حلب – الوكالات: غرقت الأحياء الشرقية من مدينة حلب شمال سوريا الجمعة في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة في دمار هائل ومقتل نحو ثلاثين مدنيا بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة. ويتزامن التصعيد مع فشل الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إعادة إرساء هدنة انتهت الاثنين بعد أسبوع من تطبيقها في مناطق سورية عدة بموجب اتفاق أمريكي روسي. وتتعرض الأحياء الشرقية في حلب والتي تسيطر عليها فصائل المعارضة منذ عام 2012 لغارات كثيفة بشكل متواصل منذ ليل الخميس، تنفذها طائرات روسية وسورية، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأحصى المرصد مقتل «27 مدنيا على الأقل بينهم ثلاثة اطفال الجمعة جراء ضربات شنتها الطائرات الروسية والمروحيات السورية» على أحياء عدة. وأفادت حصيلة سابقة للمرصد بمقتل 11 شخصا. وبات متطوعو الدفاع المدني مع كثافة الغارات عاجزين عن التحرك وخصوصا بعدما استهدفت الغارات صباحا مركزين تابعين لهم في حيي هنانو والأنصاري، في ظل شح الوقود. وتسببت الغارات في دمار كبير، بينها ثلاثة ابنية انهارت بكاملها على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة على حي الكلاسة. على جبهة اخرى في حلب، افاد المرصد بمقتل «15 مدنيا بينهم 11 طفلا جراء غارات روسية على قرية بشقاتين في ريف حلب الغربي» في حصيلة جديدة. كما قتل 11 شخصا على الاقل في غارات نفذتها طائرات لم تعرف هويتها على مدينة الباب تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) شمال شرقي حلب. وفي محافظة حماة (وسط)، افاد المرصد بمقتل خمسة مقاتلين من فصيل مقاتل بعد استهداف طائرات حربية مغيرة كانوا يتخذونها مقرا، فيما لا يزال 13 مقاتلا آخرون تحت الأنقاض. ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الجيش السوري مساء الخميس بدء هجوم على الاحياء الشرقية في حلب. وأوضح مصدر عسكري سوري في دمشق الجمعة ان العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد. وقال «حين أعلنا بدء العمليات البرية، فهذا يعني أننا بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية ساعات أو أياما قبل بدء العمليات البرية»، مشيرا إلى أن «بدء العمليات البرية يعتمد على نتائج هذه الضربات». في موازاة ذلك، لم تنجح الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إحياء وقف اطلاق النار. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي الخميس فشل اجتماع عقدته المجموعة الدولية لدعم سوريا لإعادة ارساء الهدنة. وحض روسيا على إبداء «جدية»، مطالبا دمشق «بوقف استخدام» طيرانها الحربي. وامس أعلن كيري في ختام لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف في نيويورك ان «هناك تقدما محدودا جدا» لحل الخلافات المتعلقة بالأزمة السورية. وقال كيري: «التقيت وزير الخارجية، لقد حققنا تقدما محدودا جدا، نجري تقييما لبعض الأفكار المشتركة بطريقة بناءة». وفي الوقت ذاته اعتبر لافروف من على منبر الامم المتحدة ان «من الاساسي» الحفاظ على الاتفاق الموقع في 9 سبتمبر مع كيري بجنيف لفرض وفق لإطلاق النار في سوريا سبعة أيام قبل ان ينتهي العمل به الاثنين. واتهم وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت الجمعة النظام السوري بـ«لعب ورقة تقسيم سوريا» من خلال استعادة السيطرة على كل المناطق «المفيدة» في البلاد لافتا إلى ان «داعميه يدعونه يفعل ذلك». ويوضح محلل سوري قريب من دمشق ان «المعارك بدأت اثر فشل الاجتماع الدولي»، مضيفا «انها مفاوضات بالنار في حلب». ويضيف «على الأمريكيين ان يفهموا انه طالما لم يفوا بالتزاماتهم وتحديدا لناحية فك الفصائل ارتباطها بجهاديي جبهة فتح الشام، فإن الروس والجيش السوري سيتقدمون».
مشاركة :