شدّدت رئيسة دار «لولوة للنشر» وشركة دار «اللؤلؤة للإنتاج الفني»، الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، على ضرورة تعزيز الهوية الوطنية، من خلال المشاريع السينمائية المقبلة، رافضة مبدأ احتكار الفنانين، لأنه يفوّت الفرصة على انتشار الفنون وتحريك المياه الراكدة في مجال السينما، كما تقول. وأشارت العلي، في حوارها مع «الجريدة»، إلى أن بعض ما يُعرض في المسلسلات المحلية على أنه دراما منتقاة من الحياة لا ينتمي إلى الواقع، «فشبابنا ليس جميعهم مدمني مخدرات أو قساة قلوب»، معتبرةً أن ما يشاهده المتلقي راهناً يغرس الإحباط من قسوته وعدم دقته. «الجريدة} التقت الشيخة انتصار العلي، وكان الحوار التالي: ما سبب تأسيسك دار «لولوة للنشر»؟ بدأت دار {لولوة} مشوارها في عام 2011. قررت حينها تعزيز مبادئ إثراء الذات دعماً لارتقاء المرأة العربية عموماً والخليجية خصوصاً، لا سيما عقب إجراء عملية رصد لبعض وسائل الإعلام المقروءة، حيث لمسنا تركيزها على الموضة والتزيين والماكياج بالنسبة إلى المرأة، أي أنها تواكب بشكل أو بآخر جانباً واحداً من اهتمامات النساء خلافاً للواقع، إذ إن المرأة تسعى كالرجل إلى إثبات الذات وتحرص على معانقة النجاح في أمور حياتية عدة، ولا يقتصر تركيزها على الأمور الثانوية. لذلك قررنا أن نمنح بنات حواء فرصة الاطلاع على خيار آخر يمنح النسوة قراءة أمور تفيدهن في حياتهن، كمجال الصحة النفسية والجسدية، إضافة إلى عالم الجمال والماكياج. أي أن الهدف كان التنمية البشرية. فعلاً، ركزنا بدايةً على مبدأ إثراء الذات، وتطوير النفس، والصحة الجسدية والنفسية، وبدأنا بإصدار مجلّتي GoodHealth العربية التي تهتم بالصحة النفسية والجسدية للمرأة وللأسرة ككل، وVacations & Travel العربية التي تقدم المغامرة في السياحة والسفر، وتصدران عن أعرق دور النشر في أستراليا وتعدّان نقلة نوعية في العالم العربي لما تقدمانه من موضوعات جديدة في إطار سهل وشيق أدى إلى الثناء والاهتمام من القراء. ثم في عام 2012، أصدرت كتاباً مصوّراً يزخر بالحكمة والإلهام حمل عنوان {كلام من ذهب}، وهو كتاب فنّي فريد من نوعه في العالم العربي، جمع على صفحاته صوراً وأقوالاً ملهمة لـ 46 شخصية. وفي عام 2014 بدأنا بإصدار سلسلة من الدفاتر الصغيرة ومن بينها: {لترى الحياة وردية، لتتخلص مما يعيق تقدمك، لتقدير الذات، لتكتشف مواهبك المخبأة، للتعبير عن الامتنان، لتثبّت نفسك وتتجرّأ على قول لا، للذكاء العاطفي، لتتمهّل عندما تجري الأمور بسرعة، لتعيش حرّاً وتتوقف عن الشعور بالذنب، لتبقى هادئاً في عالم مضطرب، لتكون عطوفاً على نفسك، لتنمّي فرح العيش في حياتك اليومية، للتواصل غير العنيف، لتعيش ببساطة سعيداً، لتكتسب الأصدقاء وتنمي علاقاتك الاجتماعية، لتعيش غضبك بإيجابية، لتتخلص من الأشياء غير الضرورية، لتحقق السعادة والنجاح، لتتدرب على الاندهاش، لتتدرب على السعادة. وهذه الدفاتر الصغيرة بمثابة رياضة فكرية لتحقيق الرفاه النفسي والجسدي وتعزيز نقاط قوتك وتطوير قدراتك بنفسك... وثمة المزيد من الإصدارات الجديدة التي ستطرح في الأسواق متتالية، خلال الفترة المقبلة. أعمال ملهمة لشركة دار {اللؤلؤة للإنتاج الفني} قصة، ما هي؟ أردنا تكثيف عملنا بشكل أوسع وأشمل، لذلك اتجهت إلى تأسيس شركة دار {اللؤلؤة للإنتاج الفني} في عام 2012، لأن أسرع طريقة للوصول إلى الجمهور والتأثير فيه هي من خلال الأعمال الفنية الملهمة، كذلك فإن لوسائل الإعلام دوراً كبيراً في تقديم رسائل إعلامية ملهمة عن طريق تسليط الضوء على شخصيات مرموقة ولها تاريخ طويل في النضال والكفاح، من ثم ستدفع المشاهد إلى المضي في اتجاه إثبات الذات والكفاح وتكريس الجهد، فكان فيلم {حبيب الأرض} باكورة إنتاجنا، بالإضافة إلى هدف الشركة في إنتاج أفلام متميزة لتصبح الكويت نواة عاصمة صناعة الأفلام السينمائية في الخليج وتشكيل جيل جديد مبدع من الشباب. لماذا اخترت أن تكون بدايتك مع فيلم عن فائق عبدالجليل؟ أنا لم أختر، ولكن المخرج رمضان خسروه اقترح عليّ ذلك، وهو فهم الرسالة التي أريد إيصالها رغم أنه لم يكن الوحيد الذي عرض عليّ أعماله، بل زارني مخرجون كثر، ولكنهم لم يعرفوا كيفية استكمال مسيرتي ونهجي في إنتاج الأفلام. عموماً، لست منتجة ولا علاقة لي بالإنتاج، ولكن المخرج عرف كيف يتكلم لغتي، وهي أنني أريد أن ألهم الناس بشخصيات جميلة، وأعطاني فيلماً وقال لي إنه يكمل ما بدأته. بالتالي، قدّم لي ما أريده تحديداً والهدف الذي أطمح إليه من إنتاج الأفلام. فكان فائق عبدالجليل أجمل شخصية ملهمة، إذ لا علامة استفهام لدى الجميع حوله من الصغر حتى وفاته، فضلاً عن بصمات الشهيد الواضحة في الكويت. لذا شكّل العمل حوله، وبعد سنتين من التحضير، انطلاقة كي نغيّر نظرتنا ككويتيين بعضنا إلى بعض. «حبيب الأرض} والمرأة ركّز فيلم {حبيب الأرض} على كفاح المرأة ونضالها أيضاً. هل ثمة رسالة تودون إيصالها من ذلك؟ تناول الفيلم قصة الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل ومدى حبه للوطن وجهده المتواصل في العمل بكل أمانة، وتميزت حكايته أيضاً بالنضال الذي لم يكن للرجل فحسب، بل شاركته المرأة في ذلك لأنها نصف المجتمع. وأوضح السياق الدرامي الدور الذي قامت به زوجته من تضحية ومساندة له، فأنا أؤمن بأن الرجل والمرأة جناحا المجتمع. «مخالفة الواقع» ما رأيك في الإنتاج الدرامي المحلي؟ ثمة اختلاف شاسع بين النماذج والشخصيات في الأعمال الدرامية التلفزيونية وبين الواقع الذي نعيشه، فما نشاهده من أعمال عنف وضرب وخيانات زوجية وألفاظ غير لائقة ومخدرات لا يشبه مجتمعنا. هذه ليست حقيقة كل بيت كويتي. ثمة حالات نعم، ومن المؤسف أن هذا الأمر يعمّم على البيوت كافة في الكويت، في حين أن ثمة الصالح والسيئ. ولكن الجميل هم نجومنا وأبطال الدراما الذين أراهم بشكل يومي أشخاصاً لهم سمعتهم الطيبة في المجتمع وإنجازاتهم، لا يعرفون الفشل ويكافحون تحت أي ظرف، وينشدون تقديم الأفضل. نظمت دار {اللؤلؤة} ورشاً سينمائية، هل تفرضون على المشاركين فيها عقد احتكار، لا سيما أن لدى الشركة مجموعة أفلام سينمائية مقبلة؟ الشركة ليس من سياستها احتكار أي فنان، بل هدفنا واضح وهو إنتاج أفلام متميزة لتصبح الكويت نواة عاصمة صناعة الأفلام السينمائية في الخليج، لذا أطلقت دار اللؤلؤة للإنتاج الفني الدورة السينمائية الاحترافية الأولى101 لتنمية وتطوير مواهب الشباب وتعزيز المهارات الاحترافية لديهم في مجالات متعددة كالتصوير والإضاءة والسيناريو وتصميم الديكور والإخراج والموسيقى، وذلك لتحقيق حلم صانعي فيلم {حبيب الأرض} بأن تصبح الكويت عاصمة صناعة السينما في الخليج العربي، ويتخرّج في الورشة 18 فرداً وهم نواة لفريق عملنا في الأعمال المقبلة، إضافة إلى مجموعة أخرى عرضت علينا العمل ضمن أفلامنا المقبلة. عموماً، صناعة السينما تتطلب فريق عمل لا شخصاً واحداً. صناعة السينما تحدثت الصباح عن تنظيم مهرجانات سينمائية في دول الخليج العربي، بينما معظم هذه الدول تفتقر إلى صناعة السينما، وقالت: "لا أتحدث عن الدول الأخرى، بل سأتكلم عن بلدي الكويت، ومن منظوري الشخصي ورصدي لواقعنا المحلي، وجدت نجاح الكويت في أمور كثيرة، لأن جمعيات المجتمع المدني قوية وتمارس عملها بكل جد واجتهاد، ووفقاً لتجربة المسرح في الكويت نجد أنه ازدهر من خلال توجه المجتمع". وأشارت العلي إلى المشاريع المقبلة، مبينة أنها تهدف من خلالها إلى تعزيز الهوية الكويتية، والانتماء إلى الكويت، ودائما سيكون لنا هذا النوع من الأفلام، وسنكون متخصصين فيه". وأضافت "أما الهدف الثاني فهو الارتقاء بالفن الكويتي، من خلال تغير نمطية الأمور، فعلى سبيل المثال الكوميديا في الكويت تنتهج أسلوب "الكل يسخر من الآخر"، في حين أن الكوميديا في فترة الستينيات كان للضحك فيها هدف، وهذا ما يحدث في الكوميديا الأجنبية، لا يوجد شخص يسخر من الآخر. نحن بدورنا نريد أن نعمل على ايجاد كوميديا راقية، لا تعتمد على السخرية من الآخرين. وعن المشاكل التي تواجه السينما المحلية، أوضحت: "لا أرى أنها مشاكل، وهناك خط زمني وخط سير يجب أن تتخذه السينما الكويتية، فإذا قلت إنه لا يوجد دعم لسينما الكويت فهذا الكلام غير دقيق، وأنا أعتقد أن أي شيء يأتي سهلاً يذهب بسرعة، حتى المسرح والتلفزيون لم يكن سهلا، وأيضا السينما لن تكون سهلة، ولكن يتوجب أن نثابر في خطواتنا حتى نصل إلى النجاح. السينما تحتاج إلى أناس يؤمنون بأنفسهم وبرسالتهم".
مشاركة :