يضم مركز التأهيل الشامل للذكور بمدينة الرياض بين جنباته(341) نزيلاً من ذوي الإعاقات الحركية أو العقلية، إلى جانب نزلاء آخرين لديهم عجز تام يقيمون في مبنى مستقل، وكذلك نزلاء يعانون أمراضاً عقلية، ومن بين هؤلاء(140) مقعداً، كما يعمل المركز على متابعة العمل الاجتماعي ورعاية الحياة اليومية وترتيب العلاقة بينهم ومتابعة لباسهم وتغذيتهم وخروجهم وتواصلهم مع أسرهم. ويعمل بالمركز(90)موظفاً ما بين أطباء وأخصائيين وممرضين ومشرفي تغذية وعاملين وإداريين يعالجون القضايا الاجتماعية ويتواصلون مع النزلاء ويجلسون معهم ويرافقونهم، كما يضم المركز قسماً طبياً شمولياً يتابع الحالات الطبية الدورية، تحت إشراف مجموعة من الممرضين والأطباء السعوديين والمتعاقدين؛ إذ يتابع هؤلاء الحالة الصحية للمرضى ويجرون الفحوصات اليومية لهم ويتابعون عملية صرف الأدوية لهم، إلى جانب متابعة المواعيد وحصر الاحتياجات الطبية للنزلاء، وكذلك مخاطبة المستشفيات المتعاونة مع المركز. "الرياض" زارت المركز وكشفت التفاصيل. البيئة الأسرية أفضل وكشف "طارق بن محمد الزهراني" -مدير مركز التأهيل الشامل للذكور بالرياض- عن وجود تعاون مع غالبية مستشفيات "الرياض"، ومن أهمها "مجمع الأمل" و"مدينة الملك سعود الطبية" و"مستشفى واحة الرياض"، إلى جانب العديد من المستشفيات الخاصة والعسكرية، وذلك بناءً على ملفات المرضى التابعة لأسرهم. وقال إنَّ عدداً من الحالات تكون البيئة الأسرية أفضل بالنسبة لهم من البقاء في المركز، بيد أنَّه لا يمكن إلزام أسرهم باستلامهم، موضحاً أنَّ بعض الأسر تستضيف أبناءها لفترات طويلة، كما أنَّ من بينها من يكون لديهم عذر يمنعهم من اصطحاب أبنائهم، ومن ذلك وفاة الأب والأم، مشيراً إلى أنَّه من النادر جداً أن يوجد أخ يعتني بأخيه المعوق، خاصة الحركيين الذين يعانون من التخلف العقلي، مرجعاً السبب في ذلك إلى عدم قدرتهم على السيطرة على تصرفاتهم. وأضاف أنَّه في كثير من الحالات تكون بيئة الأسرة أفضل من البقاء في المركز، موضحاً أنَّ هناك من ذهب إلى أسرته وتحسَّنت حالته، كما أنَّ بعض الحالات قد تنتكس وتمتنع عن الأكل وتزعج أسرتها حتى تعود إلى المركز. معاملة النزلاء وأكد "الزهراني" على أنَّ العاملين في المركز يعجزون في كثير من الحالات عن تغيير سلوك بعض النزلاء ويرضون بالأمر الواقع حفاظاً على سلامة النزيل، مستشهداً في هذا الشأن بحالة أحد النزلاء الذي يتمسك بارتداء ثوب بني، موضحاً أنهم حاولوا معه كثيراً ليغيِّر هذا الثوب ويلبس ملابس مناسبة لفصل الصيف أو أيّ ألوان أخرى، بيد أنَّه رفض ذلك ومزّق الملابس التي تم إعطاؤها له مباشرة، مبيناً أنَّه يُعدُّ مثالاً لحالات أُخرى كثيرة، لافتاً إلى أنَّ محاولة توحيد زيّ النزلاء باءت بالفشل لأسباب أخرى مشابهة. وأشار إلى أنَّ الكوادر العاملة في المركز تضطر في بعض الأحيان إلى استخدام أربطة طبية لتقييد حركة بعض النزلاء؛ لأنَّهم قد يؤذون أنفسهم أو غيرهم، مضيفاً أنَّ أحدهم يحاول في كثير من