حوار - إبراهيم بدوي: أكد سعادة السفير عبد الله بن عبد العزيز العيفان سفير المملكة العربية السعودية في الدوحة أن العلاقات القطرية السعودية هي علاقة مصير مشترك، لافتاً إلى ما تشهده من تنسيق وثيق ومواقف مشتركة على كافة المستويات لتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة. وقال لـ الراية بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمملكة: إن الدلائل على قوة علاقات البلدين كثيرة وأبرزها ما يمكن الإشارة إليه في هذا الإطار هو العمل المشترك من قبل البلدين في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وتنسيق المواقف في ما يتعلق بالقضية السورية، وبالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المنشود في أسواق النفط. وأكد أن مشاركة دولة قطر ضمن التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن تعكس القناعة بوحدة الموقف والمصير المشترك مع المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فضلاً عن العديد من التفاصيل في السطور التالية: ما هي مشاعركم بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمملكة؟ - هذه المناسبة الوطنية الغالية هي ذكرى خالدة وعزيزة على قلب كل مواطن سعودي، نستحضر فيها القصص البطولية والإنجاز التاريخي الذي تحقق على يد مؤسس هذه البلاد الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود "رحمه الله" ورجالاته الأوفياء، حيث تمكنوا من توحيد مناطق مُتفرّقة وقيام دولة موحّدة على أسس راسخة مُتماسكة مثَّلت أنجح تجربة وحدوية في تاريخنا العربي المعاصر. وبفضل الله تطوّرت هذه الدولة على مدى العقود الماضية حتى باتت دولة رائدة تضطلع بمكانة ودور فاعلين على الصعيدين الإقليمي والدولي. لا شك أننا نحتفل هذا العام ونحن ولله الحمد ننعم بالكثير من الإنجازات ونعمل جادين لتحقيق المزيد منها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله الذي يُكمل ما بدأه أسلافه في مسيرة البناء والتطوير لبلادنا أعزّها الله خلال فترة حكم الملك المُؤسس وأبنائه البررة من بعده رحمهم الله. مسار العلاقات ما تقييمكم لمسار العلاقات بين البلدين وأهم تطوّراتها خلال العام الماضي؟ - يعلم الجميع أن العلاقات الثنائية القائمة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر الشقيقة هي علاقات قديمة راسخة تقوم في أصلها وجوهرها على ركائز ثابتة، وأنها علاقات تتجاوز أواصر الجوار والقربى والمصالح المشتركة لتوصف بحق أنها علاقة مصير مشترك. وفي المرحلة الراهنة أفخر بالمستوى المُتميز الذي بلغته علاقات بلدينا وشعبينا الشقيقين في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، ولا شك أن الجميع يرى بوضوح مدى التنسيق الوثيق والمواقف المشتركة للبلدين على أكثر من صعيد، ومع أن الدلائل على ذلك كثيرة إلا أن أبرز ما يمكن الإشارة إليه في هذا الإطار هو العمل المشترك من قبل البلدين في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وتنسيق المواقف في ما يتعلق بالقضية السورية، وبالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المنشود في أسواق النفط. حماية الشرعية منذ الأيام الأولى وقفت قطر إلى جانب القرار الخليجي بحماية الشرعية في اليمن.. ما تقييمكم لهذا الموقف؟ - مشاركة دولة قطر ضمن التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن تعكس القناعة بوحدة الموقف والمصير المشترك مع المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولا شك أن هذه المشاركة العسكرية في التحالف تأتي متكاملة مع بقية جوانب المسعى القطري سياسياً وإقتصادياً وإنسانياً لدعم الحكومة الشرعية في اليمن وللتخفيف من معاناة شعبه. هذا العمل المتواصل والعطاء اللامحدود والتضحية من قبل أبناء دول الخليج العربية المشاركة في التحالف هو أمر نفتخر به جميعاً حيث يُعبِّر عن نخوتنا ومبادئنا وغيرتنا على أمن ومصالح أشقائنا في الجمهورية اليمنية، وعن حرصنا على الذود عن دولنا وعن الأمن والاستقرار في المنطقة العربية على وجه العموم. ولعلي أنتهز هذه الفرصة لكي أقدّم العزاء مُجدداً لدولة قطر قيادة وحكومة وشعباً في استشهاد عدد من الجنود القطريين في اليمن وهم يؤدون الواجب مع إخوتهم من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دعماً للشرعية في اليمن ودفاعاً عن أمن ومصالح أمتنا العربية. تحديات مشتركة تواجه قطر والسعودية تحديات مشتركة على المستويات الأمنية والدفاعية. ما هو واقع التنسيق والتشاور بين البلدين في الوقت الراهن؟ - هذا صحيح فدولنا تعمل على مواجهة الكثير من التحديات منها تحديات إيجابية تتعلق بمواصلة العمل نحو الارتقاء بدولنا وزيادة رفاهية شعوبها، ومنها التحديات الأخطر التي تفرضها ظاهرة الإرهاب، والمخططات العدوانية الرامية لزعزعة الأمن والاستقرار في دولنا ومنطقتنا العربية على وجه العموم. وأود أن أطمئنك أن هناك تواصلاً دائماً بين قيادتي البلدين ومسؤوليهما عبر زيارات واتصالات واجتماعات رسمية على كافة المستويات، كما أن هناك تنسيقاً وثيقاً وتعاوناً مستمراً وتبادلاً للمعلومات بين كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية في بلدينا الشقيقين لتحصين مجتمعاتنا من كافة الشرور، وللدفاع عن دولنا وسيادتها وحمايتها من كل حاقد ومُغرض، ولعل أبرز مثال للعمل المشترك من أجل مواجهة التحديات هي المشاركة الفاعلة لبلدينا ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن والتي أشرت إليها آنفاً. إدارة موسم الحج ما هي أهم دعائم نجاح السعودية بامتياز في إدارة موسم الحج؟ - حبا المولى عز وجل المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً بشرف خدمة الحرمين الشريفين، ورغم ضخامة المسؤولية إلا أن المملكة قد تمكنت بفضل منه سبحانه ثم بما سخّرته من إمكانات وموارد هائلة من تحقيق طفرة كبيرة في مجال توسعة وتطوير الحرمين الشريفين ومناطق المشاعر، كما جاءت رؤية المملكة 2030 السابق الإشارة إليها لتقدّم استراتيجية متكاملة ترمي لمزيد من التطوير لمنظومة الحج والعمرة والخدمات المقدّمة في إطارها، ومما لا شك فيه أن كل ذلك الاهتمام والجهد قد أسهم في تحقيق النجاح المُتميز لموسم حج هذا العام والذي شهد به القاصي والداني ولله الحمد. هذا النجاح لم يأت من فراغ بل كان - بعد فضل الله ورعايته - نتاج بذل سخي للتطوير، وعمل متواصل وجهد حثيث لاستنباط العبر والدروس من التجارب في كل عام لمعالجة أي ملاحظات أو أخطاء، وللبناء على ما تحقق من نجاحات وتعزيزها، وهو الأمر الذي تُرجم في موسم حج هذا العام في العديد من الخطوات التطويرية منها تلك الرامية إلى مزيد من الرعاية وتسهيل الإجراءات عبر استخدام تقنية "الإسورة الإلكترونية"، وعبر تفعيل وتنظيم استخدام قطار المشاعر، وكذلك الخطوات الرامية لتوفير السلامة للحجاج عبر إطلاق "مركز التحكم ونظام المراقبة" واعتماد منهجيات جديدة في "إدارة الحشود". من جهة أخرى أعتقد جازماً أن أحد أهم عناصر نجاح موسم حج هذا العام قد تمثَّل في حرص حكومة المملكة العربية السعودية على أن يبقى الحج عبارة عن رحلة إيمانية عظيمة يستشعر فيها المسلم روح الإسلام والمحبة والإخاء وينقطع فيها للعبادة والتفكر بروحانية طلباً للعفو والمغفرة بعيداً عن المصالح والمواقف والخلافات السياسية بين الدول، الأمر الذي دفع حكومة خادم الحرمين الشريفين لاتخاذ موقف حاسم رافض للمسعى الإيراني نحو تسييس هذا الموسم الديني العظيم عبر تجمّعات وشعارات لا تمت بأي صلة لهذه الشعيرة المقدّسة وتعكّر صفوها، وتعيق حركة الحجاج وسلاسة تنقلاتهم وتهدّد سلامتهم. ولعل إصرار النظام الإيراني على هذا النهج الخاطئ، وموقف المملكة الحازم الرافض له، قد أفضى إلى قراره بحرمان مواطنيه من أداء مناسك الحج هذا العام. حوار خليجي إيراني دعت قطر إلى حوار خليجي إيراني.. هل المملكة مستعدة لهذا الحوار وما الخطوات اللازمة لتحقيقه؟ - المملكة العربية السعودية دولة مُحبّة للسلام تؤمن بضرورة العلاقات الإيجابية بين الدول، وسياستها الخارجية تلتزم بمبادئ أساسية للعلاقات بين الدول أهمها احترام السيادة وحُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وهي المبادئ ذاتها التي عبَّر عنها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر مؤخراً في كلمته خلال أعمال الدورة الواحدة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. ووفقاً لذلك سعت المملكة خلال العقود الماضية لإقامة علاقات طبيعية مع النظام الإيراني، ولكن للأسف قوبلت مساعيها المخلصة بمواقف سلبية وسياسات ومخططات عدائية تستهدف أمن دولنا واستقرارها. ولعل القائمة التي يُمكن الاستشهاد بها طويلة