ودّعت الساحة الثقافية والتراثية أمس، خبير التراث القطري الفقيد محمد جاسم الخليفي، عاشق التراث منذ صباه في منطقة «شرق» بالدوحة. ولد الراحل محمد جاسم الخليفي في الدوحة عام 1957، وتقلد العديد من المناصب، وهو من القلائل في الخليج الذين فازوا بجائزة المدن والعواصم الإسلامية. فضلا عن توجهه إلى التأليف في مجاله ومن أهم مؤلفاته «هندسة القصر القديم» و «العمارة التقليدية في قطر»، فضلا عن كونه من الأوائل الذين تخرجوا في مجالي التراث والفنون عام 1979 من كلية الآثار بالقاهرة، ليشتغل جنبا إلى جنب مع الفنان التشكيلي الراحل جاسم الزيني، حيث عمل معه مساعدا لشؤون الآثار ومن ثَم مراقبا لها بعد ذلك، وتدرج في مناصب عديدة إلى أن أصبح مديرا للمتاحف والآثار في عام 1994. يقول الراحل الخليفي عن نفسه في حوار سابق لـ «^»: «من عملوا في هذا القطاع (يقصد التراث) هم أشخاص يعدون على الأصابع، وهذه المهنة لا يقبل عليها كثيرون لصعوبتها فهي تحتاج صبرا كبيرا، وهي بعكس الاختصاصات الأخرى تحتاج إلى أن تعمل طويلا في الميدان، للتنقيب عن الآثار وأنت بحاجة إلى البقاء في الموقع أحيانا لمدة أسبوع أو أسبوعين، وأنا من أوائل القطريين الذين عملوا ضمن فريق آثاري قطري، حيث عملت في عام 83 في منطقة «الزبارة»، وكشفنا عن جزء مهم في المنطقة. كذلك عملت في منطقة مروب الإسلامية في العصر العباسي وهي تقع في شمال قطر، وتنتمي إلى الفترة العباسية وهي تعد من أهم المواقع الإسلامية في دولة قطر، عملت في «بيت الخليفي» وفي منطقة «الوكرة» وأسهمنا كآثاريين في الحفاظ على العديد من المنجزات القديمة في تلك المناطق، وكذلك في مدينة الخور وأعدنا الحياة إلى قلعة الوجبة، وفي أماكن كثيرة». ويضيف: «حين تخرجت في عام 79 لم يكن ثمة قطريون يمارسون عملية التنقيب، شكلنا فريقا أثريا، وقلنا دعنا نستفيد من تلك الحصيلة المعرفية أثناء دراستنا في مصر، ومارسنا العمل في الحفر بأيدينا، وبالأدوات البسيطة، وأقول هنا إنه من يحصل على درجة علمية في التخصص عليه أن يثبت أنه أهل لذلك، وعن التأليف فقد ترافق مع تلك الأعمال البحثية، ونشرنا في ذلك الوقت كتابا عن آثار الزبارة محطتنا الأولى في الحفر والتنقيب،. وفور علم «^» برحيل محمد جاسم الخليفي إلى دار البقاء، اتصلت ببعض محبيه وأصدقائه، وأثنوا على مناقبه وخلاله الحميدة، وخدمته لوطنه في مجاله. وفي هذا الصدد قال الباحث في التراث القطري خليفة السيد: إن محمد جاسم الخليفي، كان صديقا وأخا، فهو ابن حيّنا ومعرفتي به قديمة جدا قبل أن يتولى إدارة المتاحف. وأبرز خليفة السيد، أن الخليفي أثرى المتحف، وأنه هو صاحب فكرة البحث والتنقيب عن الآثار في شمال قطر وفي مناطق متفرقة بالبلد، مشيدا بخصاله الحميدة؛ إذ كانت له روح طيبة، وأنه بعد خروجه من إدارة المتاحف، بقي يتعامل معه في أمور كثيرة، ليدعو السيد في الأخير للفقيد بالرحمة والمغفرة والرضوان. وقال ناصر الحمادي، خبير بمتاحف قطر، بدوره لـ «^»: «فوجئنا بوفاته رحمه الله، ومسيرته حافلة في خدمة التراث القطري وفي المتاحف القطرية، حيث اشتغل مديرا لإدارة المتاحف ثم مراقبا للمواقع إلى جانب جاسم زيني رحمهما الله. وأوضح الحمادي أن الفقيد كان يملك مكتبة كبيرة عامرة متخصصة يفتحها في وجه طلبة العلم من الجامعات، لافتا أنه أول من بادر إلى تعيينه عام 2000. وذكر ناصر الحمادي، أنه بوفاة محمد جاسم الخليفي فإننا فقدنا رائدا من رواد المتاحف، حيث إنه في مجلس التعاون كان سباقا إلى طرح العديد من الأفكار التي لا يزال الاشتغال عليها من قبيل المعرض المشترك للآثار، وبعض البنود والقوانين التي سطرها. وأضاف: «عشت معه ما يقارب 30 سنة، وكان يشتغل من السابعة صباحا إلى الثامنة ليلا، حيث إنه كان ليّن الجانب حسن العشرة، ومتواضعا لأبعد الحدود.;
مشاركة :