تطور أفكار المدربين وجودة ترجمة اللاعبين انعكاس طبيعي لتطور اللعبة بمختلف جوانبها، فعلى المستوى البدني مثلاً ما توصل إليه المختصون في العلوم البدنية من حقائق ونظريات تساهم برفع القدرات البدنية للرياضي عموما ولاعب كرة القدم خصوصا، تمثل عاملا مغريا للمدربين في استحداث شكل مطور لبعض الأفكار التي تم ابتكارها في فترات زمنية سابقة. ولعل فكرة الضغط العكسي (counter pressing) المستحدثة من الفكرة التقليدية للضغط العالي تمثل واحدة من أهم الأفكار التي قدمها جوسيب غوارديولا مع برشلونة الإسباني، ويورغن كلوب مع بوروسيا دورتموند الألماني في السنوات القليلة الماضية، بحيث كانت الفكرة التقليدية للضغط العالي تُفعل ضمن وضعيات محدودة للخصم مثل بداية البناء من الخلف وفي لحظة تسلم الظهيرين الكرة، بينما إمكانية تفعيل الضغط العكسي فيها مرونة أكبر، خصوصاً أنها ترتبط ارتباطا مباشرا بموقع فقدان الكرة وتمركز لاعبي الفريق أثناء البناء الهجومي. وفكرة الضغط العكسي تنتمي إلى مجموعة أفكار الحالة الدفاعية من النهج الفني، وهي بشكل مبسط تتمحور حول محاولة استعادة الكرة في الثواني الاولى من فقدانها، لذلك عند التعمق بمتطلبات تفعيلها نفهم بأن هناك أهمية كبيرة لترابط وتوافق أفكار النهج الفني المختار، ولأن استعادة الكرة بعد فقدانها بشكل سريع يتطلب من العناصر تمركزا قريبا من موقع فقدانها (الصورة)، لذا نجد بأن الاعتماد على أسلوب التمرير القصير في البناء الهجومي يعد مطلبا مهما لتحقيق مثل هذا التمركز (Narrow) في لحظة فقدانها. وكرر كلوب في أكثر من مرة مقولة «الضغط العكسي أهم صانع ألعاب بالنسبة لي»، مقولة تمثل أهمية استرجاع الكرة بسرعة بعد فقدانها وفي ملعب الخصم تحديداً بالنسبة للمدرب الألماني، لأنه يدرك بأن لحظة استعادة الكرة بالضغط العكسي تخلق للفريق وضعية مناسبة جداً لاستغلال التمركز الدفاعي المكشوف للخصم، خصوصاً عندما يتواجد في وسط الملعب لاعبون يمتلكون من الخيال والإبداع ما يكفي لخلق فرص تسجيل حقيقة للعناصر المتمركزة في أعلى الملعب. حتى الآن أفكار كلوب مع ليفربول تتضح من مباراة الى أخرى، لكن بالتأكيد سيتعقد تطور الفريق مع لاعبي وسط ملعب يفتقدون للحد الأدنى من الإبداع والخيال في صناعة الفرص.
مشاركة :