للأسف بدءاً من العمل على "تصدير الثورة" وهو هدف يُكرِّسه الدستور الإيراني ولم ينجم عنه سوى نشر الطائفية والفوضى، إلى الدعم والمساندة للمجموعات الإرهابية ومن بينها تنظيم القاعدة، والتورّط في بعض العمليات الإرهابية ضد المملكة، والتدخل السافر في سوريا والعراق واليمن، والاعتداء على بعثتي المملكة الدبلوماسية في طهران ومشهد، ودعم الميليشيات الطائفية المسلحة المُنخرطة في أنشطة إرهابية، وتهريب الأسلحة إلى الكويت، والعمل على زعزعة الأوضاع في البحرين، واحتلال الجزر الإماراتية. كل هذه السياسات والممارسات وغيرها، إلى جانب تصريحات مُعلنة للكثير من قادة إيران ومسؤوليها تُعبّر بصراحة عن النوايا والأطماع العدائية الإيرانية، وتقطع الطريق أمام أي إمكانية لبدء حوار بنَّاء مثمر مع إيران. ومع ذلك فقد أكدت المملكة العربية السعودية استعدادها لمثل هذا الحوار إذا ما تخلّت إيران عن هذه السياسات والممارسات والتزمت بمبادئ احترام السيادة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير والمُشار إليها آنفاً. التبادل التجاري ما حجم التبادل التجاري بين قطر والسعودية؟ - وفقاً للإحصاءات الرسمية في عام 2015م بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر ما قيمته حوالي 7 مليارات ريال منها 1.8 مليار ريال لصالح دولة قطر و5.1 مليار ريال لصالح المملكة. فرص استثمارية هل هناك فرص استثمارية ترشحها للقطريين في السعودية والعكس؟ - بحمد الله تزخر دولتينا بالكثير من الموارد المادية والبشرية والخيرات ما يُؤكد توفر الفرص الاستثمارية المتعدّدة في مجالات متفرّقة. هناك (315) شركة بملكية كاملة للجانب السعودي تعمل بالسوق القطري، إضافة إلى (303) شركات مشتركة يعمل فيها رأس المال السعودي والقطري برأس مال مشترك يبلغ (1.252) مليار ريال وذلك وفقاً للبيانات الرسمية. ولا شك أن العمل متواصل لمزيد من التعاون بين رجال الأعمال في البلدين ولتذليل أي عقبات قد تواجه استثماراتهم وذلك عبر الاجتماعات المتواصلة لمجلس الأعمال السعودي القطري المشترك، ولعل مما يستحق الذكر في هذا الخصوص أن الرياض ستستضيف في شهر نوفمبر القادم (٢٠١٦) معرض (صنع في قطر) وكذلك منتدى أعمال سعودي قطري لمناقشة سبل زيادة الاستثمارات بين البلدين. سياسة التصنيع اتجهت السعودية إلى سياسة التصنيع منذ فترة.. إلى أي مدى نجحت هذه السياسة وهل يمكن أن تستغني عن اقتصاد النفط؟ - ننعم بالكثير من الإنجازات، ونعمل على تحقيق المزيد منها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله الذي يُكمل ما بدأه أسلافه في مسيرة البناء والتطوير لبلادنا أعزها الله خلال فترة حكم الملك المُؤسس وأبنائه البررة من بعده رحمهم الله، وهي المسيرة التي كانت وما زالت تتم وفق رؤية استراتيجية حكيمة وفي إطار خطط خمسية مُتكاملة ركزت ضمن جوانبها المختلفة على النهوض بالقطاع الصناعي والعمل على تقليل الاعتماد على النفط. ومع أنه قد تم تحقيق الكثير في هذا الإطار إلا أنه من الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين قد أقرّت خطة استراتيجية بعيدة المدى لتفعيل كل إمكاناتها المادية والبشرية واستغلالها بالصورة المثلى، تمثلت في "رؤية المملكة 2030" التي تستهدف وضع المملكة في المكانة التي تستحقها كقوة اقتصادية كبرى عبر سُبل مختلفة أهمها بناء الإنسان وتطوير التعليم والتدريب، وتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، ودعم الصناعات الوطنية، وتشجيع الاستثمار الداخلي والأجنبي. مستقبل العلاقات أخيراً ما توقعاتكم لمستقبل العلاقات بين قطر والسعودية على كافة الصعد؟ - العلاقات السعودية القطرية قديمة وراسخة تقوم في أصلها وجوهرها على ركائز ثابتة كانت أساساً للمستوى المُتميز من التعاون والتنسيق القائم في إطار هذه العلاقات التي تحظى باهتمام ورعاية كبيرين من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظهما الله، اللذان عملا على رعاية وتطوير هذه العلاقات في مختلف المراحل ومنذ أن كانا يتوليان منصب ولاية العهد في البلدين. وفي ظل العلاقات الشخصية المتميزة التي تربط بين قائدي البلدين، وهذه الرعاية والاهتمام بعلاقات البلدين من قبلهما حفظهما الله، أقول إن القادم أفضل وإن التعاون والتنسيق بين البلدين سيشهد نماءً وتطوراً في مختلف المجالات.
مشاركة :