الأفلام الحزينة تعزّز قدرتك على تحمّل الألم!

  • 9/28/2016
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

تعزّز الأفلام الحزينة قدرتنا على تحمّل الألم ومشاعر الوحدة الجماعية، بزيادتها معدلات مواد كيماوية يفرزها الدماغ وتحسّن المزاج، وفق إحدى الدراسات. صحيح أن أفلاماً مثل Tyrannosaur، Breaking the Waves، و Schindler’s List تدفعك إلى البكاء، إلا أن علماء النفس يقولون إنهم توصلوا إلى الأمر الذي يجعل هذه الأعمال الصادمة جذابة. في دراسة أخيرة لهم، يذكر باحثون في جامعة أكسفورد أن مشاهدة أفلام صادمة تعزّز مشاعر الوحدة الجماعية، فضلاً عن أنها تزيد القدرة على تحمّل الألم برفعها معدلات مواد كيماوية ينتجها الدماغ، تسكّن الألم، وتحسّن المزاج. روبن دنبار، بروفسور متخصص في علم النفس التطوري في جامعة أكسفورد وأحد الباحثين في الدراسة، يذكر في هذا المجال: «يعزو البعض التبدّل في المزاج بعد مشاهدة الأفلام الحزينة إلى أن الاعتصار العاطفي، الذي تتعرض له على الأرجح جراء المآسي في المادة التي تشاهدها، يحفز جهاز الإندورفينات». توصلت بحوث سابقة إلى أن الضحك معاً، والرقص معاً، والعمل في فريق أمور تعزّز الروابط الاجتماعية والقدرة على تحمل الألم من خلال رفع معدلات الإندورفينات. «تساهم هذه الأمور كافة، من الغناء والرقص إلى الركض والضحك، في رفع معدلات الإندورفينات للسبب عينه: تعرّض الجهاز العضلي في الجسم للإجهاد»، وفق دنبار. يضيف هذا الباحث أن التعرّض للحزن قد يكون له التأثير عينه. يقول: «تبين أن المناطق ذاتها، التي تُعنى بالألم الجسدي، تعالج أيضاً الألم النفسي». يصف دنبار وزملاؤه في مقال نُشر في مجلة Royal Society Open Science كيفية انطلاقهم في عملية تحديد ما إذا كانت آلية تواصل ترتبط بالإندورفينات تعزّز حبنا لسرد القصص، الذي يشكّل وسيلة نستخدمها لتبادل المعارف وتعزيز الإحساس بالهوية داخل المجموعة. للتعمّق في هذا الاحتمال، وزّع الباحثون 169 مشاركاً على مجموعات تضمّ أناساً لا يعرفون بعضهم عموماً، ثم عرضوا عليهم الفيلم الدرامي المأساوي Stuart: A Life Backwards، الذي يعرض قصة حقيقية عن شاب معوّق، ومشرد، ومدمن. أما مجموعة الضبط التي ضمّت 68 مشاركاً، فشاهدت فيلمَين وثائقيين متتاليين: الأول عن تاريخ بريطانيا الطبيعي والثاني عن أهميتها الجيولوجية والأثرية. قبل مشاهدة الأفلام وبعدها، طُلب من المشاركين الاستعانة بمقاييس مختلفة بغية تحديد مزاجهم، فضلاً عن مشاعر الانتماء التي تنتابهم تجاه سائر أفراد المجموعة. كذلك، أُخضع عدد من المشاركين لتمرين يهدف إلى قياس قدرتهم على تحمل الألم: اختبار الجلوس على الجدار الذي يشمل جلوس القرفصاء وظهرك مسند إلى جدار لأطول فترة ممكنة. لما كان تنامي القدرة على تحمل الألم يرتبط بإطلاق مواد كيماوية فاعلة تسكّن الألم وتُدعى الإندورفينات، قدّم الاختبار للعلماء طريقة غير مباشرة لقياس التبدلات في معدلات الإندورفينات في الدماغ. يوضح