الأحيان أن يُدخل أصبعه في عينه، الأمر الذي يجعلها معرضة للخطر، مرجعاً أسباب إساءة بعض العمالة لنزلاء بعض المراكز إلى أنَّهم غير مهيأين بشكل كاف للتعامل مع هذه الحالات، كما أنَّهم قد لا يعون عواقب ما يرتكبونه بحقهم، لافتاً إلى أنَّ بعض المرضى يكون التعامل معهم متعب جداً لهذه العمالة. وأوضح أنَّ من بين الحالات الغريبة في هذا الشأن أنَّ هناك مرضى متخلفين عقلياً يباغتون العمالة أثناء العناية الصحية بهم ويتهجمون عليهم، إلى جانب محاولة بعضهم أكل المناديل المُتسخة أو أيَّ أشياء أخرى تقع عليها أعينهم، ومن ذلك المسامير أو القطع البلاستيكية مما يجعل السيطرة عليهم وتأمين سلامتهم تستوجب وجود عدد كاف من العمالة وتدريبهم وتهيئتهم، مشيراً إلى أنَّ محاولة درء الخطر عن النزيل تأتي عادةً في الدرجة الأولى، موضحاً:"عملنا هو حماية النزيل ودرء الخطر عنه، ومن أجل ذلك فإنَّ غالبية مباشرة المرضى تتم بواسطة فريق متكامل وليس أفراد، ومن أمثلة ذلك وجود فريق لاستحمام المرضى مكون من عاملين وممرضين ونظام جودة متكامل". عقوبة المشغل وعن العقوبات التي تُتخذ بحق من يسيء للنزلاء من العاملين بالمركز، أكد "الزهراني" أنّه تم اتخاذ عدد من العقوبات في أكثر من حالة، موضحاً أنَّها شملت فرض غرامات مالية بحق الشركة المُشغِّلة، إلى جانب إنهاء عقود العمالة المُخالفة وسجنها وإبعادها إلى خارج "المملكة"، مبيناً أنَّه تمَّ تسجيل حادثة واحدة بالمركز خلال العام الماضي كانت عبارة عن سوء تصرف من عامل، إذ تمَّ فرض غرامة مالية عليه وأُحيل بعدها إلى "هيئة التحقيق والادعاء العام" وتمَّ على إثرها إنهاء عقده وإبعاده خارج "المملكة". "كاميرات" مراقبة وبين "الزهراني" أنَّ وجود العديد من "كاميرات" المراقبة في المركز ساهم في ضبط العمل وسلامة المرضى والنزلاء، مشيراً إلى أنَّها كشفت عن حالات سوء تصرف من قبل العمال بحق بعض النزلاء مما تسبب في إيذاء بعضهم، إلى جانب كشف الفريق الطبي والملاحظين لحالات أُخرى مشابهة، مؤكداً على أنَّ عدد "الكاميرات" يصل إلى (128) "كاميرا" في كافة أرجاء المركز، لافتاً إلى أنَّ هناك العديد من قصص النجاح التي تحقَّقت للمركز، ومن ذلك أنَّ المركز تمكن من المساهمة في توظيف خمسة نزلاء مدركين بعد أن تحسَّنت حالتهم الصحية والنفسية بشكل واضح، موضحاً أنَّهم أصبحوا يذهبون الى أعمالهم ويعودون إلى المركز للمبيت بداخله. وشكا العاملون في المركز من ضعف تواصل كثير من الأسر مع أبنائها، فمن بين (341) نزيلاً فإنَّ هناك (20) نزيلاً فقط يزورهم ذووهم مابين فترة زمنية وأُخرى، أما من تبقى من النزلاء فإنَّهم محرومون من زيارة ذويهم، على الرغم من نداءات المركز لهم وحثهم على زيارتهم، لافتاً إلى أنَّ امرأة كبيرة في العمر كانت كثيرة الزيارة لابنها المعوق، وفي كل مرة تزوره فيها كانت تأتي محمَّلة بالهدايا لبقية النزلاء، الأمر الذي أدخل عليهم البهجة والسرور، مشيراً إلى أنَّها انقطعت فجأة عن زيارة ابنها، وحينما تمَّ التواصل