تعتبر القاهرة أكثر العواصم الإسلامية المكتظة بالآثار والأبنية الدينية المختلفة فتضم أكثر المساجد والكنائس والمعابد اليهودية والمدارس والخانقوات والوكلات والأسبلة والقبب، وهذا التنوع الأثرى أضفى عليها مكانة تاريخية متميزة، لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنها مكانة قد لا تتوافر لغيرها من مدن وعواصم الدول الإسلامية بنفس ذلك القدر الذي تتمتع به القاهرة. هيا بنا نغوص في عمق القاهرة لنسبح في عبق الماضي لنتعرف على أحد شوارعها العتيقة، فعمره يتجاوز الألف عام وكان وقتها رمزاً للأرستقراطية المصرية؛ إنه شارع المعز لدين الله الفاطمي، الذي يعتبر أقدم شوارع الدنيا، وكان هذا الشارع في أحد الأوقات يدل بمفرده على القاهرة لوجود مقر حكم ملوك الفاطميين به، وكان دخول الشارع مقصوراً على الفاطميين وأعيان القوم، لكن الدنيا اتسعت وتمددت من حوله وأغرقته ضوضاؤها في زوايا من النسيان لكنه عاد إلى الحياة بعد صيانته وتطويره فأصبح أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم. شارع أثري شارع المعز لدين الله الفاطمي أحد أهم الشوارع الأثرية ليس في مصر وحدها، بل على مستوى العالم، ويضم أكثر من أربعين أثراً نادراً ومنطقة جذب سياحي، ولقيمته الأثرية والتاريخية فقد تشكلت لتطويره وصيانته لجنة من وزارتي الثقافة والإسكان ومحافظة القاهرة لإنقاذ وترميم مبانيه التاريخية ومواقعه الأثرية، حيث تم عمل بنية تحتية للشارع بالكامل ومن أشهر الآثار التي تقع بالشارع متحف النسيج ومسجد ابن برقوق وسبيل عبدالرحمن كتخذا ومسجد أمير الجيوش وباب النصر، ومجموعة قلاوون التي تضم مدرسة ووكالة ومستشفى وضريحاً بني على الطراز المعماري لقبة الصخرة ببيت المقدس بفلسطين، أي إنه يؤدي للضريح، ثم مدخل آخر من جهة اليسار يؤدي إلى المدرسة. ويعتبر شارع المعز الشارع الرئيس في قلب مدينة القاهرة، يطل عليه القصر الشرقي الكبير، والقصر الغربي الكبير اللذان خصصا لإقامة الخليفة وجواريه والجيش، كما بني أيضاً جامع الأزهر ومع مرور الوقت وقعت وتآكلت أجزاء من هذه القصور، وعندما كان يهدم أي مكان يبنى بدلاً منه بناء جديد، فكل المباني الموجودة في شارع المعز اليوم بنيت على أنقاض القصرين اللذين وجدا فيه. وشارع المعز له العديد من الأسماء من بينها القصبة الرئيسية وبين القصرين؛ فهذا الشارع هو الأهم في القاهرة لأنه على مدار العصور منذ بنيت القاهرة وحتى الخلافة العثمانية كان السلطان أو الوالي لا بد أن يمر عليه في الأعياد والمناسبات الرسمية حتى لو خرج للغزو أو الفتح كان له باب مخصص يخرج منه. ولو رجع منتصراً فله باب يدخل منه، ولو رجع مهزوماً له باب آخر يدخل منه، وحتى الآن هناك بابان موجودان في السور الشمالي «باب النصر» و«باب الفتوح» وقد قاموا بإنشاء ضريح فخم للسلطان قلاوون، يحتوي على ذات الأعمدة والدعامات الأربعة، ويأخذ شكل القبة من أعلى غير أن الضريح بأكمله مكسو