قانون «جاستا» الذي عطله أوباما

  • 9/26/2016
  • 00:00
  • 36
  • 0
  • 0
news-picture

ظلت المملكة على الدوام، ضد الإرهاب، وضد التدخل في الشؤون الداخلية للدول والمجتمعات، وهذا السلوك ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من عقيدة سياسية ودينية، ترفض قتل الأبرياء، وقد ظلت المملكة منذ سنوات طويلة تنسق أعمالها الاستخباراتية مع الجانب الامريكي فيما يتعلق بمكافحة الشيوعية ومكافحة الارهاب، وهذا التاريخ من التنسيق الطويل، يؤكد أن ليس لدى المملكة ما تخافه من هذه القوانين، مثلما لم تهتز المملكة من رفع السرية عن المعلومات الامريكية حول هجمات 11 سبتمبر 2001، والصفحات الثماني والعشرين، التي اثبتت عدم تورط المملكة رسميا بأية اعمال ارهابية خارجية. لهذا كانت المملكة قوية في رؤيتها وحجتها، وكانت تطالب برفع السرية عن هذه الاوراق منذ سنوات طويلة، حتى اتضح للقاصي والداني، أنها لا تحمل دليل ادانة واحدا ضد المملكة، وان البعض استغلها كأداة لابتزاز وتشويه صورة المملكة امام الرأي العام الامريكي والعالمي، ومع ذلك صمدت المملكة، وكان لدبلوماسيتها النشطة دور كبير في نزع فتيل الازمات، دفعت برمزيات امريكية كبيرة بوزن مدير المخابرات الامريكية لتأكيد براءة المملكة، وانها لم تساعد او تساند الارهاب، وان سلوكها الخارجي كان دائما ملتزما بالقانون الدولي. رفض الرئيس باراك اوباما قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أو «جاستا» رقم 2040، يكشف ان الادارة الامريكية واعية جدا لتداعيات مثل هذه القرارات على القانون الدولي والعلاقات الدولية، وان القبول بالقرار ليس النهاية، فالمملكة لديها من المعلومات ما يؤهلها لدحض هذا القانون وتأكيد براءتها، ولديها معلومات امريكية تنفي تورطها، وهي بذلك تقف على ارضية صلبة لا يمكن النيل منها، ولكن التحشيد الاعلامي يختلف كلية وقيمة هذا القانون التأثيرية، فمنذ سنوات طويلة والمملكة تتعامل والمؤسسات الامريكية، ومن طبيعة عمل هذه المؤسسات المساومة واحيانا الابتزاز والضغط، وهي وسائل معمول بها في امريكا ولا يعاقب عليها القانون. اننا مثل الرئيس الامريكي باراك اوباما اشد حزنا لما جرى لامريكا اولا ولاسر الضحايا ثانيا، واكثر حزنا لان هناك من وظف الاسلام والمسلمين لزرع بذور الكراهية بين شعبينا، ولافساد العلاقة التاريخية والاستراتيجية، كما ان هذا القانون سيفتح المجال لمحاسبة امريكا ايضا على اعمال جرت في دول خارجية كالعراق وافغانستان وفيتنام واليمن، ويدخل العالم في نفق جديد من الفوضى، حيث تظل قضايا القانون الدولي والسياسة الخارجية والعمل الاستخباري من صميم عمل الاجهزة الحكومية وليس الافراد والمحاكم، كما ان القانون يعبث بالاسس السيادية المستقرة والمعترف بها في القانون الدولي، ويجعل سيادتها في مهب الريح. ان المملكة ليست شريكا عاديا للولايات المتحدة، بل المملكة قوة سياسية واقتصادية، ولها حضور مؤثر في العلاقات والاقتصاد الدولي، وهي قوة روحية ومرجعية للعالم الاسلامي ومن الدول المؤسسة للامم المتحدة، ومن المدافعين عن هيبة القانون الدولي، والامم المتحدة، وهي قوة رئيسة ومحورية للامن والاستقرار الاقليمي والدولي، وشريك للمجتمع الدولي في محاربة ومكافحة الارهاب. ان الذين ابهجهم قرار الكونجرس الامريكي ودفعوا الاموال الطائلة لصدوره، وترويجه اعلاميا لتعزيز ضغط الرأي العام ضد الرئيس الامريكي باراك اوباما، وقدروا بأن الرئيس في دورته وايامه الأخيرة في البيت الابيض من الممكن ان تدفع به للموافقة على القرار، كانوا واهمين، فهم اعتبروا امريكا دولة على شاكلة ولاية الفقيه، دولة بلا قانون ولا مبادئ ولا اسس ولا اخلاقيات قانونية، فتصرف الرئيس الامريكي اعطى معنى جديدا للولايات المتحدة بأنها حقا دولة مؤسسات، وزعيمة للعالم دون منازع.

مشاركة :