كلما اشتد الألم كان الأجر أعظم

  • 10/1/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كتب - نشأت أمين: أكد فضيلة الشيخ عبدالله النعمة أن الله عز وجل لم يجعل الدنيا، دار بقاء وقرار، وإنما جعلها دار انتقال وبلاء واعتبار، يخرج فيها الولدان صغاراً لا يميزون، ثم يبلغون فيكلفون، ثم يشيبون، ثم يهرمون، ثم يموتون فيحاسبون، ومنهم من لا يدرك الهرم ولا الشباب. وقال، في خطبة صلاة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، إنه خلال هذا العمر الذي قضاه الإنسان في الدنيا عاش فيه تقلبات وأحوالاً، ومرت به فتراتٌ ضاقت عليه الدنيا بما رحبت، حتى تمنى يومها أنه لم يخلق أبداً، ثم اتّسعت عليه حتى ظن أنه أسعد السعداء. وتابع: هكذا الدنيا في تقلباتها وأحوالها والمؤمن يدرك الحكمة من ذلك، فيصبر في الضراء، ويشكر في السراء، ويعلم أن الكل من عند الله، فيثاب على شكره ويؤجر على صبره. ونوه إلى أنه من نعمة الله تعالى على عباده المؤمنين أنه إذا ابتلاهم رزقهم الصبر والرضى حتى ينالوا الجزاء الأوفى، وقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ومن يتصبر يصبره الله) وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله تعالى ينزل المعونة على قدر المؤنة وينزل الصبر على قدر البلاء). مكفرات الذنوب وبين خطيب الجمعة أنه ما من غمٍ يغتمه المسلم، ولا هم يهتمه ولا مرض يصيبه، ولا شيء ينال منه إلا كان فيه مأجوراً، فالعبد دائم العصيان، كثير النسيان، لا يكاد ينفك عن الذنوب والخطايا، لافتا إلى أنه من رحمة الله تعالى بعباده أن جعل هذه الأمراض والمصائب مخففات على العبد، مقللات لذنوبه، فيها تكفير للخطايا، ورفعة للدرجات، وزيادة في الحسنات. وأشار إلى حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما يمرض مؤمن ولا مؤمنة، ولا مسلم ولا مسلمة، إلا حط الله بذلك خطاياه كما تنحط الورقة من الشجر).. ويزداد هذا التكفير للخطايا بازدياد الأمراض والمصائب، حتى لا يدع خطيئة إلا محاها، فيموت المؤمن حين يموت وهو نقي من الذنوب والأوزار. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله ونفسه حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة). وأضاف: ينضم إلى تكفير الخطايا، زيادة الحسنات، ورفع الدرجات، مشيرا إلى ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها حيث قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة). وفي حديث آخر عنها قال عليه الصلاة والسلام: (ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له حسنة ورفع له درجة) أخرجه الطبراني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. أعظم الثواب ونوه إلى أنه كلما عظم المرض واشتد الألم، كان الأجر أعظم والثواب أكثر، أخرج الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال:(إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فعليه السخط). وذكر أنه قد تكون الخيرية التي يريدها الله بعبده المؤمن المريض المبتلى منزلة عالية في الجنة لا يرقى عمله إليها؛ فيبتليه الله تعالى بالمرض أو غيره حتى يرتقي إلى تلك المنزلة العالية. وأشار الخطيب إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمله فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغها) وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: (إن العبد إذا سبقت له من الله منزله لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو ماله أو في ولده ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى) أخرجه أبو داود. ضعف العبد ونوه إلى أنه يكفي في المرض والابتلاء والمصيبة، أنه يبين للعبد ضعفه ويبرز له مدى افتقاره وحاجته لرب العالمين، مشيرا إلى أنه كم أرجعت الأمراض عبيداً إلى ربهم، فاهتدوا من بعد الضلال، وتابوا من العصيان، فسابقوا في الخيرات، ونافسوا في الباقيات الصالحات، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وأكد أن العبد مبتلى في كل شيء فيما يسره ويحبه فيما يسؤوه ويكرهه. ودعا كل مسلم إلى النظر إلى من هو أشد منه بلاءً وأعظم منه مرضاً، وأن يتذكر أن مصيبته ليست في دينه، فكل مصيبة ليست في الدين، فهي هينة لقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: (ولا تجعل مصيبتنا في ديننا). وقال الخطيب: ها هي الشمس تشرق وتغيب كل يوم، وها هو الهلال يحل كل شهر ويغيب وها هي الأعوام تتجدد عاما بعد عام، والليل والنهار يقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود، والمؤمن بين مخافتين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه، وفي مطلع العام تستفتح صفحات من الأعمال، لا يدري العبد ماذا يسيطر فيها، ويروح إلى أجل غريب عنه علمه .. مشيرا إلى أننا لا ندري أيهما أسرع نفساً عامنا أم أرواحنا. ونوه إلى أننا ونحن في مطلع هذا العام الهجري، فإن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الاستبشار بالجديد القادم، والاحتفاء به، والدعاء ببركته، فحينما يرى عليه الصلاة والسلام هلال الشهر الجديد كان يدعو ويقول :(هلال رشد وخير). وأضاف: كان صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالباكورة بأول الثمر كان يقول :(اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي قمرتنا وفي من مدنا وفي صاعنا، بركة مع بركة)، وكان يقول في أذكار اليوم والليلة (اللهم إني أسالك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها). وأكد أن ارتباط المسلم بربه ويقينه بأن كل قادم مجهول لا يخرج عن قدرة الله سبحانه، وقدرته سبحانه وثقة المسلم وحسن ظنه بوعد الله لعباده المؤمنين، يجعل المؤمن مستبشراً بعامه الجديد، مطمئناً إلى مستقبله، متوكلاً على ربه، راضياً بقدره، شاحذاً همته، مستبعداً شبح اليأس والتحبيط والتثبيط (إنه لا ييأس من روح الله) أي من رحمته (إلا القوم الكافرون). وأوضح أنه قد انقضى عام كامل من أعمارنا، كان حافلاً بالبشارة والمنغصات، ومليئاً بالفرح والمبكيات، ولد فيه أقوام ومات آخرون، واستغنى فيه أناس وافتقر آخرون، شفي فيه مرضى ومرض أصحاء، والله عز وجل هو الولي الحميد العزيز المجيد، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ودعا إلى بدء العام الجديد بحسن النية، وعلو الهمة، وصدق التوبة، والعزيمة على الاستقامة والقيام بحقوق الله سبحانه وتعالى وحقوق خلقه، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك، ومن غناك لفقرك، ومن فراغك لشغلك، ومن شبابك لهرمك.

مشاركة :