توقع تقرير حديث ومتخصص حدوث انعكاسات كبيرة على التجارة والتدفقات المالية خلال الـ 15 عاماً المقبلة نتيجة للتحول الاقتصادي الهيكلي في المملكة، كما جاء في رؤية 2030 التي تؤسس لنموذج تجاري واستثماري واعد. واستعرض التقرير التطورات التي ستطول الحساب الجاري في الفترة بين 2016 و2030، الذي يتوقع أن يحقق فائضاً قدره 135 مليار دولار «ما يعادل تقريباً 506 مليارات ريال». وأضاف: في السابق اعتمدت هيكلية ميزان المدفوعات في المملكة بشكل كبير على أسعار النفط المرتفعة، التي مكنت الحكومة آنذاك من زيادة إنفاقها لدعم النمو الاقتصادي، إلا أن ذلك سيتغير جذرياً خلال الأعوام الخمسة عشر المقبلة. وتوقع التقرير الصادر عن «جدوى للاستثمار» انخفاض نسبة صادرات النفط خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة من إجمالي التدفقات إلى الحساب الجاري، بالرغم من ارتفاع إيرادات النفط، لتتراجع من 65 % عام 2015 إلى 57 % عام 2030. حيث سيؤدي الإصلاح الهيكلي المتوقع إلى زيادة التدفقات الواردة إلى الحساب الجاري غير النفطي من 85 مليار دولار عام 2015 ليصل إلى 262 مليار دولار عام 2030، مما يؤسس لجعل المملكة مركزاً تجارياً لوجستياً يحفز تصدير وإعادة تصدير السلع غير النفطية. وإلى جانب السلع، واصلت صادرات الخدمات نموها، حيث ارتفعت من 12,5 مليار دولار عام 2014 إلى 14,5 مليار دولار عام 2015. وتشكل قيمة السلع والخدمات التي يدفعها القادمون إلى المملكة معظم إيرادات تلك الخدمات، وتغلب عليها زيارات الحرمين الشريفين للحجاج والمعتمرين. وتهدف الرؤية لزيادة العدد السنوي للمعتمرين خلال الـ 15 عاماً المقبلة بخمسة أضعاف ليصل إلى 30 مليون معتمر وحاج مقارنة بـ 6 ملاييين عام 2015. مما سيؤدي إلى زيادة إنفاق المعتمرين على الخدمات المحلية (كالغذاء والسكن والنقل)، وبالتالي تسارع نمو صادرات الخدمات لتصل إلى 48,5 مليار دولار عام 2030. ومن المتوقع كذلك -بحسب التقرير- أن تؤدي الإصلاحات الهيكلية التي ستجري على جوانب رئيسية تتعلق بإنشاء الأعمال في المملكة، كحقوق الملكية، وقوانين سوق العمل، وإنفاذ العقود وغيرها، إلى ارتفاع التدفقات الواردة إلى الحساب المالي المستبعد منه الاحتياطي خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة. ونتيجة لذلك التحسن، سيتقلص عجز الحساب المالي المستبعد منه الاحتياطي تدريجياً خلال نفس الفترة، مع استقطاب المملكة للعديد من المستثمرين والدائنين الأجانب. بالإضافة لذلك، سيعمل صندوق الاستثمارات العامة بعد إعادة هيكلته إلى إحداث زيادة كبيرة في الدخل من فئة استثمارات رأس المال في الحافظة مستقبلاً. وتشمل الإصلاحات الأخرى التي جاءت في رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 زيادة برامج الخصخصة وتنمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحرير سوق رأس المال، ووفقاً للتقرير فإن هذا الدور المترقب في الحساب المالي المستبعد منه الاحتياطي، سيكون له انعكاسات على النظام المالي المحلي، حيث يتوقع أن يؤدي إلى زيادة العلاقات مع مؤسسات التمويل الدولية. كما ستسهم تلك الإصلاحات في دعم صافي وضع الاستثمارات الدولية للمملكة. حيث تتوقع «جدوى» أن تصل تلك الاستثمارات إلى 1,3 مليار دولار بحلول 2030، الذي سيشكل 77,6 % من الناتج المحلي الإجمالي. مما يبرز أهمية الدور المتصاعد للتدفقات الواردة إلى الحساب المالي المستبعد منه الاحتياطي الذي يدل على أن ثبات سعر الصرف سيستمر ليكون مرساة للاستقرار الاقتصادي، داعماً فترة مرتقبة من التوسعات في الأنشطة الاستثمارية والمالية والمختلفة.
مشاركة :