تحقيق: راندا جرجس زادت في الآونة الأخيرة الاكتشافات بوجود تشوهات خلقية للأجنة، مما يدل على وجود خلل في أحد أعضاء جسم الجنين، وهو مازال بداخل رحم الأم، ما يؤدى لولادة طفل به عاهة دائمة، سواء عقلية أو عضوية تلازمه طوال حياته بعد الولادة، وربما تتسبب هذه التشوهات في إنهاء حياته قبل ولادته، ولذلك على كل أم مراجعة طبيبها في فترة الحمل للاطمئنان على صحّة جنينها وسلامته، ومن خلال الفحوص ربما يكتشف الطبيب احتماليّة إصابة الجنين بمشاكل أو تشوّهات خلقيّة، حسب نصائح الأطباء. أكد الدكتور وليد دندن مختص طب الأطفال على أن حالات تشوّه الجنين تعد من أكبر الهواجس التي تقلق الآباء والأمهات في يومنا هذا، لاسيّما مع تزايد نسب انتشار التشوّهات الخلقية التي باتت تصيب طفلاً واحداً من بين كل 33 طفلاً في مختلف أرجاء العالم، وتشوّهات الأجنة عبارة عن حدوث خلل جيني خلال فترة تكوّن أي من أعضاء جسم الجنين والتي غالباً ما تحدث في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. ويؤدي هذا الخلل إلى نمو العضو بشكل غير طبيعي والتأثير إما على شكله أو وظيفته، وينتج عن ذلك حدوث تشوّهات داخلية أو خارجية تتراوح درجتها بين الخفيفة والصغيرة إلى الخطرة وحتى المميتة. ويمكن للتشوّهات أن تحدث في أي عضو أو جزء من جسم الأجنة، ولعل أبرزها تشوّهات القلب التي تعد من حالات التشوّه الأكثر شيوعاً لدى الأجنة حيث تعد من الأسباب الرئيسة لوفاة الأطفال في مراحل العمر الأولى في العديد من المناطق حول العالم؛ وأكثرها انتشاراً الفتحة صغيرة الحجم بين البطينين أو الأذينين. ويمكن للتشوّهات أن تحدث أيضاً في الجهاز العصبي، وهو ما يُعرَف بتشوّهات الأنبوب والجهاز العصبي والتي تطال أيضاً الدماغ والنخاع الشوكي، بما يجعلها من أخطر الحالات التي تتطلّب تدخلاً طبياً سريعاً للحفاظ على سلامة الجنين. وتأتي التشوّهات أيضاً على شكل شذوذ في الكروموسومات، ولعل من أشيعها متلازمة داون ومتلازمة إدوارد. ويمكن أن تحدث تشوهات في الجهاز الهضمي أو جهاز البول أو الجلد أو العينين أو الأطراف أو حتى الوجه، ومثال على ذلك شفة الأرنب والقدم الحنفاء. وأضاف: الدراسات والأبحاث التي أجريت حتى الآن لم تستطع بدقة تحديد الأسباب العلمية لحدوث تشوّهات الأجنة، ولكن يجمع الخبراء والأخصائيون على بعض العوامل البيولوجية والسلوكية التي قد تعزّز حدوث التشوّهات عند الأجنة، وهي إما نتيجة اضطرابات داخلية في الرحم وإما نتيجة ممارسات خاطئة تقوم بها الأم أثناء فترة الحمل، وتفصيلاً، خلصت بعض الأبحاث إلى أن سوء التغذية وتحديداً نقص الكالسيوم وحمض الفوليك لدى الأم قد يكون سبباً في تشوّه العمود الفقري للجنين. وتعد قرابة الزوجين وكبر عمر الأم الحامل من الأسباب الأكثر شيوعاً لحدوث شذوذ في الكروموسومات لدى الأجنة؛ هذا إضافة إلى إصابة الأم بأمراض معدية أثناء فترة الحمل كالزهري أو الحصبة الألمانية أو بعض الأمراض الفيروسية الأخرى أو بأمراض مزمنة كداء السكري أو فقر الدم. وبفضل التطوّرات المستمرة التي يشهدها عالم الطب والرعاية الصحية، أصبح من الممكن الآن تشخيص حالات التشوّه عند الأجنة قبل الولادة؛ غير أن بعض الحالات لا يمكن كشفها إلّا بالعين المجرّدة أو في المراحل الأولى من عمر الطفل؛ ومثال على ذلك شفة الأرنب أو ضعف السمع