مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانغ: لن نفرض رقابة على منشوراتنا بسبب انتخابات الرئاسة الأميركية

  • 10/3/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بينما يصفه المؤيديون له بالباحث عن الحقيقة، يراه منتقدوه باحثاً عن الشهرة يعرّض كثيرين للخطر عبر نشر معلومات مهمة وحساسة. هو متحمّس دائماً، وذكي إلى أبعد الحدود، لا سيما عندما يتعلّق الأمر بفك شفرات برامج الكمبيوتر. تنشر منصة نشر المعلومات {ويكيليكس} التي أسسها عام 2006 محدثاً ضجة واسعة حول العالم، صوراً ووثائق سرية للغاية، وما زالت بعد عشر سنوات من ولادتها تتعرّض لانتقادات كثيرة، خصوصاً بعد نشر رسائل «اللجنة الوطنية الديمقراطية» في الولايات المتحدة الأميركية. مع جوليان أسانغ كانت المقابلة الممتعة التالية مع {شبيغل الألمانية}. بعد عشر سنوات على تأسيسها، تتعرّض منصة نشر المعلومات السرية {ويكيليكس} للانتقاد مجدداً. يقال إنها عرّضت ملايين الناخبين الأتراك للخطر. ما ردّك على هذه الأقاويل؟ بعد بضعة أيام على نشر رسائل إلكترونية داخلية من {اللجنة الوطنية الديمقراطية}، انتشرت قصة مزيّفة بالكامل مفادها أننا نشرنا أسماء جميع الناخبات في تركيا مع عناوينهنّ وأرقام هواتفهنّ. هذا الخبر ليس صحيحاً بأي شكل، وكان يسهل التحقق من ذلك. الحقيقة أن فصائل السلطة تحاربنا بالأكاذيب، ولا نعتبر هذا السلوك مفاجئاً. تعاطف عدد كبير من الصحافيين مع {ويكيليكس} ومع إدوارد سنودن أيضاً منذ فترة طويلة. لكنهم لم يحبذوا نشر رسائل {اللجنة الوطنية الديمقراطية} في الولايات المتحدة الأميركية. هل تخوض حملة داعمة لدونالد ترامب؟ أثبتت تسريبات رسائل {اللجنة الوطنية الديمقراطية} التي نشرناها أن الأخيرة زوّرت نتائج الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة لصالح هيلاري كلينتون على حساب بيرني ساندرز. حتى أن هذا الحدث أدى إلى استقالة أعضاء بارزين في {اللجنة الوطنية الديمقراطية}، من بينهم رئيستها ديبي واسرمان شولتز. اعتبر العاملون ضمن حملة كلينتون أنك حصلتَ على رسائل «اللجنة الوطنية الديمقراطية» من الاستخبارات الروسية. حصلت محاولات كثيرة لإلهاء الناس عن تأثير منشوراتنا. تبدو هيلاري كلينتون المرشّحة الأوفر حظاً للفوز. وكما يحصل دوماً، يصطفّ معظم وسائل الإعلام مع الفائزة المرتقبة مع أنها تدّعي التمسك بمهمّة اجتماعية سامية تقضي بإجراء تحقيقات عن أصحاب السلطة. لكن على أرض الواقع، يسيء موقع {ويكيليكس} إلى كلينتون ويقوّي موقف ترامب. لن نفرض رقابة على منشوراتنا بسبب حصول انتخابات في الولايات المتحدة. يقضي دورنا الأساسي بنشر المعلومات. كانت كلينتون جزءاً من الحكومة، لذا يمكننا أن ننشر معلومات إضافية عنها. عموماً، يسود جو من السذاجة المفرطة، فمعروف أن المجموعات النافذة الأساسية في الولايات المتحدة، تحديداً الشركات الكبرى والجيش، ستُمثّل الرئاسة الأميركية دوماً، بغض النظر عن هوية الرئيس. إذا قدّم لك أحد وثائق داخلية من حملة ترامب أو الحزب الجمهوري، هل تنشرها أيضاً؟ نعم، طبعاً. هذا هو عملنا. حتى أنّ المجلة الإخبارية الألمانية {فوكس} اتّهمت {ويكيليكس} بنشر وثائق مرتبطة بـ{وكالة الأمن القومي} ووثائق أخرى زوّرتها الاستخبارات الروسية. ما تعليقك على هذا الاتهام؟ هذه الادعاءات ليست صحيحة. حتى الحكومة الأميركية اضطرت إلى الاعتراف بعدم وجود أدلة على تورّط موقع {ويكيليكس}. كنتُ فضحتُ المجلة الألمانية نفسها في عام 2008 حين قلتُ إن دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية اخترقتها في العمق، فقد عدّدنا أوقات وتواريخ 58 اتصالاً أجراها صحافي في مجلة {فوكس} مع دائرة الاستخبارات الاتحادية. ألا تعتبر {ويكيليكس} هشاً لأنك لا تستطيع التحقق من كل وثيقة منشورة واكتشاف الوثائق المزوّرة؟ لدينا سجل مثالي على مستوى اكتشاف المعلومات المزوّرة. وعلى عكس الصحافة التقليدية، نعمد إلى نشر الوثائق كلها كي يتمكّن الجميع من التحقق منها أيضاً. يُعتبَر {ويكيليكس} حرفياً أسوأ مكان في العالم بالنسبة إلى كلّ من يفكر بنشر قصة كاذبة. هل يمكن أن ينشر {ويكيليكس} أي مواد عن الفساد في القيادة الروسية؟ نعم. سبق ونشرنا أكثر من 650 ألف وثيقة عن روسيا والرئيس فلاديمير بوتين، وكان معظمها حساساً. كُتِب بعض الكتب النقدية استناداً إلى تلك المواد مثل The Mafia State (دولة المافيا) للصحافي لوك هاردينغ من صحيفة {ذي غارديان}، ثم استُعمِلت تلك الوثائق أيضاً في عدد من القضايا القانونية، بما في ذلك قضية {يوكوس}. كيف يمكنك أن تمنع استغلال {ويكيليكس} وسط حرب المعلومات القائمة عالمياً؟ معايير التحرير التي نستعملها علنية وبقيت على حالها طوال ثماني سنوات تقريباً. إذا أعطانا أي مصدر مواد لها أهمية سياسية أو دبلوماسية أو أخلاقية أو تاريخية ولم يسبق أن نُشِرت يوماً وتشمل وثائق رسمية أو تسجيلات، سننشرها طبعاً. هل يكون معظم موادنا باللغة الإنكليزية؟ نعم. يعيق هذا الجانب توسيع مصادرنا. لكن غالبية موادنا بالإنكليزية لأن معظم قرّائنا يجيدونها. في 4 أكتوبر 2006، سجّلتَ اسم النطاق www.wikileaks.org. ما الذي حقّقتَه منذ ذلك الحين؟ نشر موقع {ويكيليكس} أكثر من 10 ملايين وثيقة خلال 10 سنوات. نُشِر معظمها في آخر ست سنوات وخلال هذه الفترة تعرّضتُ لاعتقال غير مشروع، من دون توجيه أي تهمة ضدي، في المملكة المتحدة. حصلتَ على حق اللجوء السياسي من حكومة الإكوادور لكنك عالق في سفارتها في لندن منذ أربع سنوات. تريد السلطات البريطانية اعتقالك وترحيلك كي تخضع للاستجواب في السويد. ألم يكن هذا الوضع كفيلاً بإعاقة عمل {ويكيليكس}؟ فيما كان بعض وسائل الإعلام المعروفة يتكبّد الخسائر أو يعلن إفلاسه، صمد موقع {ويكيليكس} في وجه صراعٍ كبير مع قوة نافذة وشمل ذلك الصراع حصاراً اقتصادياً غير قانوني من البنوك وشركات بطاقات الائتمان التابعة لها واحتجاز رئيس تحرير الموقع. لا ديون على عاتقنا ولم نضطر إلى طرد الموظفين. لم نخسر يوماً أي قضية مرتبطة بمنشوراتنا أو نفرض رقابة على عملنا. بل زادتنا هذه المحنة قوة. عمرنا 10 سنوات اليوم. انتظروا إلى أن نصبح مراهقين! إنجازات وثغرات ما كانت أهم مادة نشرها {ويكيليكس}؟ أهم ما فعله {ويكيليكس} نشر أكثر من 10 ملايين وثيقة. أما أهم مجموعة فردية من المواد التي نشرناها، فتتعلق بالمراسلات الدبلوماسية الأميركية. بدأنا بـ251 ألف وثيقة في عام 2011، لكن وصل عددها اليوم إلى 3 ملايين ونَعِد بنشر المزيد. ما كانت أبرز الثغرات في موقع {ويكيليكس}؟ ما الذي تريد تحسينه؟ المصادر! هل أُجبِر موقع {ويكيليكس} على اتخاذ قرار دون سواه رداً على قلة المصادر؟ نعم. لطالما فعل ذلك. ماذا فعلتم مثلاً؟ على سبيل المثال، أجبرتنا قلة المصادر على التعامل مع منشورات منحازة سياسياً مثل {نيويورك تايمز} كي نتمكّن من استعمال شبكات توزيعها. هل تندم لأنك لم تعد تتعاون مع صحف معروفة مثل {نيويورك تايمز} أو {ذي غارديان}؟ حتى أن الصحف الليبرالية تنتقد {ويكيليكس}. عملنا في المرحلة اللاحقة مع صحافيين من الصحيفتَين معاً. والصحف الليبرالية ليست ليبرالية بالضرورة. تربطنا علاقات وعقود ممتازة مع أكثر من 110 مؤسسات إعلامية حول العالم، ونحن نلتزم بشروط اتفاقياتنا حرفياً. حُكِم على الجندي الأميركي تشيلسي مانينغ الذي كان مخبراً لك بالسجن طوال 35 سنة. ولا يزال إدوارد سنودن عالقاً في موسكو وأنت عالق هنا في سفارة الإكوادور في لندن. كيف يمكن أن يتعامل المخبرون مع انتكاسات مماثلة؟ يجب ألا نقارن ظروف إدوارد سنودن بوضع تشيلسي مانينغ أو جيريمي هاموند المسجون أيضاً في الولايات المتحدة. نتيجة للجهود الشاقة التي بذلها موقع {ويكيليكس}، حصل سنودن على حق اللجوء السياسي وعلى وثائق سفر وهو يعيش مع حبيبته ويذهب لحضور عروض الباليه ويكسب أجراً مقابل المحاضرات التي يلقيها. يمكن اعتباره شخصاً حراً وسعيداً. لم يكن هذا الوضع وليد المصادفة. هدفت استراتيجيتي إلى إبطال تجميد الحكم الصادر بحق مانينغ وحقّقت هدفها. «نعيش لحظات رائعة» يواجه دوليان أسانج والعاملون معه ضغوطاً هائلة، فكيف يمضون قدماً؟ يقول مؤسس {ويكيليكس}: {نؤمن بما نفعله. إنها مهمّة مُرضِية جداً ومثيرة للاهتمام من الناحية الفكرية. يسمح لنا عملنا بعيش لحظات رائعة أحياناً حين تتحقق العدالة». يتابع بكل فخر: «في واحدة من القضايا، خرج رجل بريء من السجن بفضل مادة نشرناها. يحمل أشخاص كثيرون ممن يعملون في «ويكيليكس» اندفاعاً شبيهاً باندفاعي: إذا واجهتكَ العوائق، تجاوزها».

مشاركة :