تعهد العراق استعادة السيطرة على مدينة الموصل بحلول نهاية العام الجاري، فيما ألمح قادة أميركيون كبار إلى أن العملية قد تبدأ الشهر المقبل، لكن الهجوم للسيطرة على معقل «داعش» يواجه تحديات جسيمة على مختلف المستويات. وتُعَدّ الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية، نهايةَ المطاف في الحرب القائمة ضد «داعش» الذي استولى على مساحات شاسعة من الأراضي في منتصف العام 2014. لكن قبل أن تتمكن القوات العراقية من استعادة السيطرة على المدينة، هناك سلسلة من التعقيدات العسكرية والسياسية والإنسانية تشكل تحديات شتى، وحتى لو بدأت العملية الشهر المقبل، فإن نهايتها قد تمتد إلى أسابيع أو أشهر. وقال الخبير الأمني جاسم حنون لـ «فرانس برس»: «ستكون هناك تحديات جسام على الأصعدة كافة، وأبرزها التنسيق بين القطاعات العسكرية المشاركة بالمعركة». وسيشارك في المعركة الجيش والشرطة وقوات «الحشد الشعبي» ومقاتلو البيشمركة الكردية، وهذه القوات في بعض الأحيان لا تعمل تحت قيادة موحدة. بدوره، قال إحسان الشمري أستاذ العلوم السياسية إن «طبيعة تصادم المصالح، ومحاولة استغلال لحظة خروج داعش ستشكل التحدي الأهم لرئيس الوزراء» حيدر العبادي. وأوضح: «هناك مشاريع ومصالح ودول تعتبر خروج داعش فرصة للحصول على مزيد من النفوذ والمصالح وتثبيت دعائمها». وأطلق ضباط أميركيون الكثير من التكهنات حول موعد اقتحام الموصل، لكن العبادي قال إنه يريد أن يكون موعد انطلاقها مفاجئاً. وكان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جو دانفورد قال إن القوات العراقية ستكون جاهزة في مطلع تشرين الأول (أكتوبر)، كما قال الجنرال جو فيتل رئيس القيادة الوسطى الأميركية، إن استعادة السيطرة على المدينة ستكون نهاية العام الجاري. على صعيد آخر، هناك تحديات إنسانية كبيرة تجب مواجهتها، فـ «الوكالات الإنسانية تسابق الزمن من أجل الاستعداد للكارثة التي قد تحدث إثر العملية العسكرية»، وفق الأمم المتحدة. وحالما تبدأ العملية فإن القوات العراقية المنسجمة وأحياناً المتنافسة يتوجب عليها القتال جنباً إلى جنب أمام دفاعات «داعش». وإذا اعتمدت القوات العراقية استراتيجية ما لاستعادة الموصل، فإنها ستتبع التكتيك السابق الذي يقضي بمحاصرة المدينة وتطويقها قبل اقتحامها. وبعد صدور تقارير تشير إلى احتمال استخدام غاز الخردل ضد القوات الأميركية جنوب الموصل الثلثاء، واستخدام «داعش» لأسلحة كيماوية مؤكدة ضد البيشمركة في السابق، هناك مخاوف أن يعود التنظيم إلى استخدامها أثناء دفاعه عن الموصل. ودمرت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأسبوع الماضي مكاناً قرب الموصل يشتبه بأنه كان يستخدم لتصنيع الأسلحة الكيماوية. وكان دانفورد أعلن أن توقيت عملية الموصل «يتوقف على قرار سياسي لرئيس الوزراء حيدر العبادي» لكن الأوضاع أكثر تعقيداً من ذلك. وستلعب القوات الكردية دوراً أساسياً في العملية، لكنها ليست خاضعة لأوامر العبادي، ما يؤكد الحاجة إلى قرار تتخذه قيادة إقليم كردستان. إلا أن هذا الأمر يتطلب اتفاقاً أو على الأقل تفاهماً مبدئياً بين بغداد وكردستان حول أوضاع المناطق بعد انتهاء العملية العسكرية. يشار إلى أن الأكراد يريدون الاحتفاظ ببعض المناطق قرب الموصل في حين ترفض بغداد التخلي عنها لصالح الإقليم. وهناك أيضاً تحديد دور قوات «الحشد الشعبي» التي تدعمها طهران في العملية، فهذه القوى تحت سيطرة العبادي ظاهرياً، لكنها في الواقع تتحرك بشكل مستقل كما أنها تتلقى تعلميات من إيران. ويعارض بعض السياسيين السنة دخول «الحشد الشعبي» الموصل. وكان العراق أعلن في آذار (مارس) أنه سيشن عملية عسكرية لاستعادة المدينة، فيما أعلن مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» مراراً أن عمليات الموصل جارية. وبعد استعادة السيطرة على الموصل، فإن الحرب ضد «داعش» ستكون بعيدة من نهايتها. فقد يعود التنظيم الى تكتيكات المتمردين السابقة، مثل التفجيرات بين المدنيين والاغتيالات ضد قوات الأمن بعد اختفاء دولتهم في العراق.
مشاركة :