في الأخبار أن وزارة المالية تدرس تخفيض ضريبة المبيعات استجابه لبعض التوصيات ، ومن يدري فربما كانت ستدرس تخفيض رسوم الجمارك وضريبة الدخل استجابه لتوصيات أخرى. لا بد من الاعتراف هنا بأن المعدل الراهن لضريبة المبيعات البالغ 16% هو من أعلى المعدلات في العالم ، وأن تخفيضها يحسن القوة الشرائية للمواطنين ويسمح بزيادة الاستهلاك والاستيراد إذا كان هذا هو المطلوب. لكن المشكلة أن حصيلة ضريبة المبيعات تسهم بحوالي 65% من الإيرادات الضريبية للخزينة ، وتقدر حصيلتها بأكثر من ثلاثة مليارات من الدنانير سنوياً ، وكل تخفيض بنسبة 1% من ضريبة المبيعات يكلف الخزينة حوالي 30 مليون دينار يجب البحث عن مصدر آخر لتعويضها. حتى بعد الحصيلة الغزيرة لضريبة المبيعات ، فإن الموازنة العامة تشكو من عجز مالي كبير يقارب مليار دينار في هذه السنة ، أي أن المطلوب أفكار وتوصيات لتدبير إيرادات وحلول إضافية للموازنة ، أو تخفيض النفقات العامة ، وليس العكس. على من يضغط على وزارة المالية من أجل تخفيض ضريبة المبيعات ورسوم الجمارك ، أن يدلنا على مصدر جديد للإيرادات لتعويض النقص في الحصيلة الناتج عن تخفيض هذه الضرائب ، وبخلاف ذلك فإنه يكون قد دعا إلى زيادة عجز الموازنة وارتفاع المديونية بنسبة أسرع من نسبة نموها الراهن مما يتناقض مع برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي. هناك مصالح تكمن وراء أي تغيير في سلم الضرائب ، ومن حق أصحاب هذه المصالح أن يطالبوا بما يحقق مصالحهم الخاصة ، ولكن لا يجوز تلبيس المصالح الخاصة ثوب المصلحة الوطنية العليا ، أو الإدعاء بأن المقصود تحفيز النشاط الاقتصادي والطلب الداخلي في السوق المحلية. يبدو أن وزارة المالية تفكر في بلع الطعم ودراسة النسبة الممكنة لتعديل ليس ضريبة المبيعات فقط بل رسوم الجمارك على المستوردات أيضاً (بما لا يؤثر على إيرادات الخزنية)!. ليس هناك طريقة لتخفيض ضريبة المبيعات ورسوم الجمارك دون أن يؤثر ذلك على إيرادات الخزنية ، وبالنتيجة فإن المطلوب من عملية الإصلاح الاقتصادي هو الوصول إلى حالة الاستقرار المالي ، وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة قبل المصالح الخاصة بالأفراد والشركات ، ذلك أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يتطلب زيادة الإيرادات المحلية وليس تخفيضها. الراي
مشاركة :