عواصم (وكالات) اعتبرت المعارضة السورية والفصائل المسلحة التابعة لها أمس، أن العملية التفاوضية وفق الأسس الراهنة، لم تعد مجدية ولا معنى لها في ظل القصف والقتل والتدمير، رافضة أن تكون موسكو شريكاً في رعاية تلك العملية، لكونها شريكاً في جرائم النظام، ما جعلها «خصماً وحكماً» في الوقت ذاته، وطلبت في بيان وقعه أكثر من 30 فصيلاً بينها الجيش الحر، بهدنة توقف القتال فوراً ويسمح بوصول المساعدات برعاية الأمم المتحدة. من جهته، طالب أمين عام للأمم المتحدة بان كي مون أثناء اجتماع طارئ لمجلس الأمن دعت إليه واشنطن وباريس ولندن لبحث التصعيد في حلب، الدول الكبرى ببذل جهد أكبر لوضع حد «للكابوس» في سوريا، متسائلاً «إلى متى سيسمح جميع من لهم تأثير في النزاع المحتدم باستمرار هذه الوحشية؟». وشهد الاجتماع الطارئ هجوماً عنيفاً على موسكو، حيث أكدت السفيرة الأميركية سامنثا باور التي تتشارك بلادها رعاية المحادثات الخاصة بالملف السوري، أن «هناك جماعات إرهابية في سوريا، لكن ما تفعله روسيا في حلب ليس مكافحة للإرهاب بل هو وحشية» مضيفة أن الأخيرة «تدعم نظاماً قاتلاً وتتمادى في الاستفادة» من كونها تتمتع بالفيتو في مجلس الأمن، قبل أن تقول «التاريخ لن يرحم روسيا». وندد السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر بما اعتبره «جرائم حرب ترتكب في حلب» على خلفية استخدام قنابل حارقة وذخائر متطورة، داعياً إلى «ألا تبقى من دون عقاب»، واتهم دمشق وموسكو بالمضي في الحل العسكري واستخدام المفاوضات «للتمويه». وشبه دولاتر حلب بساراييفو خلال الحرب البوسنة، وبغيرنيكا الإسبانية أثناء الحرب الأهلية القرن الماضي، مشدداً على أن بلاده تطالب بالتطبيق الفوري للاتفاق بين موسكو وواشنطن بشأن وقف القتال «ابتداءً من حلب»، كما اعتبر السفير البريطاني ماثيو رايكروفت الجهود الأميركية والروسية بشأن سوريا «تقترب من نهايتها» وعلى المجلس أن يقرر ما يمكن القيام به لفرض وقف فوري لقصف حلب وغيرها من المناطق المدنية، متهماً موسكو بإطالة أمد النزاع والمعاناة ، وأشار إلى «الخروق الفاضحة للقوانين الدولية» في حلب متطرقاً إلى احتمال اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية. وبدوره، قال المندوب الروسي لدى المنظمة الدولية فيتالي تشوركين، إن «تحقيق السلام في سوريا يكاد يكون مهمة مستحيلة الآن»، وإن وقف النار بوساطة أميركية روسية، لا يمكن أن يسفر عن نتائج في السعي نحو إيجاد حل سياسي بسبب «التخريب» من قبل «جماعات المعارضة المعتدلة»، مشيراً إلى فشل الولايات المتحدة في التأثير على هذه الجماعات. وذكر أن روسيا بحاجة لرؤية «الرغبة الصادقة» للفصل بين المعارضة المعتدلة المدعومة من قبل قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، عن جماعة جبهة «النصرة» المرتبطة «بالقاعدة» رغم تغيير اسمها. وفي وقت سابق أمس، أعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أن روسيا قد تكون ارتكبت جريمة حرب في سوريا، كونها قصفت قافلة المساعدات الإنسانية غرب حلب في 19 سبتمبر الحالي، مضيفاً «نظام الرئيس فلاديمير بوتين ليس مسؤولاً عن إعطاء الأسد المسدس فحسب، كما كان الوضع، بل وإطلاق النار بنفسه في بعض الأحيان أيضاً». وتابع قائلاً، إن موضع الاهتمام ينبغي أن يكمن فيما إذا كانت عملية قصف قافلة المساعدات تمت مع معرفة أن الأهداف كانت مدنية، ومن ثم يعتبر ذلك جريمة حرب، واصفاً استئناف قصف حلب بعد انهيار اتفاق الهدنة، بأنه «بربري بكل ما تحمله الكلمة من معان». وفي السياق ذاته، قال وزير خارجية فرنسا جان مارك أيرولت إن روسيا وإيران قد تصبحان شريكتين في جرائم حرب إذا واصلتا إطالة أمد الحرب في سوريا، وطالب الدولتين الداعمتين للأسد «بالاضطلاع بمسؤولياتهما من خلال التخلي عن هذه الاستراتيجية التي تقود إلى طريق مسدود». وأثناء جلسة مجلس الأمن مساء أمس، طالب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أطراف الأزمة السورية بوقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة لإيصال المساعدات الإنسانية لأهالي حلب، مبيناً أن عدد القتلى جراء الأعمال القتالية بريف المدينة منذ توقف سريان الهدنة بلغ 213 شخصاً. وقال إن الأحداث المأساوية التي تمر بها حلب حالياً غير مسبوقة، مشيراً إلى أن وحدات المعارضة السورية تستخدم صواريخ تقتل المدنيين. وأكد دي ميستورا أن الهدنة التي أعلنت بسوريا في 12 سبتمبر الحالي، وفقاً للاتفاق الروسي الأميركي، أدت إلى تراجع ملموس للعنف في البلاد، لكن الأوضاع تدهورت بصورة حادة بعد تعرض قافلة مساعدات إنسانية لقصف قرب بلدة أورم الكبرى قرب حلب. كما لفت إلى أن تدمير البنية التحتية شرق حلب أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المأساوية، مؤكداً أن «فرص حل الأزمة السورية لا تزال قائمة».
مشاركة :