تعيد قناة الجزيرة الإخبارية مساء اليوم، بث حلقة من برنامج «تحت المجهر» بعنوان «جمرة التقاعد.. مأساة المتقاعدين المغاربة في أوروبا». فبعد الحرب العالمية الثانية، وتدمير اقتصاد أوروبا وبنيتها التحتية، وحاجتها للمزيد من القوى العاملة الملحة، فتحت أبوابها للمهاجرين من مستعمراتها السابقة، ونظمت إيفادهم ورحبت بهم وصورت لهم أوروبا أرضاً للأحلام، ضمن اتفاقات ثنائية. ويتم بث هذه الحلقة بمناسبة اليوم الدولي للمسنين، الذي يصادف الأول من أكتوبر من كل عام، وهي من إخراج حسام شحادات وإنتاج الإعلامي أحمد اعبيدة. هاجر الشباب المغاربة نحو أوروبا بأعداد كبيرة هرباً من دول خرجت للتو من نير الاستعمار، دفعوا لأوروبا من عرقهم وزهرة شبابهم وأفنوا سنين طويلة من عمرهم عملا في أنفاقها ومناجمها وطرقاتها وموانئها، انقضت سنين العمر وداهمهم سن التقاعد. معظمهم لم يحصل على الجنسية ووجد نفسه أمام أمرين أحلاهما مر: البقاء في أوروبا براتب تقاعدي هزيل لا يوفر الاحتياجات الأساسية لإنسان في مقتبل العمر ناهيك عن عجوز يصارع الهرم وتفتك به أمراض الشيخوخة، بالإضافة إلى أنه ما زال يعيل عائلته أو ما تبقى منها تحت مسؤوليته في بلده الأم. والخيار الثاني العودة لبلاده حيث يفقد جزءا كبيرا من حقوقه مثل التأمين الصحي والتقاعد التكميلي بمجرد البقاء أكثر من ستة أشهر بعيداً عن بلد التقاعد. قضية في ملف مسكوت عنه، يفتحه برنامج تحت المجهر هذا الأسبوع، على شاشة الجزيرة الإخبارية. وتستضيف الحلقة المتقاعدين المغاربة في أوروبا، وبالتحديد في فرنسا وهولندا، وكذلك تستضيف المتقاعدين الأوروبيين في دول المغرب العربي، وبالتحديد في المغرب وتونس، حيث يسمح للمتقاعد الفرنسي أو الهولندي أو الإيطالي أن يعيش في دول جنوب المتوسط، في تونس أو المغرب مثلا، ويعيش حيثما أراد، ويستفيد من كل امتيازاته، ما خلق ظاهرة جديدة متمثلة في تحول الكثير من المتقاعدين الأوروبيين للعيش في دول جنوب المتوسط، نظراً لتسهيل هذه الدول لإقامة واستثمارات هؤلاء وفي الوقت نفسه نظراً لانخفاض كلفة العيش، وسهولة الحصول على نمط عيش اجتماعي وإنساني يحترم كبار السن ويحتضنهم. بينما يعيش المهاجر المغاربي المتقاعد ذو المستوى التعليمي البسيط خوفاً من أن يداهمه الموت في أرض غريبة، ويفر الأوروبي جنوباً خوفاً من أن يجد نفسه مرمياً في دار للعجزة. صورة متناقضة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط تعكس حالة من حالات الكيل بمكيالين من أوروبا وحالة من ظلم ذوي القربى، وتجاهلهم لقيمة الإنسان وأهمية الاهتمام به. قصة وواجهة أخرى من واجهات القتامة التي تتعامل بها بعض القوانين الأوروبية تجاه المهاجرين من المتقاعدين المغاربة والذي يصطلح على تسميتهم بـ «الشيبانيين»، تتناولها حلقة هذا الأسبوع من برنامج تحت المجهر، حيث تقول المنتجة في برنامج تحت المجهر خديجة أولاد عدي: «نسلط الضوء على حالات لمتقاعدين هم نموذج لشريحة تتزايد أرقامها وتعيش مأساة إنسانية صامتة، بين تنكر دول المهجر وظلم وتجاهل دول المصدر. مأساة تتأزم كلما ضربت الأزمة المالية أو اضطرت الدول الأوروبية لتقليص نفقاتها؛ حيث تتجه نحو الفئات الأضعف وذات الصوت غير المسموع، يشجعها صمت وضعف تدخل دول المصدر لحماية مواطنيها، وضمان حقوقهم في إطار السيادة والندية مع الآخر».;
مشاركة :