الحرب بين توريه ومدربه.. غوارديولا يملك اليد العليا

  • 9/25/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كان ديمتري سيلوك، وكيل أعمال لاعب مانشستر سيتي يايا توريه، صائبًا، بخصوص أمر واحد وربما بالفعل أمر واحد، وهو أن جوسيب غوارديولا هو الملك المتوج داخل مانشستر سيتي في اللحظة الراهنة، ويتحرك حاليًا من موقف قوة. وعليه، فإنه إذا رأى وكيل توريه أن أسلوب التعامل مع عميله يرقى لإعلان حرب، وفضل المقاومة بدلاً من إبداء الإيماءات الضرورية التي تميل باتجاه المصالحة والتي قد تفلح نهاية الأمر في منح اللاعب المنتمي لساحل العاج فرصة ارتداء قميص مانشستر سيتي مجددًا، فإن عليه تقبل فكرة أنه في موقف استراتيجي ضعيف يوشك على أن يكون يائسًا تمامًا، غوارديولا يملك اليد العليا. كان المدرب هو من بدأ القتال، وذلك من خلال رده عن سؤال عفوي حول مدى استعداد توريه للمشاركة في مباراة ببطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، حيث أجاب بتوجيه نقد حاد لسيلوك ووقاحته. كان مانشستر سيتي قد عانى لسنوات بسبب التوجه الذي يتبعه سيلوك في عمله، لكن أحد أسباب عشق سيلوك الواضح لمانويل بيليغريني يرتبط بحقيقة أن المدرب السابق لمانشستر سيتي لم يتمكن قط من حشد دعم أو قوة كافية لاتخاذ إجراء ضد وكيل اللاعبين. اللافت أن سيلوك يعمد إلى تصوير بيليغريني باعتباره ضحية، في الوقت الذي كان فيه مانشستر سيتي حقيقة الأمر يقف محلك سر على امتداد آخر موسمين في ظل قيادته وكان الجميع مدركًا لذلك. وفي الوقت الذي يعيش فيه سيلوك في أوهام أن مانشستر سيتي عمد إلى إلقاء بيليغريني في سلة المهملات دونما شفقة وفتح قناة اتصال مع غوارديولا خلف ظهره، فإن النادي في الواقع كان كريمًا للغاية في تعامله مع المدرب التشيلي. إن أي نادٍ قاسٍ حقًا كان سيتخلى عن بيليغريني بعد ثاني موسم له مع الفريق من دون بطولات، لكن بدلاً من ذلك قرر مانشستر سيتي تمديد تعاقده مع بيليغريني، في وقت كان الجميع على ثقة من أنه بمجرد انتهاء تعاقد غوارديولا مع بايرن ميونيخ، فإنه سينضم إلى مانشستر سيتي، كانت تلك دومًا الخطة طويلة الأجل. ومن حين لآخر، واجه بيليغريني مواقف محرجة، لأن الجميع كانوا مدركين أنه يجلس على مقعد المدرب على نحو مؤقت فحسب. ومع هذا، فإنه لم يتعرض مطلقًا للطعن في ظهره، ومن الكذب أن يلمح سيلوك إلى خلاف ذلك. نهاية الأمر، حصل بيليغريني على مهلة سخية تمثلت في 3 سنوات لتقديم إنجاز مقنع لاستمرار تمسك النادي به، والمؤكد أنه كان بحاجة إلى تحقيق إنجاز مذهل لجذب مانشستر سيتي بعيدًا عن السعي وراء ضم غوارديولا، ويقر الجميع بحقيقة أن بيليغريني لم يفلح في ذلك، فيما عدا وكيل اللاعبين الأوكراني. على الجانب الآخر، يمكن النظر إلى توريه باعتباره الضحية الحقيقي، ذلك أنه تعرض للاستبعاد من الفريق ما تجلى في مشاركته بمباراة واحدة هذا الموسم. والآن، يقف اللاعب في قلب أزمة دبلوماسية. وقد يرى البعض أن حالة التيه التي يعانيها توريه الآن لم تكن عصيبة بالنظر إلى تقاضيه قرابة 225.000 جنيه إسترليني أسبوعيًا، لكن تبقى الحقيقة أن اللاعب الذي لم يتجاوز الـ33 من عمره