب العيون بالحساسية أيضاً مع تهيج للممرات الأنفية. كما أوضحت الدراسات أن الفثالات التي تحتويها معطرات الجو تؤثر في معدلات ومستويات هورمون التستوستيرون، ما قد يؤدي إلى حدوث بعض التشوهات في الجهاز التناسلي، وبالتالي حدوث انخفاض في معدلات الحيوانات المنوية للرجل، والخطورة أكبر في المعطرات المعبأة في علب معدنية، فتحدث تأثيراً أكبر في الجسم، وتسبب مادة الفورما لديهايد حرقاناً وتدميعاً بالعين وحرقاناً بالحلق والأنف والأغشية المخاطية وأزمة بالصدر، وصعوبة في التنفس وأزمات ربو وشعوراً بالغثيان، وأيضاً تعتبر مسبباً رئيسياً في الإصابة بالسرطان، ومن المواد الأخرى المكونة للمعطرات المنتجات الصادرة عن تقطير البترول، فهي تسبب أيضاً أزمات الربو الحادة ومشاكل كبيرة في الجهاز التنفسي، وتؤدي إلى الإصابة بالالتهاب الرئوي نتيجة التعرض لهذه المواد الكيميائية، كما تسبب ضموراً بأجزاء من الرئتين، وتستخدم مادة الإيروسول، وهي مادة معروفة بتأثيرها السلبي في طبقة الأوزون، إضافة إلى أنها تزيد من احتمالات إصابة الإنسان بأمراض السرطان، وتسبب مشاكل في الجهاز التنفسي وإصابته بأمراض مزمنة، وأيضاً تدخل ضمن تركيب مكونات المعطرات مادة الكلوروبنزين، وهذه المادة تسبب فقدان الشهية، وتؤدي إلى ضمور بعض خلايا الكبد وأنسجة الجلد. ومع الانخفاض الكبير في أسعار معطرات الجو أصبحت منتشرة في مختلف الأسواق، وسهل ذلك من الحصول عليها، وأصبحت في أغلب مركباتها تعتمد على المواد الصناعية، فتصل إلى نحو 97 في المئة منها مواد كيميائية مشتقة من البترول، إضافة إلى بعض الملوثات الأخرى التي تؤدي إلى الإصابة بالسرطانات والتشوهات الخلقية، وحدوث مشاكل في الجهاز العصبي، كما أن الخطورة أيضاً من انتشار المعطرات التجارية السيئة الصنع في المنازل والمحلات والمولات التجارية، ولم تترك حتى عيادات الأطباء وانتشرت في المستشفيات، إضافة إلى معطرات الجو والروائح التي تضاف إلى مساحيق الغسل وإلى سوائل التنظيف المعطرة، والتي تباع بسعر زهيد، ما يدل على أنها تصنع من مواد رديئة. وتظهر نتائج الأبحاث الحديثة أن معظم هذه المنتجات المتنوعة من المعطرات تحتوي على مركبات كيميائية صناعية، يمكن أن تحدث تحولات في تركيبة الحمض النووي للإنسان، حتى إن أنواع البخور المستخدمة أيضاً في تعطير الأماكن قد تكون خطيرة أكثر من تدخين الشيشة والسجائر، وتحدث طفرات سرطانية في الأحماض النووية للأشخاص. وشملت دراسة حديثة أجريت على أكثر من 15 ألف شخص لمعرفة تأثير استنشاق هواء محمل بمعطرات الجو، وأيضاً أنواع من الشموع المعطرة، وتوصلت النتائج إلى أنها تؤدي إلى تسمم الحمض النووي للمستخدمين، إضافة إلى تأثير مجموعة كبيرة من المواد الخطرة والمسممة التي تشملها مكونات هذه المعطرات، والتي تسبب بعض التلفيات والأورام فى الرئتين، وتتداخل مع الهورمونات بشكل سلبي، وهذه المنتجات لا تحسن من جودة الهواء كما يعتقد البعض، فكل ما تفعله هو إضافة عنصر جديد للهواء يعطي رائحة ذكية لكنه يعتبر من ملوثات الجو، ويدمر حاسة الشم للمستخدم، وينشر مواد سامة تضر الأنف والرئة ويؤدي إلى مشاكل خطيرة، ولذلك أصدرت جمعيات حماية البيئة قوائم تضم أكثر من 3115 مادة كيميائية تدخل في صناعة مركبات هذه المعطرات، وتستخدمها الكثير من الشركات