أشجار العرعر تحتضر في بيئة مهملة

  • 9/28/2016
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

سوء التعامل مع البيئة أو إهمالها له ثمنه الذي ندفعه في حياتنا بصورة عامة، أي كأننا نميل الى الانتحار دون أن نعي ذلك، لأن الطبيعة الأم تحتاج الى رعايتنا كما ترعانا، وأي تقصير من جانبنا في وعينا البيئي يقود مباشرة الى تدمير مخزون هائل من مواردنا الطبيعية التي تفيدنا بخيراتها وفي نفس الوقت نفقد التوازن البيئي الذي هو أصل الحياة الطبيعية. ولعل أحد أكثر المخاطر البيئية التي تحيط بالإنسان أن يفقد الحزام الخضري المحيط به، لأن ذلك يترتب عليه كثير من التداعيات الضارة بنمط الحياة، لذلك أصبح يتردد كثيرا مصطلح الانقراض سواء لحيوانات أو أشجار، وبما أن بلادنا واسعة وفيها تنوع مناخي وتضاريسي يتبعه تنوع في الموارد، فإن لدينا كنوزا طبيعية تحتاج الرعاية، ومن ذلك أشجار العرعر التي تتعرض لموت جماعي في مناطق الدرع العربي، خاصة في منطقة الباحة. هناك أصوات كثيرة، في الواقع، من خبراء ومختصين ومهتمين وعلى قائمة هذه الاصوات يأتي صوت الاخ والصديق العزيز الدكتور محمد حامد الغامدي، وهذه الاصوات تدعو لإنقاذ هذه الأشجار من الاحتطاب الذي يعدمها ويحرر شهادة وفاة بيئية لها، وهي في مسارها الإحيائي تعتبر إحدى أقوى الأشجار تحملا وصبرا كما أنها دائمة الخضرة، ولا تتم زراعتها، أي أنها لا تكلف أحدا شيئا ولا تحتاج لتدخل بشري بالرعاية غير أن تترك لتنمو في جبال الحجاز بكل براءة الطبيعة، حتى تمنحنا الحق الطبيعي في التوازن البيئي، على أن يتم استخلاص الفائدة منها بصورة منظمة من خلال وزارة الزراعة أو هيئة السياحة، وليس بصورة عشوائية تعمل على انقراضها وتخريب النظام البيئي لدينا. انطلقت حملة لإنقاذ تلك الأشجار ونأمل أن تبادر وزارة الزراعة بالتنسيق مع هيئة السياحة وكل جهة بيئية وعلمية ذات صلة بحماية ورعاية تلك الأشجار، لتجريم الاحتطاب منها باعتبارها حقا عاما ينبغي أن يحترم، وأن تنطلق حملة توعية بهذا الشأن. وتبادر الجمعية السعودية للعلوم الزراعية لعقد ندوة بمنطقة الباحة وبرعاية كريمة من ولي الأمر لتدارك المخاطر التي تترتب على إهمال هذه الأشجار من أجل الحفاظ على البيئة وتعزيز الاهتمام بها. صحيح هناك من يرى دورا للتحول المناخي في موت تلك الأشجار، وأنه يجب إدراجها ضمن القضايا العالمية التي تعنى بدراسة ومتابعة مثل هذه التحولات، لكن ذلك لا يمنع أن نبادر محليا للعب دور علمي في سبيل الحد من الهدر البيئي لدينا وإنقاذ كنوزنا الطبيعية ومن بينها أشجار العرعر التي تعتبر نادرة حاليا، وهي غير مكلفة في رعايتها لأنها تأتي من هذه الطبيعة الرائعة التي نفسدها بالسلوكيات العشوائية القاتلة، فمثل هذه الأشجار عدا دورها في التوازن الإحيائي لها قيمتها السياحية وإكساب الأرض خضرة الطبيعة الجميلة التي تسر النظر وتمنح الظلال. العناية بالبيئة أحد أهم السلوكيات الإنسانية الحضارية التي يجب أن نرتقي بها ونعززها، لذلك ننتظر أدوارا علمية مبادرة من الجهات المعنية من خلال تنظيم الفعاليات لحماية العرعر وغيرها من المكونات الطبيعية من أي مهددات وأخطار، لأن ما تتعرض له من تصرفات بدائية وعشوائية ضار على المديين القريب والبعيد بالطبيعة والبيئة التي نعيش فيها، ويجب على ذلك أن يتوقف بصورة حاسمة.

مشاركة :