أعلنت اقتصادات كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة التي توفر مؤشراً عاماً لتوجه الاقتصاد العالمي، عن بيانات تظهر نمواً اقتصادياً في الربع الرابع من عام 2013. وتمتلك هذه الدول ميزتين تؤهلها لتكون مؤشراً يقدر صحة الاقتصاد العالمي، الأولى أنها اقتصادات تجارية مفتوحة تلعب التجارة الخارجية فيها دوراً مهمّاً، والثانية أنها تمتلك روابط قوية مع الصين التي قادت النمو العالمي خلال العقد الماضي. وأشار كبير الاقتصاديين في شركة «آسيا للاستثمار» فرنسيسكو كينتانا إلى أن «الصادرات في كوريا الجنوبية، التي احتلت المرتبة 13 على قائمة أكبر اقتصادات العالم، تمثل 56 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين سجلت نسبة انفتاح تجاري بلغت 110 في المئة، وهي نسبة تقاس بحجم الصادرات والواردات إلى حجم الاقتصاد». وأضاف: «تصدر تايوان التي احتلت المرتبة 20 على قائمة أكبر اقتصادات العالم، 76 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، وتبلغ نسبة الانفتاح التجاري لديها 140 في المئة، بينما احتلت سنغافورة المرتبة 40 على قائمة أكبر اقتصادات العالم، على رغم أنها تأتي في المركز 116 لجهة عدد السكان، كما أنها ثاني أكبر مركز لإعادة التصدير في العالم بعد هونغ كونغ، وتعادل صادراتها 200 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، ونسبة الانفتاح التجاري لديها تعد من الأعلى بين الدول المتقدمة وتبلغ 379 في المئة». وأوضح كينتانا أن «هذه الدول الثلاث تقود تصنيع المعدات الكهربائية، والإلكترونيات، والمواد الكيماوية، وهي المواد الأساس للمستهلكين وللمصانع في العالم، ما يجعلها مؤشرات معتمدة لتوجه الاقتصاد العالمي». ولفت إلى أن «الحجم الكبير للطاقة الصناعية في هذه الدول، يمنعها من الاعتماد على الاستهلاك المحلي فقط لتعزيز نمو اقتصادها، فالأوضاع العالمية تحدد أداء الشركات في هذه الدول وتحفز الاستهلاك الخاص فيها من طريق القنوات التجارية». وأردف: «بما أن هذه الدول الثلاث منكشفة على التغيرات في الطلب العالمي، فنمو ناتجها المحلي يأتي متذبذباً مقارنة بالاقتصادات المتقدمة الأكبر، ولذلك تظهر نتائج أفضل عند تحليل الأداء الاقتصادي لهذه الدول على فترات أطول». وأشار إلى «تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي أواخر عام 2011 نتيجة خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، كما تميز عام 2012 بانخفاض النمو، قبل أن يعاود الارتفاع أواخر السنة». ولفت كينتانا إلى أن «متوسط النمو الربعي للدول الثلاث كان 1.8 في المئة عام 2012، و3 في المئة عام 2013، ويتضح هذا النمو السريع في سنغافورة التي ارتفع معدل نموها إلى أكثر من الضعف عام 2012 وإلى 4.1 في المئة عام 2013، مدفوعاً بنمو قطاع الخدمات المالية الذي نما أكثر من 10 في المئة، كما ارتفع النمو الكوري من 2.3 في المئة عام 2012 إلى 3.3 عام 2013، وفي تايوان زاد من 1.5 إلى 2.2 في المئة». وأشار إلى «عاملين يجعلان من هذا النمو أمراً مثيراً للاهتمام، الأول أن النمو يحدث خلال فترة يتوقع فيها محللون أن تعاني الدول الناشئة بشدة من التحول في السياسة النقدية التيسيرية في الولايات المتحدة. وبالفعل، فإن الأسواق الناشئة في العالم ستشهد تراجعاً في النمو ولكن هناك اختلافات كبيرة بين تلك الدول التي تم تضمينها عموماً في فئة «الناشئة»، وعلى عكس البرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا وتركيا والهند وإندونيسيا، فإن معظم الاقتصادات الآسيوية تسجل فوائض مالية وتملك كميات كبيرة من الاحتياطات، ما يجنبها التقلبات السريعة في التدفقات المالية». وأوضح أن «العامل الثاني يتمثل في أن هذه الاقتصادات المصدرة لديها القدرة على الاستفادة من الدورات الإيجابية في دول مثل الولايات المتحدة أو اليابان، حتى في ظل التباطؤ في آسيا». وأكد أن «ارتفاع النمو في كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان لا يأتي خالياً من الأخطار، فيمكن أن تشهد هذه الاقتصادات، خصوصاً تايوان، ضرراً ناتجاً من أي تباطؤ مفاجئ في الصين، بينما مستويات ديون الأفراد في كوريا مرتفعة، ما يجعل الاستهلاك الخاص عرضة لزيادات في أسعار الفائدة، كما يمكن أن يؤدي أي تغيير في الظروف العالمية إلى توقف النمو السنغافوري خلال ربع واحد فقط». ولكن الرسالة التي تحملها هذه المؤشرات تبقى صحيحة، وهي أن هناك اتجاهات إيجابية في الاقتصاد العالمي وآسيا تواصل إظهار مرونة غير متوقعة، ما لا يتوافق مع الصورة الإعلامية للأسواق الناشئة. تايوانسنغافورةكوريا الجنوبيةاقتصاد
مشاركة :