كلباء: محمد ولد محمد سالم انطلقت مساء أمس الأول في المركز الثقافي بمدينة كلباء فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، الذي تنظمه إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وحضر الافتتاح الشيخ سعيد بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم في خورفكان، والشيخ هيثم بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم في كلباء، وأحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح، ومحمد عبدالله الزعابي رئيس المجلس البلدي في كلباء، وعدد من الضيوف المسرحيين، وجمهور مدينة كلباء. بدأ الحفل بعرض فيلم وثائقي عن مسيرة المهرجان وما تحقق خلال سنواته الأربع الماضية من نجاح وترسيخ لمفاهيم وخصوصية المهرجان، وما ولد في أحضانه من مخرجين وممثلين، فاستطاع المهرجان أن يفتح الطريق أمامهم إلى عالم الاحتراف، كما عرضت مادة فيلمية عن مسيرة شخصية المهرجان لهذا العام، وهو الفنان عيسى كايد، ابن مدينة كلباء الذي نذر نفسه للمسرح، ورفع اسم مدينته بأعماله وموهبته، وبعد الفيلم كرّم الشيخ سعيد بن صقر القاسمي يرافقه الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، وأحمد بورحيمة الفنان عيسى كايد. عرض الافتتاح كان بعنوان طروادة تنبش قبرها إخراج راشد دحنون، وهو معد عن نصوص لهوميروس وشكسبير وغوته، تنفتح الستارة على فتاتين تتنازعان على تفّاحة كل منهما تدعي أنها الأحق بها، وتدخل ممثلة ثالثة، لتدعي أحقيتها بها، ويحتد النزاع، فيظهر لهن شاب يرعى غنما، فيقررن الاحتكام إليه، لكي يقرر أيهن الأحق بالتفاحة، والمشهد يشير إلى أسطورة آلهة جبل الأوليمب الثلاث (هيرا وأفروديت وأثينا) اللواتي تنازعن على التفاحّة الذهبية التي ألقت الإلهة إريس بينهن، وقد كتب عليها للأجمل فادعت كل منهن أنها الأجمل والأحق بالتفاحة، واحتد الصراع فقررن أن يحتكمن إلى أول قادم، فكان ذلك هو الشاب باريس الراعي ابن ملك طروادة، الذي سيحكم بها لافروديت بعد أن وعدته بأن تعطيه أجمل النساء في العالم، وكانت تلك هي بداية الصراع الذي سقطت فيه مدينة طروادة. حاول العرض خلال 30 دقيقة أن يلم بأشكال الصراع في المسرحيات الثلاث (سقوط طروادة) و(موت قيصر) و(روميو وجوليت)، لكن المخرج لا يريد أن يحبس نفسه في إطار الزمن الماضي، بل يسعى بدأب إلى ربطها باللحظة الحاضرة، بعدة روابط، فعندما ينجح كاسيوس في إقناع بروتوس بالمشاركة في الثورة على قيصر، تظهر احتجاجات شعبية، وينادي بعض الممثلين على قيصر بأن يعي أن الزمن تغير، وأن فيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تكشف كل شيء، وأن استبداده لم يعد خافياً، وفي مشهد روميو وجوليت، لا يظهر الصراع على أنه صراع بين أسرتين كما في المسرحية الأصل، بل يظهر وكأنه صراع بين اثنين لكل منهما حراسه، وكذلك يتخلل أحد المشاهد انقطاع للكهرباء، وهو الذي يفرق بين روميو وجوليت، ما يحيل على أجواء الصراعات بين أحياء المدن في الحروب الأهلية المعاصرة، خاصة في المدن العربية التي تشهد صراعات سياسية وطائفية دامية. البناء الدرامي بالنسبة للبناء الدرامي، حاول المخرج أن يوجد روابط الحكايات الثلاث في نصوص هوميروس وشكسبير وغوته باللعب على موضوع الصراع، ففي مشهد التفاحة الذهبية، وجه الصراع لمطامع ذاتية، وفي مشهد مقتل قيصر كان هذا الصراع سياسيا، وفي روميو وجوليت، كان اجتماعياً، وهي ولا شك محاولة جيدة، خصوصا عند الوصول لتلك النهاية التي يحاول فيها روميو التغلب بحبه على الاجتماعي، لكن العرض بهذا النسق وضع المتفرج في مشكلة تأويلية، فالصراع عنوان كبير، وربما هو عنوان الوجود كله، ولا يمكن أن نحصي أشكاله، وقد بدا في قضية التفاحة، مختلفا تماما عن شكله في حكاية يوليوس قيصر، الذي بدوره يناقض شكل الصراع في روميو وجوليت وهو الذي خلا من العمق والبناء التصاعدي للوصول إلى التناغم الذي يسمح بالتأويل. وزعت إدارة المهرجان كتيبا حول التجربة الفنية لشخصية المهرجان عيسى كايد، تضمن شهادات لزملائه الفنانين الذين عايشوا تجربته.
مشاركة :