عبد القادر الكتاني: لن يهدأ للعالم جفن طالما بقيت أوطان محتلة وحقوق مغتصبة - إسلاميات

  • 9/23/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدكتور عبد القادر المكي الكتاني، هو رئيس قسم الحوار الحضاري وأستاذ الدراسات العليا والفكر الإسلامي المعاصر في معاهد الفتح التابعة لجامعة الأزهر سابقاً ورئيس مركز الحكمة لدراسات العربية والإسلامية في المغرب وصاحب كتاب «صفوة الأحاديث النبوية الشريفة»، وهي الأحاديث التي اتفق على صحتها عدد من أئمة الصحاح... الباحث الموسوعي والمفكر السياسي والمثقل بهموم الأمة ومشاكلها الفكرية والثقافية والوطنية، له آراء عديدة وسديدة في عدد من القضايا الوطنية والعربية والإسلامية. سألناه عن رأيه في الأسباب التي تؤدي إلى التطرف والإرهاب الذين أقضا مضاجع العالم ، ووسائل التخلص منهما، فكان هذا الحوار: • بداية، حدثنا عن الأسباب التي تؤدي إلى التشدد والتطرف والإرهاب... - لا يخفى على الباحث أن ظاهرة التعصب والتشدد التي قد تتحول إرهاباً يمكن تشبيهها بالكائن الحي فهي تحتاج عوامل عدة لإنجاح استنباتها وتكاثرها. فإذا اعتبرنا أساس هذه الظاهرة نبتة وهي متوافرة في أغلب المجتمعات في العالم كله فهي تحتاج لتربة تنمو بها وللماء لتحيا به وللسماد لتكبر وتترعرع. هذا هو الجو المثالي لنمو هذه النبتة وتكاثرها، ونحن نرى أن التربة الحاضنة للتشدد والإرهاب هي الجهل والتخلف والفقر، والمياه التي تحيا بها والسماد الذي تترعرع به هو الظلم بنوعيه الخارجي والداخلي وفقدان الحرية والعدالة الاجتماعية، ما يؤدي لزيادة حقد الشعوب وزيادة عدد المتشددين وعدتهم وزيادة الشرائح الشعبية المؤيدة لهم. وكلما تنوعت وازدادت مظاهر الاحتلال والاغتصاب والإذلال ازدادت تيارات التشدد والتطرف والتعصب التي قد تتحول إرهاباً، كرد فعل على ما يرونه من جرائم ومصائب ترتكب بحق إخوانهم وذويهم وأمام أعينهم وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع، الذي باع ضميره للشيطان ووقف مكتوف الأيدي يتفرج عبر الشاشات الفضائية على الجرائم التي ترتكب بحق الشعوب المستضعفة والمغلوب على أمرها في العالم كله وعلى رأسها ما يجري في سورية والعراق وفلسطين واليمن. وبرأيي لن يهدأ للعالم جفن طالما بقيت أوطان محتلة وحقوق مغتصبة وشعوب مشردة من أوطانها. تشخيص الداء • ما الطريق الأمثل لمكافحة تيارات التشدد والتطرف التي قد تتحول إرهاباً؟ - أرى أنه بمعرفة وتشخيص الداء يمكن وصف الدواء... وسبب الداء يتمثل بشتى أنواع الظلم الداخلي السياسي والاجتماعي والظلم الخارجي المتمثل بالإجرام الواقع على كل من فلسطين وسورية والعراق واليمن واغتصاب ومصادرة حقوق الشعوب المستضعفة بواسطة القوى الاستعمارية الجديدة التي تتحرك تحت ذرائع مختلفة، والتعامل مع هذه القضايا بازدواجية عجيبة ومعايير متعددة. هل يقارن إرهاب القصف بالدبابات والطائرات والأسلحة لمدن كاملة والذي تقوم به دول عظمى وصغرى من الأعضاء في الأمم المتحدة والموقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان، واتفاقيات معاملة المدنيين أثناء الحرب، بتظاهرات شبابٍ خرجوا سلميا لتحقيق العدالة والحرية والديموقراطية أو حتى قيام مواطنين بالكفاح المسلح جراء ما يلقونه وأسرهم وشعوبهم من اغتصاب وتحقير وإذلال؟ وأعود هنا لأؤكد أنه ما لم تتدارك القوى الغاشمة الأمر وتعود عن غيها وإجرامها ودعمها للأنظمة التي لا تحترم حقوق شعوبها وحرياتهم، وما لم تتعاون الدول والشعوب العربية والإسلامية مع الدول الأخرى بالحرب على التطرف والإرهاب الحقيقي، فلا يمكن بحال من الأحوال إيقاف التشدد والتطرف والإرهاب أو الحد من تصاعدها وانتشارها. ولا يمكن أن تتعاون الحكومات الشريفة و الشعوب بذلك ما لم تشعر هذه الشعوب بزوال الظلم والاضطهاد والاحتلال والقهر عنها وعن إخوانها وذلك بتحقيق السلام العادل والشامل بالمنطقة والعالم. حقائق الدعوة • هل من رسالة دعوية توجهونها للشباب المسلم تحضه على اتباع المنهج القويم؟