مع أفراد أسرتها للسؤال عنها، أكدوا على أنَّها انتقلت الى رحمة الله. علاج طبيعي وقال "عبدالسلام الدايل" -مشرف العلاج الطبيعي بالمركز- :"معظم الحالات التي تستفيد من العلاج الطبيعي تعاني من تخلف عقلي نتج عنه إصابتها بمشكلات حركية"، مضيفاً أنَّ هناك صعوبة تواجه من يتعاملون معهم، خاصة أنَّ كثيراً منهم غير مدركين، مشيراً إلى أنَّه تمَّ تهيئتهم للتأقلم مع الوضع، الأمر الذي نتج عنه تحسن واضح على صعيد وضعهم الصحي، موضحاً أنَّه بالنسبة لحالات الشلل والإعاقات الحركية فإن الهدف المأمول هو الحفاظ على المستوى وعدم تردي الحالات، إلى جانب محاولة منع إصابتهم بالتقرحات؛ لأنَّ المريض ينتقل ويتحرك من سريره ويحرك الدورة الدموية، لافتاً إلى أنَّه تم لهذا الغرض تأمين عدد من الأجهزة الحديثة وكادر سعودي متميز. ويخضع المركز حالياً لأعمال تحسينات وترميم لبعض مرافقه بدعم من بنك "ساب"، إلى جانب إنشاء وحدة ترفيه وصالة للألعاب التلفزيونية وإعادة تهيئة الصالة الرياضية، والتقينا بداخل الصالة الرياضية المؤقتة بنزيل بارع جداً في لعبة كرة القدم على جهاز "البلاي ستيشن"، حيث وجدناه مزهواً بقدرته في الفوز على جميع منافسيه، كما التقينا في احدى جنبات المركز بالنزيل "خالد" الذي يعاني من تخلف عقلي، وكان ينادي على مدير المركز، قبل أن يأتي مسرعاً ويُسلِّم عليه وهو فرح جداً ويتمتم ببعض الأناشيد. علاج بالعمل وأشار "عبداله الحواس" -رئيس وحدة العلاج بالعمل- إلى أنَّ للعلاج بالعمل دورا كبيرا ومهما لبعض النزلاء، مشيراً إلى أنَّ هناك حكاية وفاء من نزلاء المركز لأحد زملائهم ممن كان يعمل في "هيئة الاستثمار، موضحاً أنَّهم قرروا بعد أن تُوفيَّ أن يُنضِّمون معرضاً خيرياً يضم العديد من رسوماته التي نفَّذها إبان إقامته معهم، مؤكداً على أنَّ هناك تنسيق مستمر حول وضع آلية لتنفيذ المعرض في أقرب فرصة ممكنة. ملاحظة طبية وفي مكان مليء بأسرة بيضاء يرقد فوقها عدد من المرضى من فاقدي الوعي، وجدنا أنَّ هناك كادرا طبيا ملازما لهم، والتقينا حينها "د.محمد فؤاد" -مدير الأطباء، ومشرف على قسم الملاحظة والعناية المركزة بالمركز-، حيث أكد على أنَّ عدد الحالات المنومة في قسم الملاحظة الطبية يبلغ (32) حالة، مشيراً إلى أنَّ الشغل الشاغل للكادر الطبي العامل في القسم هو منع الحالات المرضية الصدرية ومتابعة فترة علاج المرضى، ثمَّ إعادتهم إلى غرفهم. وأضاف أنَّ أصعب الحالات تكون حينما تجتمع المشكلات الخلقية في القلب مع وجود الإعاقة، موضحاً أنَّ المشكلة هنا تكون معقدة جداً، مشيراً إلى أنَّ أحد المرضى يعاني من خلل خلقي وشلل دماغي وشلل حركي، مبيناً أنَّها أُجريت له عملية قلب مفتوح، مؤكداً على أنَّ حالته -بحمد الله- مستقره حالياً، مشدداً على أنَّ الكادر الطبي يعمل جاهداً على مكافحة العدوى بين المرضى ومنع حدوث تقرُّحات سريرية، لافتاً إلى أنَّ الوزارة وفرت كادرا طبيا مدربا وتجهيزات عالية، منها مراتب هوائية مناسبة لمنع حدوث التقرحات.
مشاركة :