قراءة في كتاب يضحك على القراء!

  • 2/25/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يدق الباب عليك رجل غريب. تفتح فيعرض عليك شراء طقم صيني جميل بسعر لا يقاوم. تدفع له الفلوس بعد أن يعجبك الطقم، فيقدم لك «كارتونة» جديدة لم تفتح قائلاً: إن «الكارتونة» المقفلة تنفعك إذا كنت تنوي تقديم الطقم هدية لعريس أو عروسة. بعد أشهر تأتي مناسبة سعيدة فتقدم الهدية الفخمة إلى عريس صديق، وقبل أن ينتصف الليل يهاتفك العريس وهو يسألك: هل فتحت «الكارتونة»؟ فتقول له: لا، إنها من المصنع إليك. فيفاجئك بأن الكارتونة تضم بضع قطع من الطوب «الطابوق» ولا شيء غير ذلك مع أن الرسم على الغلاف يوضح أن «الكارتونة» تضم طقماً فاخراً! آخ! وقعتَ في المصيدة! وجاء دورك لتضاف إلى قائمة ضحايا النصابين. قبل عدة أشهر اشتريت كتاباً صادراً عن دار نشر معروفة عن «علم اسمه الضحك». في الواقع أغراني عنوانه، لأنني لم أسمع باسم المؤلف من قبل، ولا سمعت بعلم اسمه الضحك. وتركت الكتاب مع مجموعة كتب تنتظر دورها في القراءة. أمس أزلت «سليفون» الغلاف وبدأت أتصفحه، فاكتشفت أن فيه مقالاً يتيماً واحداً عن الضحك لا يسمن من جوع ولا يغني من كآبة. أما بقية الصفحات فهي عن أمور أخرى لا علاقة لها بالضحك، ومنها مقال طويل عن العثور على مومياء مصرية من عهد الفراعنة في باكستان! ولا يحتاج الموقف إلى تحليل إستراتيجي من إحدى القنوات الفضائية؛ فقد وقعتُ ضحية «كارتونة» مقفلة بالسليفون! لقد غشني المؤلف بعنوان كتابه وباعني شيئاً آخر لا أريده. وفي الدول التي تحترم نفسها من حق واحد متضرر مثلي أن يرفع قضية ضد المؤلف، ومن حقي أن أشكوه إلى جمعية حماية المستهلك لأن البضاعة المباعة مغشوشة. ولذلك قررت الاستفادة من هذا الدرس، والبدء بقراءة أي كتاب أرغب بشرائه في المكتبة أو أمام الكشك، ولا أشتريه وأدفع ثمنه إلا بعد التأكد من أن جميع صفحاته مطابقة للمواصفات وصالحة للاستهلاك البشري! ومع ذلك، استسلمت، وشرعت في قراءة الفصل اليتيم عن الضحك، (وهو أداة الجريمة) فلفت نظري الباحث إلى أن الضحكة قد تكون «ها – ها – ها» أو «هو – هو – هو» أو «هئ – هئ – هئ» ولكنها أبداً لا تكون «ها – هو – ها – هو» لأن هناك صعوبات حقيقية في إصدار مثل هذه الضحكة. ثم إن محدودية جهازنا الصوتي هي السبب في التركيب المقلوب للضحكة، فمن الصعب أن تضحك في نغمات طويلة جداً مثل «هاااااه – هاااااه – هاااااه» أو نغمات قصيرة جداً أو في ضحكة تتخللها بين النغمات فترات زمنية طويلة «ها.... ها.... ها»! ويمكن للضحكة أن تكون معكوسة، فاذا أخذنا مقطعاً قصيراً من الضحك «ها – ها – ها» مسجلاً على شريط، ثم استمعنا إليه معكوساً، فسيعطي تقريباً الصوت نفسه «ها – ها – ها»! ولعادل إمام ضحكة ريفية شهيرة نغمتها «ها – ها – ها – هااااااي»! وأمامنا مثال عملي: إثنان من أكلة لحوم البشر جلسا يتسامران بعد وجبة شهية من اللحم المشوي. قال الضيف لمُضيفه: الشكر كل الشكر لزوجتك، لقد قدمت لنا وجبة لحم رائعة! تنهد المُضيّف ثم قال: «آه.. آه.. سأفتقدها كثيراً»! الأطفال لا يفقهون هذه النكتة. الشباب يستوعبونها فوراً ويضحكون. العواجيز يحملقون في راوي النكتة ثم يبتسمون. لكن بعضهم، ممن يشكون من نكد زوجاتهم، يقهقون عالياً لأنهم يتمنون أن يفعلوا ما فعله ذلك المُضيّف السفاح! وفي هذا الشأن، توصل المؤلف إلى أن خلايا مخ الرجل تكون في البداية أكبر بمقدار 15 في المائة عن مخ المرأة. وفي سن الخامسة والأربعين تتساوى خلايا المُخَيّن. وما بعد ذلك يصبح مخ المرأة أكبر من مخ الرجل! أي أن المرأة تكون مع تقدم العمر أكثر ميلاً إلى الضحك من الرجل أو عليه. وهي نظرية مشكوك فيها؛ لأنني أفضل الأفلام الكوميدية، بينما زوجتي تفضل مشاهدة أخبار دول الربيع العربي! بقية محتويات الكتاب «الكارتونة»: بايولوجيا الخوف، تكنولوجيا أبحاث النبات المستقبلية، التجربة الهندية في القمح، الجوع، نحن والشمبانزي. وكما ترى إنه لا يوجد رابط بين هذا السمك واللبن والتمر هندي. ولدينا مثل في العراق ينطبق على هذه الحالة: «إشجاب الدولمة على راس الجسر؟». نصيحة أخيرة: لا تشتري سيارة مستعملة، ولا كارتونة مغلقة، ولا كتاباً مغلفاً بالسليفون حتى لو كان عن مارلين مونرو، إلا اذا كنتَ تعرف المؤلف وسبق أن قرأتَ له كتباً «لا تبيع الميه في حارة السقايين» كما قالت الفيلسوفة المعتزلة شريفة فاضل.

مشاركة :