أدلى الكولومبيون بأصواتهم حول اتفاق تاريخي للسلام مع متمردي «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك)، في استفتاء نتيجته حاسمة لبدء تطبيق الاتفاق وإنهاء نزاع دام 52 سنة، أسفر عن أكثر من 260 ألف قتيل و45 ألف مفقود و6.9 ملايين مهجر. ودُعي أكثر من 34.9 مليون ناخب إلى الرد بـ «نعم» أو «لا» على السؤال التالي: «هل تؤيد الاتفاق النهائي لوقف النزاع وإقامة سلام ثابت ودائم؟»، وهذا عنوان الاتفاق الذي أُبرم بعد محادثات في كوبا دامت نحو أربع سنوات. وأراد الرئيس خوان مانويل سانتوس الاستفتاء غير الملزم، لإسباغ «أكبر شرعية» ممكنة على الاتفاق الذي وقّعه في 26 أيلول (سبتمبر) مع قائد «فارك» رودريغو لوندونو، المعروف باسمَيه الحركيَّين تيموليون خيمينيز أو تيموشنكو. ولكي تفوز «نعم»، يجب أن تحصل على 4.4 مليون صوت على الأقل (13 في المئة من الناخبين)، و «لا» على نتيجة أقل، علماً أن استطلاعات الرأي ترجّح فوز «نعم» بفارق مريح. وقال سانتوس: «نواجه من خلال الاستفتاء قراراً تاريخياً، ونأمل في أن يدلي جميع الكولومبيين بأصواتهم». وأضاف لدى إعلانه انطلاق أعمال مهمة بعثة مراقبة الاستفتاء، والتي تضمّ حوالى 200 شخص من 25 بلداً، بينهم رؤساء سابقون من أميركا اللاتينية، والحائزان جائزة نوبل للسلام، الغواتيمالية ريغوبرتا منشو والأرجنتيني أدولفو بيريز إسكيفيل، أن «الشرعية التي يضفيها الشعب الكولومبي على الاتفاق وموافقته على بنوده، ضروريان لكي يكون السلام مستقراً ودائماً». وحذر من أن فوز «لا» سيدفع مسلحي «فارك» لـ «العودة إلى الأدغال». لكن الرئيس السابق ألفارو أوريبي الذي قاد معسكر رافضي الاتفاق، اعتبر أن على المتمردين أن يدفعوا ثمن جرائمهم في السجون، وألا ينالوا مقاعد في البرلمان. وانتقد المعارضون «تساهلاً» في العقوبات المتوقعة ضد مرتكبي جرائم خطرة، والذين سيمثلون أمام محكمة خاصة ويمكن أن يستفيدوا من عقوبات بديلة بالسجن، إذا قالوا الحقيقة. ويرفض هؤلاء أيضاً مشاركة عناصر «فارك» المسرّحين، في الحياة السياسية، ويخشون وقوع كولومبيا في كارثة «تشافيزية»، مستوحاة من النظامين الكوبي والفنزويلي. وقالت فاني كاسترو (66 سنة)، وهي ربّة منزل في بوغوتا: «أتاح الرئيس للمتمردين قدرة أن يكونوا في الحكومة. باع البلاد، علينا أن نصوّت بلا، وإلا سنجد المتمردين يسيطرون علينا». وإذا أقرّ الاستفتاء اتفاق السلام، ستتحوّل «فارك» التي أُسِّست عام 1964 بوصفها حركة ثورية للفلاحين، وما زالت تضمّ 5765 مسلحاً، حزباً سياسياً، بعد أن تسلِّم أسلحتها تحت إشراف الأمم المتحدة. كما يتيح لها خوض الانتخابات الرئاسية والنيابية عام 2018، وضمن لها عشرة مقاعد بالتعيين في الكونغرس، حتى عام 2026. وعشية التصويت في الاستفتاء، أعلنت «فارك» أنها ستقدّم «تعويضاً مادياً لضحايا» النزاع، في إطار اتفاق السلام. وأضافت أنها ستموّل هذه التعويضات من خلال إعلانها «أمام الحكومة، الموارد المالية وغير المالية التي شكّلت جزءاً من موازنتها الحربية». واشترط الاتفاق على الحركة تسليم كل أموالها وممتلكاتها، قبل تحوّلها حزباً سياسياً. وأشارت السلطات الكولومبية الى أن «فارك» تملك مساحات ضخمة من الأراضي والمزارع ومراعي الماشية والمحال وشركات الإنشاءات التي تفيد معلومات بأنها ساعدتها في غسل أموال جمعتها من تهريب المخدرات وعمليات خطف وابتزاز.
مشاركة :