دنبار: {سعينا إلى تحديد ما إذا كان رد فعلنا تجاه أحد الأفلام يأتي مغايراً لرد فعلنا تجاه فيلم آخر}. كشفت النتائج أن مَن شاهدوا الفيلم المحزن اختبروا عموماً تبدلاً سلبياً قوياً في مزاجهم، في حين لم يختبر مَن شاهدوا الفيلمَين الوثائقيين سوى تبدلات طفيفة في المؤشرات السلبية والإيجابية على حد سواء، علماً أن الباحثين عزوا التبدلات الأخيرة إلى السأم. التواصل مع الآخرين بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الباحثون أن القدرة على تحمل الألم ارتفعت بين مَن شاهدوا الفيلم المحزن بمعدل 13.1%، في حين اختبر مَن شاهدوا الفيلمَين الوثائقيين تراجعاً في عتبة الألم بنحو 4.6%. لذلك استخلصوا أن الفيلم المحزن عزّز القدرة على تحمل الألم بنحو 18%، مقارنة بمجموعة الضبط. فضلاً عن ذلك، تمتّع مَن تحلوا بقدرة أكبر على تحمل الألم بزيادة كبيرة في مشاعر الوحدة ضمن المجموعة، مع أن مزاجهم بدا أقل إيجابية. ولكن لم يعرب الجميع عن رد فعل عاطفي تجاه Stuart: A life backwards. فقد اختبر بعض المشاهدين تراجعاً في القدرة على تحمل الألم من دون أن يعززوا روابطهم مع المجموعة. عن هذه المسألة يقول دنبار: {يعكس هذا الأمر على الأرجح واقع حياتنا اليومية: تترك الحوادث في البعض تأثيراً عاطفياً قوياً، في حين ينظر إليها البعض الآخر بكل برودة قائلين: {ما هذه المعمعة؟}. صحيح أننا نحتاج إلى المزيد من البحوث بغية دراسة مجموعة أكثر تنوعاً من الأفلام، فضلاً عن المؤثرات الأخرى، مثل موسيقى الفيلم، غير أن دنبار يؤكد أن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن مشاهدة الأفلام المحزنة والصادمة تعزّز معدل الإندورفينات في الدماغ، ما يرفع بالتالي القدرة على تحمل الألم ويقوي الإحساس بالتواصل مع الآخرين ضمن المجموعة. أهمية القصص البروفسورة صوفي سكوت، رئيسة مجموعة علم أعصاب التواصل الكلامي في معهد علم الأعصاب المعرفي في كلية لندن الجامعية، تعتبر أن من المثير للاهتمام أن تساهم الأفلام الصادمة في تعزيز الروابط الاجتماعية، على غرار الضحك تماماً. تتابع موضحةً: “تشير هذه النتائج إلى أن تعزيز الروابط الاجتماعية لا يقتصر على المشاعر الإيجابية. عندما نتشارك في تجربة عاطفية، يساهم أمر ما، على ما يبدو، في تبديل طريقة ارتفاع معدل الإندورفينات وشعورنا بأننا أقرب إلى الناس”. وتضيف أن التعمّق في تأثيرات الغضب أو الاشمئزاز قد يساهم في تحديد ما إذا كان هذا التبدل يرتبط بمشاعر معينة أو يشملها كلها. لكن سكوت، التي لم تشارك في البحث، تشدّد على أنها غير مقتنعة بأن دنبار وزملاءه اكتشفوا أسس حبنا لسرد القصص. تذكر: “يعتبر الإنسان القصص بالغة الأهمية. فإن لم تستطع أنت أن تضع مسألة ما في إطار سردي، نقوم بذلك بنفسنا. ننجح في فهم المسائل بشكل أفضل عندما ندرجها في قصة، فضلاً عن أن القصص تساعدنا على التذكّر بفاعلية أكبر. ولا أعلم ما إذا كنت ستكتفي بإرجاع ذلك كله إلى المشاعر المشتركة”.

مشاركة :