قصة «ذئب وول ستريت» الحقيقي: جمع 50 مليون دولار من «الاحتيال» وعمره 26 عامًا

  • 9/20/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

«اسمي جوردن بيلفورت، حينما بلغت السادسة والعشرين من العمر أصبح لدي 50 مليون دولار»، في أواخر عام 1998، داخل أسوار السجن الفيدرالي، حيثُ قضى المتهم، جوردان بلفورت، 22 شهرًا في السجن، بعد التوصل إلى اتفاق مع مكتب التحقيقات الفيدرالية، إثر اتهامه بالاحتيال بالأسهُم وغسيل الأموال، وشراء أسهم لا قيمة لها، وهي التُهم التى أهلته لقضاء وقتًا لابأس بهِ في السجن. قضى بلفورت أيامهُ الأولى في السجن، كأي متهم عادي، وبعد أيام مرّت عليه وحيدًا، بدأ يحكي لرفيقهُ في الزنزانة، Tommy chong قصة حياته، بدءً من كونه شابٌ فقير يتجول في شارع «وول ستريت»، وهو أحد شوارع «مانهاتن» بالولايات المتحدة الأمريكية، المُخصصة للبورصة، ويُعرف بشارع «المال والبورصة»، حيثُ لا مكان للفقراء على أرصفته، كان رفيقه ينصت إليه بإهتمامٍ بالغ، مغامراتٌ وأحداث يشيبُ لها الولدان، إلى أن اقترح عليه كتابة قصة حياته على الورق الأبيض، بغرض التوثيق. وبعد انتهاء مدة العقوبة، دفع بلفورت غرامة قدرها 110 ونصف مليون دولار، كتعويض للمساهمين في الأسهم الذين احتال عليهم، وبعد عدة سنوات، أصدر بيلفورت مذكراته التى كتبها في السجن، في كتابين انتشرا في جميع أنحاء العالم، وترجما إلى أكثر من 18 لغة، ليُصبح بلفورت فيما بعد، متحدثًا تحفيزيًا في المؤتمرات، يُدفع له مئات الدولارات لحضور محاضرة واحدة يُلقيها، ليؤكد على ضرورة أن يكون عبرة للأغنياء والفقراء، حتى لا يقعوا في نفس الأخطاء. لم يكُن نجاح مذكرات بلفورت أمر مثير للدهشة فقط، بل تحول تلك المذكرات لتصبح الفيلم الأمريكي الأشهر، The Wolf Of Wall Street ، والذي جسد دور البطولة فيه الممثل، ليونارديو ديكابريو، موضحًا العالم الذي غرق فيه جوردان بلفورت، من احتيال وتلاعُب بالأسهم وقضايا فساد مالي، في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي. «المصري لايت» يرصُد لكم قصة «ذئب وول ستريت»، جوردان بلفورت، وفقًا لمذكراته الشخصيّة، والمعلومات التى وردت في موقع «history vs hollywood»، والحوار الذي أجراه إدوارد آتوود مع بلفورت عبّر الهاتف. على أرصفة شارع «وول ستريت»، كان يتجوّل الشاب، جوردان بلفورت، بين الوسطاء الماليين، بحثًا عن سلم يقوده إلى طريق الثراء، فيما كان يبلغ من العمر 22 عامًا، شابًا يافعًا، يمتلك قدر لا بأس به من الذكاء، وقدرًا كبيرًا من مهارات «النصب والاحتيال». وبعد بحث في الشارع استمر لعدة أيام، التقى بلفورت بأستاذه، مارك هانا، الذي علمه مبادئ السحر بالأموال، وجعله يُتقن اللعب مع الكبار، كمّا أخبره بضرورة تناول المخدرات والكحول، كي يستمر في العمل والنشاط، ويقدر على اقناع العملاء بالمكاسب والأرباح «الوهمية» عند المُتاجرة بالأسهم عدة مرات. تعرف بلفورت بعدها على أسرار البورصة، وأصبح سمسارًا للأسهم المرخصة، وفي أول يوم له بالعمل، وتحديدًا في ظهيرة يوم الاثنين، من شهر أكتوبر 1987، الذي سُمى فيما بعد بـ «الأسود»، حيث انخفض مؤشر البورصة بنسبة كبيرة، ليصبح أكبر