يتريث رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد بعد غد الخميس إفساحاً في المجال للمساعي التي يقوم بها عدد من الوزراء، ومن بينهم وزيرا «حزب الله» محمد فنيش وحسين الحاج حسن، لدى «تكتل التغيير والإصلاح» لإقناعه بمعاودة مشاركته في الجلسات بعد أن قاطعها احتجاجاً على التمديد للأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير بدلاً من تعيين من يخلفه في منصبه. وقالت مصادر وزارية لـ «الحياة» إن سلام ليس في وارد الدخول في تحدٍ مع أحد لأن البلد في غنى عن مشكلة جديدة تضاف الى المشكلات الكبرى التي يعاني منها وما أكثرها، وبالتالي لا يمانع في إعطاء فرصة للجهود الرامية الى إقناع «تكتل التغيير» بالعودة عن مقاطعته مجلس الوزراء، على رغم أن نصاب الجلسة متوافر عددياً لكنه يفضل التريث حتى إشعار آخر. ولفتت المصادر الى أن سلام وإن كان يراهن على دور «حزب الله» في اقناع حليفه رئيس «تكتل التغيير» النيابي ميشال عون بعودته عن مقاطعة الجلسة فإن تعذر انعقادها يتزامن مع انتهاء التمديد الثاني لقائد الجيش العماد جان قهوجي وبالتالي لا بد من التمديد له لتفادي الفراغ على رأس المؤسسة العسكرية وهذا ما سيحصل بقرار يصدر عن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل. وكان احتمال عدم انعقاد الجلسة نوقش في لقاء سلام - مقبل لجهة الخطوة التي سيتخذها الاخير في التمديد له غداً وبالتالي تريثه في اصدار المرسوم لا يعني انه سيصرف النظر عنه بل يعود اليه توقيت اصداره في الوقت المناسب اي مع حلول بعد غد الخميس. ولم تستبعد المصادر لجوء «تكتل التغيير» الى الاعتراض على التمديد لقهوجي، لكن ذلك يمكن أن يبقى تحت سقف تسجيل موقف لأن جميع الوزراء باستثناء وزراء «التكتل» يؤيدون التمديد، بذريعة أن ظروف البلد لا تحتمل أي فراغ في المؤسسة العسكرية. كما لم تستبعد احتمال تعيين رئيس أركان للجيش خلفاً للواء وليد سلمان في ضوء تراجع احتمال التمديد له، لأنه أمضى 43 سنة في الخدمة العسكرية ولم يعد من مخرج يدفع في اتجاه التمديد. < كان ملفا الشغور الرئاسي والأزمة الحكومية مدار بحث بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد كبارة، وقال ميقاتي: «كانت الآراء متطابقة في ما يتعلق بانتخاب رئيس والسعي لإيجاد المقدمات اللازمة لانتخابه، منها قانون الانتخاب وغيرها. وأتمنى أن تعود هيئة الحوار إلى اجتماعاتها، بمسعى الرئيس بري، لأنها السبيل الطبيعي للاتفاق على الإصلاحات المطلوبة وعلى كيفية استكمال تطبيق اتفاق الطائف،». وأكد أن بري «حريص على أن يجمع جميع اللبنانيين، ويقول أنا أبارك لمن ينتخب رئيساً، ولكن علينا أن نعرف أنفسنا أين ذاهبون ومن سننتخب وما هو الوضع الذي نحن فيه. واللبنانيون يجب أن يكونوا على اطلاع على ما يجري والوعي باختيار الشخص المناسب». وقال وزير الاتصالات بطرس حرب بعد لقائه سلام: «بحثنا في موضوع جلسة مجلس الوزراء المفترض انعقادها (بعد غد) الخميس، وأبلغني أن مساعي واتصالات تجرى لمعرفة ما إذا كانت ستعقد الجلسة ويأمل بأن تتوافر الظروف لعقدها، لا سيما أن هناك الكثير من القضايا المطروحة والملحة، وتعطيله من قبل أي فريق سيلحق الضرر باللبنانيين، لذلك كان من الضروري لفت نظر رئيس الحكومة إلى أن السعي لانعقاد مجلس الوزراء هو الحل الأمثل لتحمل الحكومة لمسؤولياتها». وقال وزير السياحة ميشال فرعون: «نعاني من أزمة حقيقية يسميها البعض أزمة ميثاقية سياسية دستورية أو وفاقية حول قانون الانتخابات النيابية وأزمة الرئاسة وبعض المشاكل الإدارية واعتماد سياسة المكيالين في الحكومة. هناك مطالب مسيحية يجب الاستماع إليها وهناك هواجس جدية لديهم وإذا لم يتم ذلك بالحوار عندها يمكن أن تتحول أزمة ميثاقية، وهذا ما نحاول تجنبه من خلال الإسراع بإقرار قانون انتخاب وملء الشغور الرئاسي