قراءة / جماليات الإبداع... في نصوص لقمان محمود - ثقافة

  • 9/25/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تعد تجربة الشاعر والناقد الكردي لقمان محمود من التجارب المهمة في الساحة العربية، من خلال آليات الكتابة عنده التي تأتي بطريقة «حداثوية» متقدمة مع صور شعرية ترقى إلى نصوص لشعراء عالميين أمثال ريلكة واليوت ورامبو وبودلير، وهو متعدد الطرح في منتجه. يقول في أحد نصوصه الذي هو مفتاح العمل وعتبة الدخول إلى عالم النص لكشف مدلولاته، نجد مغامرة تجعلنا نتشوق للدخول إلى المتن، وتعد أهمية العنوان للقارئ ضرورة لأنه أول ما يقع عليه بصره، فيكون المحفز لقراءة أو ترك المادة الإبداعية. وقد برع الشاعر في اختيار عنوانه حيث يقول في النص: تبقى الفراشةُ أميَّةً حتى تتعلّم قراءة النار دون أن تحترق. تذكّر العصفور آثامه وهو يعدِّد ثمار الشجرة. قلبيَ نحلٌ يحومُ بكل جسارتهِ على زهرةٍ بلاستيكية. أتفقُ معكِ أن حبّيَ أرنبٌ بطيء عند تفكيك هذا النص نجد صورا متعددة تحيلنا الى جماليات الإبداع عند لقمان محمود، حيث تعاكس الفراشة برقتها النار، وقلبه على زهرةٍ بلاستيكية. ان هذه الابتكارات شكلت صورة تثير الدهشة عند المتلقي لما حملته من تعبير ودلالات توضح قدرة الشاعر على صناعة الصور، وكما هو معروف ان الشاعر يصل لمرحلة لا يستطيع ان يصل لها الإنسان العادي، ولهذا كان يعتقد الإغريق أن الآلهة تدخل في اجساد الشعراء وتقول الشعر، وقال سقراط إن الشاعر كائن خرافي وهو ضوء. ولكن أرجوكِ ابقيني على هذا العذاب الجميل ريثما يلتقيان. *** خلعتْ أذنيَّ، ثم التفتْ حولي، لتبكي بحب. إنه التنوع في طرح المادة الإبداعية، ما جعل النص عبارة عن صور مختزلة على سياق متصل، وتظهر فيه فنية البناء ودقة اللغة التعبيرية عن الحالة الخاصة في الكتابة، اي انك تكون أمام تفرد في تنسيق الصورة، وتدخل في عملية الاكتشاف للوصول الى ما يريد محمود طرحه، فهذا تعدد يعطي دلالة على مخزونه وقدرته على بناء منجز شعري. يقول في نص ثانٍ: صدِّقيني حتى ولو كنت زهرة العبَّاد سأدور نحوكِ لا نحو الشمس. صدِّقيني كلَّما فتحتُ شُبَّاكي عليكِ ينسدلُ جداركِ عليَّ. صدقيني جميع المصابيح لا يعادل ما في جسدينا من كهرباء. لهذا أرجوكِ إطفئي جميع المصابيح كي يَرى حُبَّنا نوره الحقيقي. تتكون هذه المقطوعة الفنية من تداخلات متنوعة على إيقاع حسي، حيث تجد كل مقطع منها صورة مستقلة ترقى إلى أن تكون نصا ونحن نعيش مرحلة الومضة والشذرة، فالشاعر موهوب في تعدده. إن عدم وجود المركزية في شعر لقمان... تجعله أكثر ثراء وأكثر قدرة في التعامل مع القارئ الذي هو الشريك الثاني في العمل. * كاتب وناقد عراقي

مشاركة :