انهيار عرفته أسواق البورصة، منذ أزمة 1929، ما أدى إلى إغلاق الشركة التى كان يعمل بها بلفورت. ذهب بعدها بلفورت إلى إحدى شركات التى تبيع أسهمها بسعر أرخص، وتعطي عمولات كبيرة للسماسرة، لمعرفتها بعدم بيع أسهمها، في وقت أصبحت فيه أسواق البورصة مصدرًا لقلق العديد من العملاء، ولمعرفته بخبايا البورصة، وكيفية اللعب بأمزجة وأهواء الزبائن، بدأ بلفورت يبيع ما قد وصفه هو بـ «القمامة»، لانعدام قيمة أسهمه، وهو ما أثار إعجاب الزملاء، واحترام المُديرين. وأسس بلفورت فيما بعد شركة خاصة بهِ، تعمل بنظامه الخاصة، والذي سُمى بـ «المنحرف»، فيما وصف بلفورت بـ «الوغد»، واعتمدت الشركة على نظام BOILER ROOM، التى عُرفت بإسم «غرفة المرجل»، وترجمتها الحرفية هي غرفة السخان أو المرجل، حيث تشير إلى مكاتب غير مرخصة ولا مسجلة يقوم فيها الوسطاء وبشكل مكثف بالاتصال بالعملاء بهدف إقناعهم بالاستثمار في أسهم رخيصة الثمن مدعين تأمين عوائد مرتفعة جدا مع وعود بأن المخاطر شبه معدومة. ويعتمد الوسيط في إقناعه للعملاء على طرق فاسدة وغير شرعية، ويطالب برد سريع، مهددين العملاء المترددين بأنهم يضيعون فرصة العمر. وعادة ما تكون هناك علاقة بين مديري الـBOILER ROOM  وأصحاب الشركات التي يحاولون بيع أسهمها، بحيث يتم بيع الأسهم لمجموعة من المستثمرين ومن ثم إلزامهم بالاحتفاظ بها، خاصة وأنه لا سوق حقيقية لهذه الأسهم. بعدها يتم الترويج لهذه الأسهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني من خلال الـ BOILER ROOM ما يوّلد الطلب عليها ويسمح لأصحاب الشركة ببيع أسهمهم مقابل أرباح مرتفعة. ويشار إلى أن جمعية الإداريين للأوراق المالية في أميركا الشمالية تقدر أن المستثمرين يخسرون 10 مليارات دولار سنويا لعمليات الاستثمار الفاسدة عبر الهاتف، أي ما يترجم إلى مليون دولار في الساعة. وتمتع بلفورت بكل ما يمكن تخيله من نجاح ومال ونمط حياة ومُخدرات، وقد بنى أكبر دار سمسرة خاصة في الولايات المتحدة خلال فترة أعوام الثمانينات والتسعينات هي دار «ستراتون أوكمنت» التي كانت توظف ما يزيد ن 1000 سمسار والتي جنى من خلالها ثروة حقيقية. كان ذلك هو حلم بلفورت، الثراء الفاحش، وتجمُع النساء حوله، وتناول المزيد من المخدرات والكحوليات، كما قال عندما سأله إدوارد توود، في الحوار الذي أجراه معهُ عبّر الهاتف: «النساء، النساء والمزيد من النساء. هكذا كانت الأمور، فعندما كنت شابا في الـ 21 من العمر، وقعت في حب فتاة حسناء وقررت أن أجني الكثير من المال لكي يكون لدي فتيات جميلات كما هو حال الكثير من الشباب، إذا كانوا صادقين مع أنفسهم». وأضاف ضاحكًا: «سارت الأمور جيدا، وكنت ناجحا مع النساء، كان لدي الكثير من النساء عندما كنت غنياً، وقد أبليت بلاء حسناً في هذا الجانب. أعرف أن ما أقوله يظهرني متحذلقا، لكن ذلك كان أحد دوافعي، ومع تقدمي في السن أصبح لدي أطفال وأردت أن أضمن مستقبلهم وما إلى ذلك. لكن في البداية كان الهدف هو الوصول إلى النساء الجميلات وأن أكون رجلا قويا، وهي كل الأمور التي يرغب بها أي شاب، إذا أراد النجاح ونيل إعجاب رفاقه. لكن كما هو حال كل الرجال، فقد أحب قبلي النساء