ومعالجة حسن تطبيق الآلية الحكومية»، مضيفاً: «نريد إجراء الانتخابات الرئاسية قبل النيابية ولكن ليس بأي قانون انتخابي». وزاد: «كما أن هناك اتفاقاً حول رئاسة الحكومة وحول رئاسة البرلمان يجب أن يكون هناك اتفاق حول رئاسة الجمهورية لأن وقف الحوار بعد الاتفاق بين القوى المسيحية حول الرئاسة الذي كان مطلباً، أدى إلى المزيد من التدهور في الاقتصاد وشلل في المؤسسات». ورأى وزير الصناعة حسين الحاج حسن أن «لبنان يمر بفترة متوترة، والاستحقاقات معروفة وهي انتخاب رئيس وعودة المجلس النيابي إلى العمل، وكذلك الحكومة بعد التوترات السياسية القائمة، وصولاً إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والبيئية والتحديات التي تواجهها». وقال: «نحن في حاجة إلى التبصر والحوار والنقاش والتواصل من أجل ترميم الواقع السياسي اللبناني وحل العقد، وهذا يحتاج إلى جهود وتواصل من الجميع بما يؤمن الخروج من التأزم الذي نعيشه وينعكس على مؤسسات الدولة وحياة الناس ومعيشتهم». تحذير من لغة الشارع وأكدت وزيرة المهجرين أليس شبطيني أن «الأزمة السياسية الحادة التي تمر بها البلاد، تستدعي من جميع الأطراف وعي المرحلة وتدارك الأخطار لتجنيب الوطن المزيد من المشاكل وتعريض الاستقرار الداخلي لخضات إذا ما استفحلت تسمح لأعدائنا بالتسلل من خلالها وقلب الطاولة بوجه الجميع، لذا نحذر من لغة الشارع التي لا تقدم ولا تؤخر بشيء بل ترهق الناس والأعصاب»، وقالت: «الأجدى الحضور إلى مجلس الوزراء أو عودة انعقاد جلساته بانتظام وطرح المسائل ومناقشتها وإحالتها للتصويت إذا لم يتم الاتفاق عليها، على أن يمارس الوزير المعني صلاحياته تحت سقف القانون والمسؤولية خوفاً من إضافة فراغات جديدة، خصوصاً أن المؤسسة العسكرية لا تحتمل أي فراغ في ظل الظروف التي تمر بها، إلا إذا كان الهدف من الحرد والاحتجاج الضغط والتيئيس من أجل أحلام ومآرب رئاسية». واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن «من الظلم والخطأ تحميل الرئيس سعد الحريري مسؤولية حل أزمة الرئاسة، في حين أن الجميع يعلم أن «حزب الله» يملك مفتاح الرئاسة»، وأعلن أن «الدستور مرشّحنا الأساس للرئاسة، وأي حديث عن «سلّة» تضم رئاستي الجمهورية والحكومة والبيان الوزاري «إلغاء» للدستور ولدور البرلمان وتجاوز للصلاحيات»، لافتاً إلى أن «جلسة الانتخاب ستكون كسابقاتها»، ومحمّلاً «التيار الوطني الحرّ مسؤولية استمرار الفراغ». وأكد نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان «أننا سنخوض معركة قانون الانتخاب الجديد حتى الأخير ومن ضمنها معركة الإصلاحات»، مشدداً على «أن معركتنا الأساس هي بوجه الفساد ولا مجال للإصلاح من دون قانون جديد يفرز طبقة سياسية جديدة». وإذ شدد على «أن القانون الجديد ليس فقط لمصلحة المسيحيين بل لمصلحة كل اللبنانيين»، اعتبر أن «إقرار قانون انتخابي قد يفتح كوة في جدار الأزمة السياسية الحالية التي وصلت إلى أفق مسدود، ويفتح باباً أيضاً لانتخاب رئيس والحد من التصعيد السياسي». لبنان بلد مركب ورأى الوزير السابق جان عبيد أن «الصراع القائم جزء منه محلي: استقطاب، تنافس حاد، وجزء أساسي منه كذلك إقليمي ودولي، فبقدر استطاعة الشخص تخف زمام التأثيرات والصراعات الخارجية على الاستحقاقات الموجودة لتوفير فرصة، وخصوصاً استئناف الحياة الدستورية». ولفت إلى أن «لبنان بلد مركب وليس بلداً بسيطاً، فالذي يريد أن يحكم لبنان يجب أن يحكمه بقدر عال من الحكمة ومن روح الحكم والتوازن»، وأمل بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بأن «تتيسر للبلاد بمسعى المفتي وبدعمنا نحن، وهذه فرصة يكون فيها قدر عال من القدرة على الحكم والحكمة وعلى روح الحكم التي هي في حاجة إلى توازن واتزان وقدر من العدالة لمعالجة الأمور واتخاذ القرار».
مشاركة :