سيرغب بالتأكيد في المشاركة داخل الملعب، ومع انتهاء تعاقده مع نهاية الموسم، من الطبيعي أن وكيله يرغب في أن يشارك عميله بالمباريات. لذا، فإنه بدلاً من التصعيد ربما من الأفضل بالنسبة لمعسكر توريه أن يهدأ ويواجه الواقع. يذكر أن سيلوك أعرب عن اعتقاده أخيرًا أنه يتعين على غوارديولا محاولة البدء بتدريب نادٍ في مستوى سندرلاند، قبل أن يعتبر نفسه واحدًا من كبار المدربين. ثم زاد سيلوك وضع موكله صعوبة بالقول في تسجيل إذاعي لبرنامج «وورلد فوتبول» على شبكة «بي بي سي»: «جوسيب غوارديولا لا يفكر إلا بنفسه. يعتقد أنه الله. لقد فاز مع برشلونة بعدة ألقاب لكن يايا توريه فاز أيضًا بالألقاب ذاتها مع برشلونة (ليس بالتحديد لأن توريه ترك برشلونة عام 2010 وغوارديولا بقي حتى 2012)». لو أن غوارديولا ينظر إلى توريه عنصرًا زائدًا على حاجة الفريق، مثلما يلمح سيلوك، فإن الاحتمال الأكبر أنه كان سيلقي به إلى خارج النادي مع الحارس جو هارت. وكان من المثير حقًا في بداية الأمر متابعة كيف سيتمكن غوارديولا من تجديد علاقته بلاعب كان أول تفاعل بينهما في برشلونة. الملاحظ أنه في بداية الأمر على الأقل، بدا النادي مستعدًا لإبقاء أبوابه مفتوحة أمام توريه، وجرت طمأنة اللاعب بأنه سيكون لديه دور واضح في الفريق، وإن كان ذلك الدور لا يعني بالضرورة مشاركته في مباراة كل أسبوع. والسؤال هنا: هل يمكن اعتبار هذه المعاملة إذلالاً؟ تعتمد الإجابة على حجم شعورك بأحقية المشاركة مع الفريق. والملاحظ أنه مع قرب نهاية فترة تولي بيليغريني قيادة الفريق، ظهرت مؤشرات واضحة على أن توريه لم يعد بذات المستوى من التأثير داخل الملعب الذي كان عليه من قبل. وبالنظر إلى سنه ووضعه التعاقدي، فإن عليه التحلي بالواقعية في التعامل مع فرص مشاركته في الفريق الأول داخل نادٍ كبير، وقد أصبح مانشستر سيتي بالفعل ناديًا كبيرًا. إن مانشستر سيتي المتطلع نحو الانضمام إلى زمرة الأندية الكبرى ربما كان ليحتمل اللاعب الإيفواري لمدة أطول، لكن مانشستر سيتي في ظل قيادة غوارديولا الذي يقف على القمة بتحقيقه ثمانية انتصارات خلال لقاءاته الثمانية الأولى من الموسم الجديد، يتطلب أسلوبًا مختلفًا تمامًا للتعاطي معه. إن مانشستر سيتي هذا الموسم لم يعد يفتقد سيرغيو أغويرو عندما يغيب، ناهيك بتوريه. الملاحظ أن غوارديولا نجح في إضافة روح الابتكار إلى خط الوسط الذي يضم بالفعل أسماء كبرى؛ مثل كيفين دي بروين وديفيد سيلفا ورحيم ستيرلينغ الذي بدأ يستعيد سابق تألقه، في الوقت الذي مر غياب توريه دون أن يلحظه أحد. لقد مضى الفريق قدمًا، ولم يعد هناك من يسأل متى سيعود توريه، ناهيك بالإلحاح لضمان هذه العودة. ويعد هذا من الأمور المألوفة في الدوري الإنجليزي الممتاز، حتى بالنسبة للاعبين الذين تستقدمهم الأندية من أجل مكانتهم وخبرتهم. وبدلاً من البكاء لغياب توريه، ينشغل جمهور مانشستر سيتي الآن بالمركزين الملائمين للجناح الألماني ليروي سانيه والمهاجم البرازيلي غابرييل خيسوس. وحتى حال إقدام سيلوك ولاعبه على تقديم اعتذار علني إلى غوارديولا على أعتاب مجلس مدينة مانشستر - وهو أمر مستبعد الحدوث - ويبدو من غير