الجميلات». وفي أواخر التسعينيات، كانت الأمور تسير جيدًا مع جوردان بلفورت، وأصبح بالفعل رجلٌ ثري، كما كان يقول من قبل في جملتهُ التعريفية: « اسمي جوردن بيلفورت، حينما بلغت السادسة والعشرين من العمر أصبح لدي 50 مليون دولار». ويروي بلفورت في مذكراته، تفاصيل انحدار شركته، وغرقه في قضايا الفساد: «في أواخر 1991 لم أكن وقتها أرتكب أي مخالفة للقوانين بعد، لكن الأمور بدأت تشهد تجاوزات تدريجية. بدأ توسع الشركة وابتكرت نظاما الخط المستقيم الذي أحدث تحولا كليا في طريقة العمل». وأضاف: «سمح لي هذا النظام بتدريب كل أولئك الشبان الصغار لتحويلهم إلى ماكينات بيع قوية، تسبب ذلك بنمو سريع في شركتي مما أدى إلى نفاذ المنتجات التي نبيعها، نفذت مني المنتجات السليمة المعروضة للبيع، وبدأت ببيع منتجات لم تكن جاهزة تماما، لم يكن الأمر يرتبط ببيع شركات وهمية، لأن تحقيق الأرباح الأعلى يتم ببيع الشركات الأفضل، إلا أن المنتجات التي نبيعها نفذت ولذلك بدأت أضحي بالجودة». واستمر بلفورت بعدها فيما كان يقوم بهِ، لولا المخالفات القانونية، كما يقول نادمًا: «كنت سأصبح غنيا بثروة تقدر بين 10 إلى 20 مليار دولار الآن. كنت غبياً جداً، لقد أفسدت كل شيء. شركة واحدة فقط، هي «ستيف مادن» تبلغ قيمتها 3 مليارات ونصف المليار دولار، وكنت أملك نصف أسهمها عند الطرح الأولي». «لكن بسبب ما قمت به، اضطررت للتخلص من أسهمها. كنت سأستفيد من كل صعود الأسهم الخاصة بشركات الإنترنت. ومن المفارقات في ذلك أن الجانب الإجرامي لما قمت به، أتاح لي جني قليل من المال بطريقة أسرع قليلا من الطرق القانونية. فبدلاً من أن أجني 50 مليون دولار، كنت سأجني 30 مليون دولار بطريقة قانونية، فما الفرق في ذلك؟ كنت سأصمد إلى الأبد، كان ذلك غباءً مفرطاًغباء لا مبرر له». وفي عام 1998، جاءت القَشة التى قسمت ظهر بلفورت، بسبب قضايا فساد واحتيال مُتعلقة ببيع أسهم وهمية، وبعد التحقيق معه، تمت إدانة بلفورت في عام 1998 بتهمة الاحتيال بالأسهم وبتهمة غسل الأموال، وهو ما جعله يمضي 22 شهراً في السجن الفيدرالي بعد التوصل إلى اتفاق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي. وبعد أن غادر السجن، كان عمر بلفورت 51 عاماً، وبدأ عملاً جديداً كمتحدث في مجالات التنمية البشرية وككاتب، وأعلن أنه سيسدد 100 مليون دولار أمريكي إلى ضحاياه من خلال الأجر الذي يتقاضاه عن تلك النشاطات. كمّا قامت استوديوهات «وارنر برزرز» بشراء حقوق مذاكرت بلفورت، وحوّلت القصة إلى فيلم سينمائي، في يناير 2014، حمل ذات الاسم خلال العام الماضي، ولعب دور البطولة فيه الممثل، ليوناردو دي كابريو، وقد لقي هذا الفيلم إقبالاً جماهيرياً واسعاً، وحصل على جائزتي «جولدن جلوب» في نفس العام، لأفضل فيلم وممثل. وبعد تعافيه التام الآن، يقضي جوردان بلفورت سنوات عُمره الآن، متجولاً بين البلدان من شرقها إلى غربها، ليلقي محاضرات عن التعافي من الأزمات بالنظر إلى الأزمة التى يمرون بها، بالإضافة إلى محاضرات عن مبيعات الإقناع وريادة التسويق، بمئات الدولارات، فرغم سجنه وتوديعه لعالم البورصة، عرف طريقًا آخر للنجاح وجني الأموال.

مشاركة :