لا يمكن اعتبار الاقتصاد الأمريكي معافى حتى يعم الخير الجميع

  • 10/2/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كيت بان تشير كل المعطيات الرسمية وغير الرسمية إلى أن معدل البطالة بين الأمريكيين السود يبلغ ضعفي معدلاتها بين الأمريكيين البيض. وأكد تقرير الوظائف لشهر أغسطس/آب استمرار الواقع الذي عشناه وتابعناه لبعض الوقت والذي يفيد بأن هناك تحسنا تدريجيا واستقرارا في سوق العمل يمكن وصفه بالدائم. ورغم أننا لم نصل بعد إلى أدنى مستوى لمعدلات للبطالة كالتي عرفناها في ذروة دورة الانتعاش الاقتصادي الأخير، لكن ثبات معدلاتها عند أقل من 5% يبشر بالخير، كما أن معدلات الأجور تتزايد ببطء. وعلى الرغم من أن سوق العمل يشهد تحسناً تدريجياً، فقد أقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي تحقيقه لدعم نمو الاقتصاد، وأكد بعد اجتماعه الأخير أنه لن يبدأ برفع أسعار الفائدة فوراً. وقد دفع التحسن النسبي في سوق العمل الكثيرين للاعتقاد أن الاقتصاد ليس عرضة لفرط النشاط، لذلك لا مبرر للاندفاع وراء زيادة أسعار الفائدة من أجل لجم ارتفاع معدلات التضخم. وقالت عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ايل برينارد، مؤخراً أنه نظراً لعدم اليقين بشأن قوة سوق العمل، وما لم يلتقط التضخم أنفاسه، فإنه لن يكون من الحكمة للسياسة النقدية عرقلة إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب في سوق العمل. وكنت قد بينت في مقالي التمهيدي الأخير حول تقرير الوظائف لشهر سبتمبر، الأرقام الفلكية لمعدلات البطالة في أوساط الشباب السود على وجه الخصوص. وبينما يستقر معدل البطالة في هذه الشريحة قريباً مما كان عليه قبل الركود، فإن تلك المعدلات مرتفعة جداً، وتلحق الضرر اقتصادياً بجزء كبير من القوى العاملة. وفي حين اعتبر المجلس أن معدلات الوظائف عادت إلى وضعها الطبيعي فإن وضعها الطبيعي لا يكفي بالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يواجهون العراقيل الهيكلية والتمييز العنصري. وأشارت برينارد إلى أن سوق العمل لا يزال يعاني ضعفا، ولهذا يبقى حيز المناورة جيداً لاستخدام السياسة النقدية والاقتصادية عموماً لدعمه. وهنا لا بد من القول إنه في الوقت الذي نفتش عن أفضل طريقة لتحسين سوق العمل والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي لدينا، يجب أن يكون تحسين الوضع المعيشي لتلك الشريحة الاجتماعية التي واجهت تاريخياً الحواجز لإيجاد وظائف جيدة وإعالة أسرهم، أهم مقياس على صحة الاقتصاد الأمريكي. ونظراً لارتباط البطالة بخلفيتهم العرقية والإثنية، فينبغي القيام بكل ما من شأنه ضمان تساوي الفرص المتاحة لجميع العاملين في سوق العمل. إضافة إلى جهود الاحتياطي الفيدرالي التي تتركز على الحفاظ على تحقيق الاستقرار في سوق العمل، لابد من توفير السياسات التي تساعد العاملين على العثور على أفضل الوظائف لأنفسهم وإعالة أسرهم ورفع الحد الأدنى لأجورهم، وتحسين ظروف سوق العمل بالنسبة لأولئك الذين يواجهون حالياً ارتفاعاً في معدلات البطالة. ولا شك أن رفع الحد الأدنى للأجور، ومنح العاملين ما يحتاجون إليه من الحماية والدعم، ومساعدة الناس على الحصول على التعليم والتدريب سيسفر عن تحسين مستويات معيشة العمال الذين يواجهون احتمال ارتفاع معدلات البطالة بينهم وانخفاض معدلات الدخل. ونتيجة تحسين وضع هؤلاء العمال تنتعش الطبقة الوسطى وهو الهدف الذي يصب في صالح مساعي توازن القوى ومكافحة انعدام المساواة الاقتصادية. وطالما أن التفاوت مستمر في التصاعد وأرباح الشركات مستمرة في الارتفاع، فإن هناك فرصة لرفع سوية الشرائح المنخفضة والمتوسطة الدخل من خلال سياسة جريئة لا تسفر بالضرورة عن زيادة معدل البطالة، كما قد يدعي العديد من الشركات والاقتصاديين المحافظين. وهناك أدلة كثيرة على أن زيادة الحد الأدنى للأجور وتعزيز درجة حماية العمال، مثل الحق في التفاوض على عقود العمل وتوسيع نطاق الحصول على امتيازات العمل والأسرة مثل الإجازة مدفوعة الأجر، لا تشكل مصدر ذعر لسوق العمل. يجب على الحكومات الاتحادية والمحلية الاستفادة من الفرصة التي يوفرها الركود في سوق العمل والاستقرار الاقتصادي النسبي لتوسيع السياسة الاقتصادية ومساعدة العمال. وطالما ظلت العلل الهيكلية قائمة، فلا يزال يتعين علينا بذل الكثير من الجهد لتحسين ظروف سوق العمل.

مشاركة :