المصنعة لمعطرات الجو المتنوعة، وتضم هذه القائمة مواد كيميائية تصدر مواد مسرطنة، ومواد أخرى تسبب حدوث خلل في الغدد الصماء، وبعض المواد السامة التي تؤثر في القدرات الإنجابية للمستخدمين، كما بينت الدراسات أن المركب المسؤول عن العطر الموجود في مكونات معطرات الجو يتكون من أكثر من 110 مواد كيميائية، ومعظم هذه المواد تعتبر مواد كيميائية مضرة بجسم الإنسان وصحته العامة. كما أن المواد المكونة لمعطرات الجو تعتبر مكونات سرية غير معلومة، لأنه لا يوجد ملصق على أي منتج مكتوب فيه مكونات هذا المعطر، ولا يوجد قانون ينص على فرض وضع مكونات ومركبات معطرات الجو على منتجات الشركات المصنعة لهذه المعطرات، ما يوفر جواً من الريبة والشك في استخدام مواد رديئة تضر ضرراً بالغاً بصحة الإنسان، وقد تستخدم مواد كيميائية سامة في المعطرات دون أن يعترض أحد أو يتم اكتشاف ذلك، وبالتالي لا يعلم المستخدم طبيعة المواد التي ينشرها في هواء منزله، حيث يوجد الأطفال وأفراد الأسرة، وما هي الكوارث التي يمكن أن تسببها هذه المواد، كما أثبتت العديد من الدراسات أن بعض هذه المواد الكيميائية تعمل على إيقاف الهورمونات المسؤولة عن الصحة الإنجابية لدى الرجال. ونصحت معظم الدراسات بتجنب معطرات الجو الصناعية واستبدالها بمعطرات جو مصنوعة من مواد طبيعية، ومحاولة تنقية الهواء الداخل إلى الرئتين ليست أمراً بسيطاً إنما في غاية الأهمية، وكلما قلل الشخص كمية المواد الكيميائية التي يستنشقها صب ذلك في جانب الصحة الجيدة، كما أن استخدام معطرات الجو ليس بالأمر الضروري والملح للإنسان ولكن يمكن التخلي عنه، وبطرق أخرى يمكن إيجاد بديل آمن لذلك، وهناك الكثير من الحلول السهلة لإيجاد رائحة ذكية وجميلة في المنزل، منها زرع نوع من الزهور النفاذة مثل الريحان والفل والورود الأخرى، أو وضع باقات من الزهور ذات الرائحة الجميلة، أو الزهور المجففة المحتفظة بروائحها، لإضافة رائحة جميلة على المكان، أو يمكن غلي بعض الأعشاب العطرية، وكذلك يمكن تسخين توابل مثل القرفة التي تصدر رائحة مقبولة، فإذا كان في الإمكان أن نحدد مصدر الرائحة الكريهة ومحاولة القضاء على مصدرها، فهذا ، أفضل بكثير من استخدام معطر للتغطية على هذه الرائحة وفي هذه الحالة لن نحتاج لمعطر الجو. وتجديد الهواء باستمرار وفتح النوافذ واستعمال أسلوب التهوية الطبيعي لمحو أي مصادر لروائح الطهي وغيرها، وإذا كان المكان غير جيد التهوية فيمكن استعمال شفاطات الهواء لإبعاد الروائح غير المرغوب فيها، كما يمكن استخدام بيكربونات الصودا فلها قدرة كبيرة على امتصاص كميات كبيرة من الروائح الكريهة، وهناك بعض السيدات اللاتي يستخدمن الليمون كأحد الحلول السحرية، حيث تقوم بتقطيعه إلى أربعة أجزاء ثم تقوم بوضعه في فرن البوتوجاز في فترة تتراوح بين نصف ساعة إلى ساعة تقريباً، ما يساعد على انتشار رائحة الليمون المنعشة والمحببة للكثيرين، وهناك الكثير من الطرق الطبيعية لتحضير معطرات طبيعية مثل تسخين البرتقال أيضاً والقرنفل بنفس الطريقة، وأيضاً الخل من المواد الفعالة في التخلص من الروائح الكريهة برشه على مصدر هذه الروائح، وكلما تجنبنا استخدام معطرات الجو الصناعية بالطبيعية كان افضل لجميع من في المنزل، وحفاظاً على الصحة العامة للأسرة.
مشاركة :