- مما لا شك فيه أنه يقع على عاتقنا وعاتق الدعاة والعلماء المسلمين واجب ديني وأخلاقي تجاه شعوبنا ومجتمعاتنا وشبابنا لبيان حقائق الدعوة إلى الله بإبلاغهم أن اللجوء للعنف لا يجوز بحال من الأحوال تجاه أوطاننا وشعوبنا وإخواننا والمسالمين وغير المقاتلين في العالم أجمع،وأن الدعوة للإسلام هي دعوة فكرية حضارية حوارية مبنية على الإقناع والحواربالحكمة والموعظة الحسنة دون إلزام أو إكراه عملا بقوله تعالى (وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) النحل 125 وقوله عزّ و جلّ (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) سورة البقرة 256. وأن الإسلام من أوائل التشريعات التي دعت إلى احترام حقوق الإنسان كافة والأدلة على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتقون ) النحل 90 وقوله (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) المائدة 32 أن الجهاد في الإسلام قد فرض لرد الظلم ومحاربة المستعمرين المعتدين والغاصبين لأرضنا وحقوقنا عملا بقوله تعالى (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) الحج 39، لا لتصدير الدين أو فرضه على الآخرين، وأن الإسلام يحارب الظلم ولا يقبله عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) وقوله (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) والإسلام يدعو أتباعه لدفع الظلم والاستعباد والاستعمار عنهم بأي وسيلة شرعية كانت بما فيها القتال دون المساس بالمدنيين الأبرياء غير المقاتلين لقوله صلى الله عليه وسلم (ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا امرأة ولا وليدا) ما عدا من ساهم منهم في القتال والاحتلال أو اغتصاب الحقوق والأوطان وظلم العباد ودمارالبلاد. إن أهم ما نستنتجه ونستخلصه من خلال ما سبق من عرض لآيات كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلي: أولا: أن وسيلة التغيير التي يجب أن يمارسها المسلم في دعوته ونصرته لدينه هي الإقناع والحجة. ثانيا: إن إستراتيجية العمل الإسلامي يجب أن تكون تأمين كل عناصر القوة للأمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) الأنفال 60 وإزالة كل أسباب الضعف. ثالثا: يجب التفريق بين مرحلة الدعوة ومرحة الدولة. ففي مرحلة الدعوة ما من سبيل إلا للدعوة بالتي هي أحسن، وبالكلمة الطيبة، والصبر على الأذى والدفع بالتي هي أحسن، إلا أنه في مرحلة الدولة يمكن استخدام القوة لدفع الخطر عن الدولة ومصالح الأمة، وينبغي أن يتم ذلك بتوجيه وأمر أولي الأمر لا غير. رابعا: أن العمل الإسلامي جرب اللجوء إلى القوة في مواقع عديدة، ولم يحصد إلا الفشل والتراجع والنكبات التي أضرت بمسيرته. خامسا: إن من أعظم مقاصد هذا الدين المحافظة على حياة الإنسان وروحه حتى لو كان كافرا، فلم يجعل الإسلام الكفر سببا لاستباحة دم غير المسلم، بل المحاربة هي سبب الاستباحة. سادسا: إن اللجوء إلى العنف والقوة واستخدام السلاح بدل الحوار، هو أمر مرفوض وغير مشروع قطعيا. سابعا: هناك أفخاخ تنصب للعمل الإسلامي ويقع فيها بعض الدعاة للإسلام بسبب نقص الكفاءة وعدم وضوح الطريق. ثامنا: إن الجهاد لم يشرع كوسيلة لإجبار الناس على الدخول في الدين الإسلامي ولا إكراههم عليه، وإنما شرع لحماية الناس والعقيدة وضمان حرية الاعتقاد. تاسعا: إن الإسلام يحث أتباعه على إقامة علاقات صداقة وتعاون مع المسلمين وغيرهم من بني البشر مصداقا لقوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم} الحجرات 13 وقوله (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة 2. كذلك فإن الإسلام يحض أتباعه على سلوك سبيل السلام مع الآخر، عملا بقوله تعالى {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم} الأنفال، الآية 61. * باحث كويتي معالجة ظاهرة الغلو إن استخدام القوة المفرطة والعنف الإجرامي، لا جدوى منهما في تغيير الأوضاع وإصلاح المجتمعات ولا يؤديان إلا إلى زيادة العداءات والأحقاد والثارات في النفوس، ما يصد عن الدعوة إلى الله ولا يزيدان أعداء الدين إلا مزيداً من المحاربة والحقد والتنكيل والإجرام. وينبغي على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التركيز على معالجة ظاهرة الغلو والتشدد والعنف أيا كان القائم بها، دولة أو جماعة أو فرداً، وسواء أكان العنف والغلو داخليا أم خارجيا، لكي يعيش الناس بسلام وأمان، مع ضرورة تعاون المجتمع الدولي، للوقوف ضد الظلم بكل أشكاله والذي يؤدي للعنف والتشدد على المستويين الإقليمي والدولي واحترام حقوق الإنسان وحريته في التفكير وإبداء الرأي ، والوقوف ضد سياسة التمييز العرقي والطائفي والديني.

مشاركة :