مع منتصف ليل أول من أمس، أسدل الستار عن حصار استمر لنحو أربعة أعوام عن مدينتي قدسيا والهامة شمال غربي العاصمة السورية، ليتم «فرض مصالحة» بدأ الحديث عنها منذ أكثر من سنتين، بقوة قذائف الدبابات والمدافع التي لم تشهد المدينتان مثيلا لها طوال السنوات الماضية. وبنود الاتفاق الذي كشفت عنها مصادر من لجان المصالحة في قدسيا لـ«الراي» تتلخص «بخروج من لا يريد تسوية وضعه من المسلحين الذين ينتمون إلى لواء شهداء العاصمة وتسليم سلاحهم، إضافة إلى تسوية أوضاع من يرغب بذلك ليبقى داخل المدينتين وقد ينضمون الى اللجان تحت اشراف السلطات الرسمية لحفظ الأمن داخلهما». وأكدت المصادر ان «الذين سجلوا أنفسهم للمغادرة من دون السلاح، وصل عددهم إلى نحو 400، إضافة إلى عوائلهم وهؤلاء سينقلون إلى محافظتي حماة وإدلب، وهم يشكلون غالبية مسلحي المدينتين البالغ نحو 500،منهم 300 من قدسيا». وأوضحت أن «عمليات نقل المسلحين خارج المدينتين يجب أن تتم خلال ثلاثة أيام على الأكثر، والذي شهد هدوءا تاما على معظم محاور المواجهات السابقة، ليبدأ معها رفع الحصار في شكل كامل وإعادة فتح الطرق وعودة مؤسسات الدولة وخدماتها». وذكرت المصادر أن «لجان المصالحة سلمت السلطات الرسمية قوائم بأسماء المغادرين وعائلاتهم وبأسماء الباقين لتسوية أوضاعهم». وتدهورت الأوضاع في كل من مدينتي قدسيا والهامة في شكل خطير الأسبوع الماضي، وبعد مناوشات محدودة على بعض المحاور، انفجر الوضع في شكل كبير وتدخل الجيش بالأسلحة الثقيلة وسقطت مئات القذائف خصوصا على الهامة التي كان مسلحوها يرفضون بنود المصالحة، ورغم استمرار القصف على مدار الأيام الثلاثة الأخيرة، لم يتم إعلان سقوط أي من المدنيين ولا حتى من المسلحين، ولكن أهالي قدسيا نظموا على مدار يومي الجمعة والسبت تظاهرتين كبيرتين شارك فيهما المئات للضغط على المسلحين وفرض توقيعهم على المصالحة المعروضة عليهم لتجنيب مدينتهم الدمار، خصوصا أن قيادة الجيش كانت امهلت السبت المسلحين يومين فقط لقبول شروط المصالحة قبل اجتياح المدينتين بالدبابات والقصف الجوي. وخلال الأسبوع الماضي ظهرت صفحات جديدة خاصة بمدينة قدسيا على «فيسبوك» نحت نحو الحلول الوسط، فحملت واحدة علما سوريا بخمسة نجوم للدمج بين علمي «الثورة» و«النظام»، والثانية رفعت شعار «معا لرفع الحصار عن قدسيا»، ونشطت مثل هذه الصفحات لحشد المدنيين ضد مسلحي المدينتين، وحسب المصادر فإن التظاهرتين الكبيرتين اللتين خرجتا في قدسيا كان لهما الدور الأبرز في الضغط على المسلحين وقبول المصالحة.
مشاركة :