متى كانت آخر مرة تحدثت فيها مع مسلم؟

  • 9/19/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

هافينغتون بوست عربي - ترجمة هل لا يزال الإسلام مفيداً؟ يبدو أن الجواب عن ذلك السؤال بالإيجاب. فالإسلام والمسلمون، هنا في ألمانيا، وفي كل أوروبا، يشهدون على تلك الحقيقة، وبدلاً من بدء جدل علمي حول وسطية الإسلام، فإنني أود أن أعرض فرضية مختلفة: نحن نعاني من مشكلة في الاتصال! هل هناك خبير في الإسلام المعاصر، أكثر شخص يمارس هذا الدين يومياً؟ يتحدث الناس، في الجدل الدائر حالياً حول الدمج، عن بعضهم البعض وليس مع بعضهم البعض؛ لذلك فإننا نحتاج إلى المزيد من التواصل. متى كانت آخر مرة تحاورت فيها فعلياً مع شخص مسلم؟ متى كانت آخر مرة تناقشت فيها حول الدين مع مسلم؟ لكننا لا نتكلم عن الدين، فالدين مسألة شخصية، كذا نقول. إن الحكومة بإمكانها أن تعزز التعاون من خلال القوانين والبحث وتخصيص الأموال من أجل مشاريع الحوار بين الأديان. ومع ذلك، فليس بإمكان الحكومة أن تفرض السلام، تلك مسؤولية الأفراد أن يتواصلوا بصراحة مع بعضهم البعض، وينشئوا شعوراً بالانتماء المجتمعي. يصف "يورغن هابرماس" في نظريته حول الفعل التواصلي، المجتمع بأنه مساحة للتواصل، يكون الأفراد فيها مسؤولين عن قيادة حوار مفتوح، إن المجتمع الذي يفشل في الانخراط في التبادل الفكري، مجتمع يواجه مشكلة، ذلك أن الحوار هو أساس كل مجتمع سلمي. أما الفيلسوف "راينر فورست"، في مفهومه حول التسامح، فقد شرح أن التسامح يشمل ثلاثة مكونات: الاعتراض، والقبول، والرفض. ومن ثم، فإنه ينبغي لنا، من أجل الوصول للتسامح، أن نعيد تقييم أسبابنا للاعتراض، وأن نصل إلى القبول، وصولاً إلى رفض موافقنا المبدئية. إن التسامح يدفعنا إلى الاقتراب من الآخرين على الرغم من أسبابنا المبدئية للابتعاد، كما يسمح التسامح بوجود مواقف مختلفة، حتى بعد تبادل الأفكار، مثل ذلك التنوع ضروري لمجتمع تعددي. هل تعلم إذا ما كان هناك مسجد في حيّك؟ هل سبق أن زرت ذلك المسجد من قبل؟ هل أنت مهتم بزيارته؟ الإسلام مُستَفَز هذه الأيام، ومع ذلك، فهذا الاستفزاز مرجعه الوحيد وجود العديد من التحيز المرتبط بمصطلح "الإسلام." والنقاشات إنما تدور حول هذه التحيزات الخارجية، ولا يعطي أحد نظيره فرصة لتوضيح مواقفه، فنحن نعتقد أن المرأة المحجبة مقهورة والرجل الملتحي إرهابي. متى كانت آخر مرة سمحت فيها لنفسك أن تندهش؟ متى كانت آخر مرة اقتربت من غريب وسألته: من أنت؟ أخبرتني، مؤخراً، إحدى معارفي المحجبات بهذين الموقفين: اتهمها رجل في الشارع، بصوت عالٍ، أنها من أنصار تنظيم الدولة الإسلامية، وقالت لها امرأة في المترو إنها "ليست لديها مشكلة مع المسلمين لكن..." إن هذا هو جوهر مشكلتنا: إننا لا نكتفي بالاعتقاد أننا نعرف ما هو الإسلام، لكننا نقوم أيضاً بالحكم على معتنقي ذلك الدين. إن حواراً مخلصاً، تعدّد فيه المشكلات وتفحص، ويعاد فيه تقييم المواقف، لم يكن ممكناً لوقت طويل. من خبرتي الشخصية في الحوار بين الأديان، يمكنني أن أقول، بثقة، إن تبادل المعتقدات والقيم تجربة شديدة الثراء، إذ تتيح لك التعرف على أشخاص رائعين، لكن ذلك يتطلب شيئاً واحداً: الشجاعة؛ الشجاعة في أن تتغير، والشجاعة في الانخراط في حديث مع الآخر. بالنسبة لي ولمحاوريّ، فإن ذلك عادة ما يعني أنه يجب علينا أن نشرح وأن نبرر معتقداتنا، مثل تلك الحوارات المفتوحة تقودنا حتماً إلى أن نفحص مواقفنا ذاتها، وهو الأمر الذي قد يكون صعباً، يجبرنا الحوار على أن نتساءل: هل لا تزال نفس القواعد ذات معنى؟ هل لا يزال دور الكنيسة المسيحية مفيداً؟ هل يجب علينا أن نمنح المجتمعات المسلمة مزايا مشابهة؟ لو كنا نريد النجاح في دمج الإسلام، فإن ذلك يتطلب حواراً مفتوحاً حول المشكلات الموجودة بالفعل، وتقييماً للحلول الممكنة، ذلك أن الإصلاح لن يحدث إلا عن طريق الحوار. ذلك الحوار يجري الآن بالفعل، لكنه للأسف محصور على النخبة، لِمَ لا تأخذ زمام المبادرة لتقوم وتبدأ حواراً شيقاً؟ ربما تتعلم شيئاً جديداً عن شخص آخر وعن نفسك، ذلك هو التحدي الحقيقي. إن الحوار هو الطريقة المثلى لمنع التطرف، هناك مجموعات من النشطاء، مثل Ufuq.de التي تقود نقاشات حول الإسلام والإسلاموفوبيا في المدارس والمؤسسات الأخرى، مثل تلك الأنشطة تطرح السؤال: كيف نريد أن تكون حياتنا؟ أعتقد أنه ينبغي علينا أن نعمل لتحقيق التعاون، بدلاً من محض التعايش السلبي، جرّب ذلك، اسعَ لحضور تلك النقاشات، إن التسامح والانفتاح لا يعنيان أسلمة الغرب. بالعكس، إن انفتاحاً قليلاً في المترو، والشارع وساحات الرياضية يعزز الثقة، لا يشترط حتى أن يكون ذلك النقاش حول الدين. سوف تلاحظ أن أغلب المسلمين ليسوا أكثر أو أقل تطرفاً من غالبية المجتمع، سواء كنت مسلماً أو غير مسلم، تحدَّ نفسك. إن حرية الدين لا ينبغي أن تفهم بأنها استبعاد للدين من الحوار، على العكس، ينبغي أن نكون قادرين على مشاركة أسباب اعتقادنا الديني. - هذا الموضوع مترجم عن النسخة الألمانية لـ Huffington Post ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :