الوطن بين جيلين - د. محمد عبدالله الخازم

  • 9/25/2016
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

عندما نكتب عن الوطن في يومه المجيد، نكون بين الاستعراض والإشادة بمنجزاته السابقة أو طرح آمالنا المستقبلية منه. الشواهد على إنجازات الوطن لا تحصى بدءاً من معجزة التوحيد، التي أنجزها الملك عبد العزيز - طيّب الله ثراه - بعد أن كنا تحت رايات مختلفة، واستمراراً بتنمية ناهضة خلال عقود قليلة من الزمن، انتقلنا فيها من مجتمع يعتمد على بدائيات الرعي والزراعة إلى مجتمع مدني تنافس مدنه وجامعاته وطرقه ومؤسساته أرقى مثيلاتها العالمية. أحاول أن أتجاوز الكتابة عن تاريخ الوطن ومنجزاته ومكتسباته وتنميته خلال عمره المديد، ليس لعدم أهميتها، ولكن لأنني أدرك أن غيري سيقوم بالمهمة ومهما حاولت سيكون طرحي ناقصاً في هذا المجال. الوطن خطى خطوات كبيرة في عمره المديد، ومن يسير لابد أن يجد بعض الصعوبات في طريقه، لكننا لسنا في مجال النقد والبحث عن مكامن هي بحاجة إلى تطوير وتحسين، لازلنا في طور النمو والطريق أمامنا لازال شاقاً للانطلاق نحو الأفضل والأحسن والأكمل. سأكتب عن المستقبل وقد استعنت بسؤال الأصدقاء مع التركيز على أبنائي وأصدقائهم عن أمنياتهم للمستقبل. ما الذي يتمنونه لوطننا، وكيف يحلمون به. وقد اخترت أكثر عبارتين تكررتا في إجابتهم .. السلام؛ الكل يكرر حلمنا بالسلام، لأننا شعب نحب السلام. حلمنا بأن يتصالح هذا العالم حولنا وأن نعيش معه في سلام يجنبنا الحروب والصراعات والمنازعات التي تستنزف مواردنا ومجهوداتنا. مفردة السلام كررها الصغار والكبار، ويبدو أن هذا هو مطلب الشعوب دائماً وتسعى الحكومات الناضجة لتحقيقه لشعوبها. أعتقد أنه بالنسبة لنا ليس مجرد حلم شعبي، بل هو هدف تسعى القيادة لتحقيقه في أرض الواقع، لأنها قيادة تؤمن بحقوق ورغبات شعبها ولأننا دولة محبة للسلام. الحلم الثاني الذي تكرر يتمثل في حلمنا بمزيد من الانفتاح على العالم وقبول الآخر بدون عنصريات ونزعات وتصنيفات. نحن الكبار نتباهى بما تحقق في وطننا لأننا ندرك الفرق بين الماضي والحاضر، وبعضنا عاش صعوبات الحياة في الماضي وكيف تغيرت حياتنا للأفضل في كثير من الأمور، على المستوى الشخصي والمجتمعي وعلى مستوى الوطن. من عاش على ضوء الفانوس يدرك أهمية الكهرباء ومن عاش يتنقل بالدابة يدرك أهمية السيارة، ومن عاش يرعى الغنم يدرك أهمية الوظيفة ومن مات أبوه بالزائدة يدرك نعمة الخدمات الصحية، وهكذا في كافة المجالات. لكن الجيل القادم نظرته تتجاوز مقارنة الماضي بالحاضر، وإنما المقارنة بالعالم الآخر. يحلم بأن يرى وطنه لا يقل شأناً عن الغير، وكما يسافر ويخالط ويحتك بالآخر خارج الوطن يحلم بذلك داخله، وكما يشعر بالحرية والتنوع والقبول خارج وطنه، يحلم بتوسع آفاق التنوع وقبول الآخر والانفتاح داخل وطنه. لا يرغب أبناؤنا في مقارنات الماضي وإنما كيف يكون الحاضر المستقبل. مقارناته دائماً لماذا لا نكون مثل الآخر وأفضل منه... انتهت مساحة المقال والوطن لا حدود لمساحته في قلوبنا .. يحميك ربي يا بلادي.

مشاركة :