أو البصر. وللتأكّد من وجود أي تشوّهات في شكل الأعضاء لدى الجنين، يمكن اللجوء إلى التصوير بالأمواج فوق الصوتية منذ أشهر الحمل الأولى. ويمكن إجراء التحاليل وفحوص الدم وكذلك أخذ عينة من الصيغة الصبغية لدى الجنين للكشف عن أي تشوّهات جينية وعضوية. وتختلف العلاجات بحسب الحالة ودرجة خطورتها على صحّة الجنين؛ حيث يمكن علاج بعض التشوّهات مثل شفة الأرنب أو تعدّد الأصابع بسهولة بعد الولادة، لا بل أصبح من الممكن الآن القيام بعلاج بعض التشوّهات (وخاصةً العيوب الخلقية) خلال فترة الحمل، وذلك إما عن طريق الجراحة المفتوحة أو الجراحة التنظيرية. وعلى الرغم من خطورتها ودقّتها، تتم الجراحة المفتوحة عن طريق إخراج الجنين من الرحم لعلاج العضو المشوّه ومن ثم إعادته إلى الداخل وإغلاق الرحم. أما الجراحة التنظيرية، فتتمثّل بإدخال المنظار إلى داخل الرحم عبر البطن دون الحاجة إلى الشق. وتعد هذه الجراحة أكثر تفضيلاً وشيوعاً لدى الأخصائيين. وللوقاية من حدوث التشوهات نصح د. وليد ببعض النقاط التي يترتب على الأم الحامل أتباعها مثل: 1- أهم النصائح لتجنّب تشوّهات الأجنة هي تجنّب زواج الأقارب وإجراء الفحوص الوراثية والجينية قبل الحمل. 2- سلوكيات الأم عامل أساسي في التأثير على نسبة إصابة الجنين بتشوّهات، ولذلك يشدّد الأطباء على ضرورة حفاظ الأم على نمط حياة صحي ومتوازن خلال فترة الحمل وإجراء الفحوص الدورية واستشارة الطبيب المختص قبل تناول أي أدوية أو مأكولات غير مألوفة. 3- لا بد من تجنّب التعرّض للإشعاعات أو الإصابة بالإنتانات داخل الرحم. 4- من المفضّل ضبط السكري في الدم طوال فترة الحمل، وتناول حمض الفوليك بجرعات يتم تحديدها من قبل الطبيب وتلّقي اللقاحات اللازمة للحيلولة دون الإصابة ببعض الأمراض المعدية كالحصبة. نصائح للوقاية يمكن للأم تفادي حدوث التشوهات، بتناول الفيـــــــتامينات التي ينــــصحها بها الطبيب المتابع للحالة، فيما عدا التشوهات التي يكون لها سبب وراثي أو تاريخ عائلي، وهناك حالات يمكن للطبيب التدخل لمعالجتها وقت وجود الجنين بداخل رحم الأم، ويستطيع تحسين وضع الجنين. أن معظم الدراسات والأبحاث أثبتت أن زواج الأقارب يزيد من احتمالات حدوث التشوهات الخلقية، وخاصة تلك التي تنتقل وراثياً، ولذلك فإن التشخيص الوراثي له دور كبير في الكشف عن العديد من الأمراض وتفاديها بالاختيار الجنيني الصحي والسليم. الوراثة سبب أساسي في تشوهات الأجنة من المعروف أن تناول الكحول والتدخين وتناول بعض الأدوية قوية المفعول أو حتى استخدام مستحضرات التجميل وصبغات الشعر التي تحتوي على مواد كيماوية، قد تسهم أيضاً في حدوث خلل جيني، ويجد البعض أن عامل الوراثة قد يكون سبباً من أسباب التشوّهات عند الأجنة أيضاً، ولذلك نلحظ أن التشوّهات الخلقية منتشرة في بعض العائلات أكثر من غيرها. وأوضح الدكتور سامر شعيب مختص أمراض النساء والتوليد، أن التشوهات الخلقية تعتبر تغيرات تطرأ على الجنين أثناء عملية التطور الجيني، ويتم تشخيص هذه الحالات بالتصوير الصوتي، وذلك للتأكد من نمو الأعضاء بالشكل والمكان الصحيح في جسم الجنين، وهناك عوامل وراثية متلازمة أو خارجية، ربما تكون السبب في حدوث التشوهات الخلقية، كتناول أدوية معينة أثناء فترة الحمل أو الإصابة بفيروسات تؤدى إلى تشوه الجنين.
مشاركة :