نغتنم فرصة بداية العام الدراسي الجديد، لنزف من خلالها التهنئة لأبنائنا الطلبة بلقاء الزملاء والرفاق بعد عطلة صيفية كانت طويلة مقارنة بالأعوام السابقة. ونقدم لهم أجمل التبريكات لمناسبة بدء هذا العام الدراسي الجديد، متمنين لهم المزيد من التوفيق والنجاح؛ لكننا مع كل ما نأمل من تحقيق التقدم والنجاح على المستوى التعليمي، نتوقف ونعيد ونعود لنتساءل: هل وفرنا لأبنائنا فرصة تعليمية حقيقية كاملة؟ هكذا نحن في كل عام، نملأ الأجواء والأصداء بالتصريحات والصيحات والأمنيات، ونحاول أن نصوب الأخطاء التي مررنا بها في الأعوام السابقة وعامنا الماضي، وما إن يبدأ عامنا الجديد حتى تذهب كل الأمنيات التي حلمنا بها أدراج الرياح، وكأنه قدر علينا أن نلهث حتى خلف صغائر الأمور وأسخف الآمال. كيف لنا أن نغير في سلوك الأبناء والأحفاد ونحن لم نتغير؟ كيف لنا أن نتغير من دون أن نغير طريقتنا في التعامل معهم، من دون أن نعمل بجد على تحقيق ما نخطط له من سياساتنا التعليمية، من دون أن نولي التعليم الأهمية التي تستحق، من دون أن نؤمن المدارس بمستلزماتها الأولية، وكأن المدرسة مرحلة عابرة لا شأن لها بالتخطيط ولا أثر لها في حياة الأفراد ومصائر الشعوب. في السابق، كنا نشكو من التجهيزات الضرورية، كالتكييف وبراد الماء، وبعدها كنا نشكو من تأخير الكتب، تليها شكوانا من تأخير بعض الأساتذة المتخصصين في مواد العلوم... الآن نشكو من عدم وجود أساتذة نهائياً في المدارس الجديدة. يقول لي أحد مديري تلك المدارس: «والله وبالله وتالله لا يوجد لدي إلا مدرس واحد فقط وثلاثة إداريين»!. ألم يحن الوقت بعد لمواجهة الذات والوقوف على الأخطاء وتصويبها؟ مدارسنا تفتقد للكثير من المتطلبات وجامعتنا تعجز عن استيعاب سوى الأعداد القليلة من أبنائنا، فهل نحن في غفلة عما يجري حولنا من أحداث ومستجدات تستوجب منا الكثير من العمل الجاد، وتلزمنا توفير كل ما نحتاجه لتنشئة الأبناء السليمة ليكونوا قادرين على مواجهة ما يعترض طريقهم من مشكلات، وما ينتظرهم من تحديات؟ رغم توجيهات معالي وزير التربية وزير التعليم العالي الفاضل، ومناشدته المسؤولين الداعية إلى العمل على تأمين كل ما يلزم المدارس، خصوصاً النواقص التي تم رصدها في السنوات السابقة، وحل مشكلات التسجيل في الجامعة التي تواجهنا منذ عشرات السنين، إلا أننا كالعادة نعمل بمقولة «تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي». نتطلع بتفاؤل لنجد بعض المدارس تعاني من نقص المتطلبات المذكورة، كالكتب والمعلمين والأخصائيين وغير ذلك، وهي بداية لا تختلف عن بداية العام الماضي أو عن الأعوام السابقة، وكأننا نتعرض للمشكلة للمرة الأولى. ولا يقل طلبة الجامعة معاناة عن طلبة المدارس، فبعضهم يتجرع الأمرين ليتمكن من تسجيل مادة دراسية، والأسوأ من ذلك ما يواجه الطلبة الخريجين بعدم توافر المواد اللازمة للتخرج، وعدم جدوى نظام التسجيل من خلال الانترنت المستخدمة في دول أخرى بفعالية ممتازة رغم الفوارق المادية الكبيرة بيننا وبينهم. وكأن أبناءنا الخريجين كتب عليهم ان يكونوا خريجين مع وقف التنفيذ اكراماً لسواد عيون النظام الالكتروني، الأصم والأعمى والأبكم، الذي يجمع محاضرتين وأكثر في قاعة واحدة في التوقيت نفسه، حتى والله، لو كمبيوتر ونظام غبي لم يفعلها، فكيف بنظام صرفت عليه الأموال الطائلة، يفعلها؟ والعزاء عندكم في حفل التخرج. والسؤال الأخير هو إلى متى سنظل ندور في هذه الحلقات المفرغة كل عام، ونعيد الأسئلة والمشكلات ذاتها على السادة المسؤولين. فلا بلغت شهرزاد الصباح، ولا رأى واقعنا التعليمي الليالي الملاح، وكما قلنا في السابق من الأعوام والعام الماضي وبداية هذا العام وسوف نقوله في العام المقبل، «تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي»! أرجوحة أخرى مهمة: في الطائرة ومن شدة التعب غفوت، وعساني ما غفيت... تخيلت أن الطائرة، الكويت ونحن الركاب مسالمون لا نعمل أي شيء رغم الخلاف الكبير الذي حصل في كابينة القيادة وفي دهاليز الطائرة من بعض المسؤولين والمضيفين. ومن غير مقدمات، سمعنا طلقاً نارياً وطلقاً آخر من سلاح مختلف، فسال الدم في الممرات وحالنا يردد ما قاله أبا أصيل «أنا سبب نفسي بنفسي، جبت صبعي صوب عيني»... صحيت مذعوراً، فرأيت ما رأيت من الدماء وغيرها، فخفت أن ينالني نصيب منها. فغفوت مرة أخرى وما صحيت إلا في محطة جديدة متجددة. mnawr@yahoo.com
مشاركة :