المحتمل أن ينال توريه فرصة المشاركة في أكثر من مجرد حفنة من المباريات غير المهمة خلال موسمه الأخير مع النادي. لذا، فإن الاحتمال الأكبر أن هذه الضوضاء والجلبة التي نعانيها حاليًا ستستمر لباقي الموسم. ورغم أن هذا أمر سيئ بالتأكيد، فإن غوارديولا أوضح موقفه، وإن كان سيلوك على ما يبدو لم يلحظ ذلك بعد، وقد نال بالفعل تأكيد المدرب الإسباني ضرورة إبداء الاحترام الكافي له تأييدًا واسع النطاق. ويعود أحد الأسباب وراء ذلك إلى أن هناك انطباعًا عامًا بأن سيلوك سبق أن تجاوز الخط الأحمر بالفعل في مواقف سابقة، بينما يتمثل سبب آخر في أنه يبدو واضحًا للجميع أن غوارديولا نجح في دفع مانشستر سيتي قدمًا. ورغم مرور 6 مباريات فقط في الموسم الجديد للدوري الممتاز، فإن المنافسة الشرسة التي توقعها الكثيرون بين مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد بدأت تبدو بالفعل بعيدة الاحتمال للفارق الواضح بين مستوى أداء ونتائج الجانبين. وفي الوقت الذي يحرص فيه غوارديولا على عدم الوقوع في أخطاء، فإن جوزيه مورينهو مدرب مانشستر يونايتد يبدو عاقدًا العزم على ارتكاب كل خطأ ممكن، بينما يلقي اللوم على لاعبيه وينتقد مختلف الأفراد ويقدم وعودًا لواين روني يجد لاحقًا أنه من الصعب الوفاء بها. في الواقع، إن المحللين الرياضيين الذين توقعوا فوز مانشستر يونايتد بالدوري الممتاز هذا الموسم، جاء توقعهم هذا بناءً على فكرة أن مورينهو سبق له الفوز ببطولات داخل إنجلترا، في الوقت الذي قد يجابه فيه غوارديولا صعوبة في التعامل مع ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقه في مانشستر سيتي خلال موسمه الأول في بلد جديد. ومع هذا، فإن الأمور على أرض الواقع لم تسر على هذا المنوال حتى الآن. من جانبه، يبدو مورينهو مفتقرًا إلى الأفكار والإلهام بذات القدر الذي بدا عليه في تشيلسي الموسم الماضي، بينما يمضي غوارديولا قدمًا في هدوء ولم تعد فكرة تحويل مانشستر سيتي إلى نسخة جديدة من برشلونة حلمًا بعيد المنال. علاوة على ذلك، يحرز غوارديولا نصرًا على صعيد حرب العلاقات العامة. قبل اشتعال خلافه مع وكيل توريه، تحدث غوارديولا بنبرة ازدراء عن مانشستر يونايتد باعتباره فريقًا يعتمد على الكرات الطويلة، مشيرًا إلى أن بورنموث كان أفضل فريق واجهه مانشستر سيتي على امتداد الموسم. ورغم أن هذا الوضع قد يتبدل قريبًا، فإن مانشستر سيتي حاليًا يبدو متأهبًا لمجابهة أي تحدٍ الآن بجسارة. ولا يمكن لأحد إنكار هذه الحقيقية - ولا حتى توريه وسيلوك. لم يعلم يايا توريه بقرار غوارديولا بتجميد مشاركته مع الفريق حتى كشف مدرب مانشستر سيتي الأمر عن القرار على الملأ يوم الثلاثاء. وكان غوارديولا قد صرح قبل رحلة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة إلى سوانزي سيتي مساء الأربعاء، بأن توريه لن يلعب مرة أخرى للنادي إذا لم يتقدم وكيل أعماله سيلوك، باعتذار. شعر الإيفواري بالدهشة لمعرفته بالقرار من خلال وسائل الإعلام بدلاً من إخطاره شخصيًا من قبل غوارديولا حول تغير وضعه في الفريق. وعلى رغم مشاركته مرة واحدة في هذا الموسم – في مباراة إياب دوري الأبطال