قررت مؤسسة النقد العربي السعودي ضخ ما يربو على 20 مليار ريال سعودي ودائع زمنية لدى القطاع المصرفي، نيابة عن جهات حكومية، وتوفير فترة آجال استحقاق لمدتي 7 أيام و28 يوماً لاتفاقيات إعادة الشراء، إضافة إلى آجال الاستحقاق ذات فترة اليوم الواحد المعمول بها حاليا. أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، أمس، خطوات جديدة لدعم استقرار السوق المالي المحلي شملت ضخ نحو 20 مليار ريال (5.33 مليارات دولار) ودائع زمنية في القطاع المصرفي، وتوفير فترتي استحقاق جديدتين لاتفاقات إعادة الشراء. وكان هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 تسبب في خفض الإيرادات الحكومية، وهو ما أثر بدوره على تدفق إيرادات الخام على النظام المصرفي السعودي. وبعد نمو متواصل لسنوات، انخفض إجمالي الودائع لدى البنوك التجارية 3.3 بالمئة في يونيو مقارنة به قبل عام. وأدى ذلك إلى شح السيولة بالنظام المصرفي ودفع معدلات الفائدة بين البنوك للارتفاع. وقفز معدل الفائدة بين البنوك السعودية لعام واحد أكثر من 1.5 نقطة أساس في الاثني عشر شهرا الأخيرة. وقال بيان نشر على الموقع الإلكتروني للمؤسسة: "قررت مؤسسة النقد العربي السعودي... ضخ ما يربو على 20 مليار ريال سعودي ودائع زمنية لدى القطاع المصرفي نيابة عن جهات حكومية، وتوفير فترة آجال استحقاق لمدتي 7 أيام و28 يوما لاتفاقيات إعادة الشراء، إضافة إلى آجال الاستحقاق ذات فترة اليوم الواحد المعمول بها حاليا". إجراءات جذرية كانت "رويترز" نقلت عن مصرفيين في أغسطس أن المؤسسة ربما تلجأ إلى مزيد من الإجراءات الجذرية للحفاظ على استقرار النظام المصرفي. ويقوض شح السيولة من قدرة البنوك على إقراض القطاع الخاص بمعدلات فائدة معقولة - وهو أمر ضروري في وقت تحاول فيه الحكومة الحد من الأضرار التي لحقت بالاقتصاد من جراء هبوط أسعار النفط - وقد يرفع تكلفة الإقراض للحكومة التي تبيع السندات إلى البنوك بصورة شهرية لتمويل عجز الموازنة. وقال "المركزي" في البيان إن مستوى القروض المتعثرة لا يزيد على 1.3 بالمئة من إجمالي القروض، في حين تتجاوز نسبة تغطية المخصصات 165 بالمئة من إجمالي القروض المتعثرة، بينما تتجاوز نسبة كفاية رأس المال التنظيمي 18 بالمئة. وفي الظروف العادية تستخدم مؤسسة النقد سعر إعادة الشراء (الريبو) لإقراض البنوك، عندما تواجه نقصا في السيولة. لكن عمليات الريبو قصيرة الأجل وغير قادرة على مواجهة نقص السيولة على المدى الطويل. دعم الاستقرار تأتي الإجراءات الجديدة للمركزي السعودي امتدادا لخطوات أخرى أخدتها المؤسسة خلال العام الحالي لمواجهة شح السيولة في النظام المصرفي. فمنذ بداية الربع الأول من العام قلصت مبيعاتها من أذون الخزانة للبنوك. وبلغت حيازات البنوك من سندات الخزانة 52.8 مليار ريال (14.1 مليار دولار) في يونيو، انخفاضا من 215.8 مليار ريال قبل عام، لتسجل أدنى مستوى منذ 2010 على الأقل. ومنذ الربع الثاني بدأت المؤسسة في تجنيب مخصصات طويلة الأجل للبنوك التي تحتاج إلى ذلك. لكن ظلت هناك علامات لاستمرار الضغوط على السيولة. فعلى الرغم من استقرار معدلات الفائدة بين البنوك أواخر يونيو، فقد عاودت الصعود في الأسابيع الأخيرة، وسجل معدل الفائدة بين البنوك لأجل عام واحد أعلى مستوى منذ يناير 2009. علاوة على ذلك تباطأت وتيرة ارتفاع حيازات البنوك من السندات الحكومية في يونيو، إذ ارتفعت بقيمة 3.1 مليار ريال فقط في ذلك الشهر. وربما يشير ذلك إلى أنه في ظل عدم توافر الأموال الإضافية بدأت البنوك تفقد شهيتها لشراء السندات التي تصدرها الحكومة بصورة شهرية بقيمة 20 مليار ريال. أمر لافت وتغلف السرية إصدارات السندات الحكومية، ولذا يقول مصرفيون إن من المستحيل التأكد من حجم السندات التي تنجح الحكومة في بيعها. ويقول الاقتصادي فضل البوعينين إن الإجراءات الأخيرة لمؤسسة النقد أمر لافت ومهم لدعم الاستقرار المالي، ولتوفير سيولة كافية تسهم في دعم الاقتصاد. ويضيف: "يبدو أن المؤسسة متقدمة جدا في استخدام أدواتها المتاحة لمعالجة شح السيولة في الاقتصاد، وبالرغم من دورها المحوري، فإن منظومة المدفوعات الحكومية في حاجة الى تيسير أكبر، وبما يسهم في تحقيق أهداف الدعم العاجلة. "معالجة السيولة لن تكون متاحة من خلال إجراءات مؤسسة النقد فحسب، بل هي في أمسّ الحاجة إلى عمل مؤسسي جماعي تقوم به الحكومة، خاصة ما يتعلق بالمستحقات المالية، إضافة الى وقف إصدار السندات المحلية والاستعاضة عنها بالسندات الدولية، والاستفادة من الاحتياطيات المالية التي باتت الحاجة إليها اليوم أكبر وأشد إلحاحا". ومنذ أغسطس 2015 باعت الحكومة شهريا سندات محلية إلى البنوك بقيمة 20 مليار ريال تقريبا لتمويل عجز الميزانية.
مشاركة :