بالرخام والفسيفساء وبه شريط كتابي يؤرخ للترميم الذي أجري له في عهد الخديوي عباس حلمي الثانى عام 1326 هجرية ويشكل الضريح نفس مساحة المدرسة، وتكمن أهميته في العمارة الإسلامية بوصفه أول ضريح يبنى بهذه الفخامة، بالإضافة إلى أنه المرقد الذي دفن فيه السلطان قلاوون، وتعتبر مجموعة قلاوون مجموعة نادرة لأنها المجموعة المعمارية الوحيدة الكاملة التي تحتفظ بجميع عناصرها المعمارية حتى الآن، وترجع هذه المجموعة التاريخية المهمة إلى العصر المملوكي في عهد السلطان المنصور قلاوون عام 1330م 730 هجرية وتتكون من عدة عناصر، فنجد من البوابة الرئيسية دهليزاً يفتح على مدخل من جهة اليمين. مدرسة قلاوون ومستشفى المرتسان كما تم بناء مدرسة قلاوون وكان الهدف منها تعليم المصريين المذاهب السنية الأربعة، وبني مستشفى لعلاج المرضى، التي كان يعالج فيها المريض أسبوعاً كاملاً، أياً كان المرض الذي يشكو منه ولا يخرج إلا حينما يستطيع أكل «دجاجة» كاملة، كما كان يأخذ مكأفاة مالية، أما المريض النفسي فكان يدخل ولا يخرج، وذلك ارتبط باسم «المرتسان» أي مستشفى للمجانين. وما زالت المستشفى تعمل حتى الآن ولكن لا يوجد بها مرضى عقليون أو نفسيون، ولهذه المستشفى تخصصان مشهوران عربياً وهما علاج الأسنان والرمد والمستشفى القديم كانت مكونة من أربعة أدوار وباب، بينهم مبانٍ لسكن المرضى، كما يضم المكان نافورة كي تروح نفسياً عليهم بشكل عام، ومدينة القاهرة بها ثمانية أبواب، متبقى منها ثلاثة هي: باب زويلة وباب الفتوح والنصر، وقد تطور جامع الأزهر مع الوقت حتى وصل إلى شكله الحالي، فأغلب الأماكن تحددت ما عدا البعض، منها كجامع قلاوون الذي ما زال يحمل شكله القديم، وجامع الحاكم والأقمر، حيث كان الفاطميون يسمون الجوامع بأسماء لها صفات، وللسلطان قلاوون بطولات خالدة نذكر منها أن في عهده كان آخر معقل للصليبين في مدينة عكا، فحينما كان وراءهم ليجلوهم عن عكا مات في الطريق فاستكمل الحملة من بعده الأشراف خليل بن قلاوون. وشمل التجديد بالشارع الذي يمتد من بداية مدخل باب الفتوح ناحية الدراسة، وحتى باب زويلة ويقطعه في وسطه شارع الأزهر، في أنشطة المحال المقامة في الشارع، حيث هناك ورش حرفية تصدر ضوضاء، فتم تغيير أنشطتها لتناسب المكان بعد أن أصبح متحفاً مفتوحاً للزوار. التختابوش أما عن تاريخ بيت السحيمي فقد كان يسكنه قاض، وهو بيت مكون من جزءين بيت شتوي وبيت صيفي، وفي مدخله توجد حديقة، وبعدها «التختابوش» وهو جزء به مقاعد على الشكل العربي مخصص لاستقبال الضيوف، خلف التختابوش يوجد فناء به الساقية وبئر المياه كي يشرب منه سكان البيت، بالإضافة إلى الصهاريج الموجودة التي تعبأ بالمياه بواسطة السقايين، وهذا البيت يشمل عدداً كبيراً من الغرف يصل نحو 130 غرفة لسكن أهل البيت والخدم، وكل غرف البيت منقوش عليها كتابات مصنوعة من الخشب وعليها نقوش بماء الذهب عبارة عن شعر كتابي لعمر الخيام.
مشاركة :