لجأ العديد من الدول النفطية حول العالم إلى صناديقها السيادية، والتي تعتبر الأكبر في العالم من أجل تغطية العجز الكبير الذي تواجهه جرّاء التراجع الحاد بأسعار النفط والتحديات التي تفرضها أسواق الأسهم. وكانت المملكة العربية السعودية السبّاقة بين الدول الخليجية في ما يتعلق باستخدام صناديقها السيادية للحد من اعتمادها على الهيدروكاربون، في وقت حرصت كل من الكويت وقطر والإمارات منذ عقود على وضع ثرواتها في صناديق سيادية، لتوفير خط دفاع مقابل أي هبوط في أسعار النفط. وفي مارس الماضي، أعلن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن خططه لتأسيس أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم. وفي ظل أصول تبلغ قيمتها 83.68 مليار دولار بنهاية 2014، لا يزال أمام صندوق الاستثمارات العام في السعودي، الذي استثمر 3.5 مليار دولار في شركة «أوبر» للتكنولوجيا، مشواراً طويلاً قبل أن يحتل هذه المكانة عالمياً. ويحتل الصندوق في الوقت الراهن المرتبة الـ 15 من حيث الأصول عالمياً. وشكّل 2016، عاماً مليئاً بالتحديات بالنسبة للمستثمرين العالميين ومنتجي النفط على حدّ سواء، حيث تراجعت الأصول المجمعة لأكبر 25 صندوقا عالميا من 5.21 تريليون إلى 5.16 تريليون دولار، وبالتالي فإن الخسارة المجمعة للصناديق السيادية تساوي قيمة صندوق «ألاسكا بيرماننت فوند» الذي يحتل المرتبة الـ 21 على القائمة. في المقابل، تشكل إيرادات قطاع النفط والغاز المصدر الرئيسي لنحو ثلثي أصول الصناديق السيادية، في وقت بدأت فيه الدول المصدرة للنفط بالاعتماد على هذا التمويل لسد العجز في الميزانية. وأوضح المدير الإداري في الصندوق التحوطي في شركة«ألترناتيف أست مانجمنت»، جوديث بوسنيكوف أن «السوق مليء بالإشاعات، فغالباً ما نسمع أن الأصول تحت الإدارة لشركة ما قد انخفضت، بنحو مليار شهرياً، ونستنتج أن صندوقاً سيادياً ما قد سحب جزءاً من مخصصاته». من جهتها، أعلنت النرويج العام الماضي، أنها ستسحب 570 مليون دولار من صندوق التقاعد الحكومي، والذي يعد أكبر الصناديق السيادية في العالم بقيمة 855.3 مليار دولار. وقال رئيس البنك المركزي، الذي يدير الأموال إن المبالغ التي سيتم سحبها يمكن أن تصل إلى 9 مليارات دولار هذا العام. من جهته، ينوي البنك المركزي الكازاخي سحب 28.8 مليار دولار من الصندوق الوطني في البلاد الذي تبلغ قيمته 65.75 مليار دولار لتغطية العجز الحكومي خلال السنوات الثلاث المقبلة. وفي فبراير، توقعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني أن تحوّل هيئة الاستثمار في أبوظبي، رابع أكبر صندوق سيادي في العالمي، أكثر من 20 مليار دولار هذا العام إلى ميزانية الإمارة. وتابعت «حتى الصناديق غير المهددة بهروب الأموال تواجه أوقاتاً صعبة بنمو أصولها في ظروف السوق الحالية. فقد تراجعت أصول شركة (تماس) السنغافورية القابضة التي تصل قيمتها 180 مليار دولار بنحو 7.15 في المئة، وهي الخسارة الأولى لها منذ 7 سنوات. وعلى غرار ذلك، فإن المحفظة العالمية لشركة الاستثمار الصينية تقف اليوم عند 250 مليار دولار، بتراجع نحو 7.6 مليار دولار منذ العام الماضي». وعلى الرغم من التقلّب العنيف للأسعار في سوق الأسهم، والضغوط التي تشهدها هذه الدول، إلا أن الثقة الإجمالية تبقى مرتفعة بشكل كبيرة في المجتمعات السيادية، بحسب استطلاع أُجري في يونيو من قبل شركة «إنفسكو». وأوضح رئيس مبيعات الصناديق السيادية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ألكسند ميلار «أجرت العديد من الصناديق إصلاحات كبيرة بعد الأزمة المالية لاسيّما في مجال الحوكمة وإدارة المخاطر وما إلى ذلك، وبالتالي كانوا مستعدين لمواجهة الأوقات الصعبة التي شهدها العالم هذا العام».
مشاركة :