ضد ستيوا بوخارست (عندما كان سيتي متقدمًا بالفعل 5 - 0 من مباراة الذهاب) - فقد كان توريه يتدرب بجدية، وكان لديه تصميم على فرض نفسه على التشكيلة الأساسية للمدرب الكتالوني. ومعروف أن صاحب الـ33 عامًا لم يتسبب في أي مشكلات في النادي على رغم عدم إشراكه، وصرح غوارديولا أكثر من مرة بأن توريه لم يثر أي مشكلات. وكان المدرب وصفه يوم الثلاثاء بأنه «رجل طيب»، لكنه كان واضحًا بأن على سيلوك أن يعتذر للنادي، وللاعبين الآخرين، ولغوارديولا، لزعمه بأن المدرب صاحب الـ45 عامًا لم يحترم توريه عندما لم يدرجه في قائمة الـ25 لاعبًا المشاركين في دوري الأبطال. وكان قرار استبعاد توريه مفاجئًا لتوريه، الذي يشعر بخيبة أمل حيال الطريقة التي عامله بها غوارديولا بالنظر إلى سلوكه الاحترافي، معتقدًا أنه لا ينبغي معاقبته بسبب أفعال سيلوك. ومع تفاجئه بإعلان المدرب، لم يقدم توريه أي مؤشرات حول مستقبله وما إذا كان من الممكن أن يرحل عن الفريق خلال فترة الانتقالات الشتوية في يناير (كانون الثاني) المقبل أم لا. سيكون توريه حرًا في الانتقال لأي من أندية الدوري الممتاز في ذلك الوقت، مع استعداد سيتي للسماح للاعب الوسط بالرحيل لأحد منافسيه المباشرين. ومن شأن إدارة النادي أن توافق على انتقال الإيفواري إلى نادٍ آخر بالدوري الإنجليزي حتى لو كان ينافس سيتي على اللقب. والرأي السائد في ملعب الاتحاد أن أفضل أيام توريه، البالغ 33 عامًا، قد ولت، وأنه إذا كان هناك اهتمام من أندية أخرى في التعاقد معه، فمن غير المرجح أن يضر هذا بفرص سيتي في النجاح. وثمة احتمال بعيد بأن يستمر توريه في اللعب لسيتي ويوقع على تمديد عقده حتى يونيو (حزيران) المقبل، ويحصل على نفس الراتب، 220.000 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع. ويعني هذا أن بمقدوره أن يوقع على اتفاق مسبق في يناير، للانضمام لنادٍ جديد في الصيف. كان إنتر ميلان عازمًا على التعاقد معه الصيف الماضي، لكن توريه رفض العرض على رغم فرصة اللعب تحت قيادة المدرب روبرتو مانشيني، الذي رحل عن النادي منذ ذلك الوقت. كما رفض لاعب الوسط الفرصة الصيف الماضي للانتقال إلى اثنين من الأندية الصينية، شنغهاي إس آي بي جي، وجيانغسو سونينغ، حيث كان من الممكن أن يحصل من أيهما على 30 مليون جنيه إسترليني. وكما اعتزل توريه اللعب الدولي مع كوت ديفوار يوم الثلاثاء، فهناك فرصة بألا يلعب كرة القدم مرة أخرى حتى الموسم المقبل، مالم يرحل عن سيتي في يناير. ومنذ انتقل توريه إلى سيتي قادمًا من برشلونة في صيف 2010، كان الإيفواري عنصرًا أساسيًا في نجاحات النادي الأخيرة. 2011، سجل أهداف الفوز في نصف نهائي ونهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، لتأمين أول لقب كبير لسيتي منذ 1976. كما كان توريه القوة الدافعة وراء فوز الفريق بلقبي البريميرليغ في 2012، و2014، كما لعب دورًا أساسيًا في الفريق الفائز بكأس رابطة الدوري في 2016، وقبلها بعامين. وخلال السنوات الست التي قضاها توريه في سيتي، اختير أفضل لاعب أفريقي 4 مرات، وقاد كوت ديفوار إلى لقب كأس الأمم الأفريقية في فبراير (شباط) 2015.

مشاركة :