الرياض – الوكالات: قد تعمد السعودية إلى تقليص تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، بعد إقرار الكونجرس الأمريكي قانونا يتيح لأقارب ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر مقاضاة المملكة، وهو ما تراه الرياض بمثابة «طعنة في الظهر»، بحسب محللين. وأقر الكونجرس الأربعاء قانون «العدالة ضد رعاة الأعمال الإرهابية» (جاستا)، معطلا بذلك «فيتو» الرئيس باراك أوباما الذي سبق له رفض القانون على خلفية أنه قد يشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي. وعلى الرغم من أن علاقات البلدين شابها فتور متزايد منذ وصول أوباما إلى الحكم مطلع 2009، إلا أن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب لم يتأثر بحرارة العلاقة السياسية. وتشارك السعودية منذ صيف 2014، في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ويقول رئيس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية سلمان الأنصاري أن «هذه الشراكة ساهمت في تزويد السلطات الأمريكية بمعلومات استخبارية دقيقة»، مبديا خشيته من أن تكون للقانون الجديد «انعكاسات إستراتيجية سلبية». ويتيح القانون للناجين من أحداث نيويورك وواشنطن 2001 وأقارب الذين قضوا فيها، التقدم بدعاوى قضائية في المحاكم الأمريكية ضد حكومات أجنبية للمطالبة بتعويضات، في حال ثبوت تورط هذه الحكومات في الاعتداءات التي راح ضحيتها زهاء ثلاثة آلاف شخص. ونفت الرياض أي دور لها في الهجمات. كما لم تثبت التحقيقات الأمريكية التي وجهت الاتهام لتنظيم القاعدة، أي ضلوع رسمي سعودي. ويرى المحللون أن التعاون الأمني قد يصبح موضع شك، إضافة إلى مجالات تعاون أخرى أبرزها المالي والاقتصادي. ويوضح الأنصاري: «السعودية طعنت في الظهر من خلال هذا القانون غير المدروس وغير الواقعي»، سائلا: «كيف يمكنك مقاضاة بلد يتعاون وإياك في مجال، هو نفسه الذي توجه له فيه اتهامات غير مسندة؟». وبحسب المستشار الأول مدير برنامج الأمن والدفاع ودراسات مكافحة الإرهاب في مركز الخليج للأبحاث مصطفى العاني، فإن على السعودية «تقليص الاستثمارات المالية في الولايات المتحدة، وتقليص التعاون السياسي والأمني» مع واشنطن. وكانت تقارير صحفية أشارت سابقا إلى أن السعودية لوحت بسحب مليارات الدولارات من الاستثمارات في الولايات المتحدة في حال إقرار القانون، على الرغم من أن مسؤولين سعوديين قللوا من أهمية هذه التقارير. ويرى الصحفي والمحلل السعودي جمال خاشقجي أنه: «سيكون صعبا جدا على المملكة العربية السعودية أن تواصل التعاون الاستخباري» مع الولايات المتحدة بعد أن اتخذت الأخيرة «موقفا عدائيا كهذا». ويضيف أن المسؤولين السعوديين قد يكونون في خضم إجراء مناقشات حول رد فعلهم «آو سينتظرون إلى أن يتم تقديم الدعوى الأولى». إلا أن المعلق السعودي يشدد على وجوب التروي في أي خطوة. ويقول: «من المهم أن يكون الأمريكيون إلى جانبنا» لمواجهة أزمات المنطقة، وخصوصا في سوريا واليمن، والخصم الإقليمي الأبرز إيران. ويرى خاشقجي أن على الرياض إجراء إعادة تقييم «في الداخل» لإزالة الأسباب التي قد تكون أدت لنيل القانون تأييدا واسعا في الكونجرس. وكان أوباما استخدم الجمعة حق النقض «الفيتو» ضد القانون الذي أقره الكونجرس في وقت سابق. إلا أن مجلسي الشيوخ والنواب أعادا التصويت الأربعاء، فأيد 348 نائبا تعطيل الفيتو الرئاسي في مقابل 77. وفي مجلس الشيوخ، أيد التعطيل 97 سناتورا من 98. وندد أوباما بالقرار «الخاطئ» للكونغرس، مؤكدا في تصريحات صحفية أن ما جرى هو «تصويت سياسي»، وأن القانون «يخلق سابقة خطيرة». وتعتبر الإدارة الأمريكية أن القانون من شأنه أن يقوض مبدأ الحصانة التي تحمي الدول (ودبلوماسييها) من الملاحقات القانونية، وقد يعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية أمام المحاكم في كل أنحاء العالم. وسبق لدول خليجية أن أعربت عن قلقها من احتمال إصدار القانون. وحذر وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد في وقت سابق هذا الشهر، من أن قوانين مماثلة «ستؤثر سلبا على الجهود الدولية والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب».
مشاركة :