تواجه خطط الحكومة الأردنية لتغيير المناهج الدراسية في المرحلة الابتدائية جدلاً من قوى مجتمعية وسياسية عدة، ترى في هذا الإجراء ابتعاداً من القيم العربية والإسلامية التي تربى عليها الأردنيون منذ تأسيس المملكة الأردنية قبل سبعين عاماً، وترويجاً للمعتقدات الغريبة، لكن وزارة التربية والتعليم ترى أن ما يجري «تطوير للمناهج الدراسية»، ويأتي «بهدف مواكبة التغييرات في العالم». وما يثير اهتمام المراقبين أن نقابة المعلمين الأردنيين التي يسيطر عليها تيار معتدل غير متشدد تقود حملة ضد عملية تعديل المناهج الدراسية وضد نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات الذي تتهمه النقابة بأنه شخصياً الأداة التنفيذية لتغيير المناهج الدراسية، لاسيما منهجي اللغة العربية والتربية الإسلامية. ونفذت النقابة أمس، اعتصاماً احتجاجياً أمام مقر وزارة التربية والتعليم في منطقة العبدلي في عمان للتنديد بما سمته النقابة «خطط وزارة التربية والتعليم تغريب المناهج»، كما تم حرق الكتب الدراسية الجديدة في الاعتصام، في وقت طوقت أعداد كبيرة من قوى الأمن والدرك مقر الوزارة منعاً لاقتحامها. وطالب المشاركون في الاعتصام بوقف تعديل المناهج وإقالة وزير التربية والتعليم، بالتزامن مع وقفات احتجاجية مماثلة في عدد من المحافظات التي رفضت تعديل المناهج. ولم تقتصر الاحتجاجات على أعضاء النقابة بل وصلت إلى الأهالي والطلاب. وفي مدينة معان (جنوب الأردن) تجمع أمام فرع نقابة المعلمين، المئات من الطلاب وأولياء أمورهم ومعلمون، لتمزيق الكتب المدرسية الجديدة وحرقها، مرددين شعارات ترفض تغيير المناهج، وتندد بوزارة التربية والتعليم، وتتهمها بـ «تحريف المناهج وتشويهها». ولم تتوقف الاحتجاجات على الاعتصامات، وامتنع معلمون عن تدريس الكتب الجديدة، فضلاً عن انتشار رسوم كاريكاتورية تستهزئ بالوزارة وبلجنة المناهج، فضلاً عن الإساءة لشخصيات تربوية. وكان وزير التربية والتعليم نفى قبل يومين أنباء تحدثت عن تلقيه تهديدات بالقتل من مجهولين على خلفية عملية تعديل المناهج، وأنه طلب الحماية من الأجهزة الأمنية. وأكد معارضو التعديلات أنه تم اختصار عدد من الدروس في مناهج التربية الإسلامية، وحذف منها كل ما يُشجع على القتال والجهاد، كذلك استُبدلت صور النساء المحجبات في دروس اللغة العربية بصور لسيدات غير محجبات. ونشر النشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي صوراً للمناهج الجديدة ومقارنة لها مع المناهج القديمة، كما تداول النشطاء على صفحاتهم تصريحات كان نائب رئيس الوزراء جواد العناني أدلى بها إلى صحيفة خارجية هاجم فيها المناهج الدراسية الأردنية وقال: «إنها تشجع على الإرهاب والعنف». ما دفع بالنشطاء إلى المطالبة بـ «محاسبة الوزير على تصريحاته». وربط مراقبون بين عملية تعديل المناهج الدراسية الجارية حالياً وبين تصريحات حادة كانت الملكة رانيا العبدالله أطلقتها في اجتماع رسمي مطلع أيلول (سبتمبر) هاجمت خلالها نظم التعليم في الأردن والمناهج الدراسية، وقالت الملكة: «إن المناهج الدراسية هي أحد أسباب تخريجنا طلاباً يفتقرون إلى مقومات النجاح في القرن الواحد والعشرين»، داعية لأن يكون إصلاح التعليم «أولوية وطنية ومطلبية وشعبية». وكان عضو مجلس التربية والتعليم ولجنة العلوم الإنسانية في المجلس، هايل عبد الحفيظ داود، وهو وزير أوقاف سابق، دافع عن عملية تعديل المناهج، واعتبر أن الحديث حول تعمد حذف أو تغيير آيات قرآنية، كلام غير دقيق لأنه يخالف فلسفة وزارة التربية والتعليم والدستور الأردني وثوابت الدولة الأردنية، مؤكدا أنه إذا كان هناك خطأ ما، فإن هذه الكتب، هي طبعة تجريبية قابلة للأخذ والرد والملاحظات، وأن الكتب تخضع للمراجعة المستمرة بناء على الملاحظات التي ترد من المعلمين وأولياء الأمور والمهتمين بأمور التربية.
مشاركة :