عاد بعض أهالي معضمية الشام جنوب غرب دمشق الى مدينتهم لتفقد منازلهم، مستفيدين من حال الهدوء فيها منذ التوصل الى هدنة بين النظام السوري ومقاتلي المعارضة قبل اسابيع، بعد قصف وحصار لاكثر من عام. ورأى مصور في وكالة فرانس برس عشرات الاشخاص يدخلون تباعا الى المدينة الاحد، بعد عبورهم حاجزا للقوات النظامية على اطرافها، رفعت بقربه لافتة كتب فيها "اهالي مدينة المعضمية يسجلون عهدا وطنيا لنبذ العنف والطائفية وتعزيز اللحمة الوطنية". وعبرت الحاجز شاحنات صغيرة "بيك اب" تحمل فراشا وقوارير غاز وعلبا من الكرتون مليئة بالملابس، تنقل الى منازل اشخاص سبق لهم العودة الى المعضمية للاقامة فيها، بعد الهدنة التي تم التوصل اليها بين نظام الرئيس بشار الاسد ومقاتلي المعارضة نهاية كانون الاول/ديسبمر. وقالت سيدة تبلغ من العمر 40 عاما تغطي رأسها بحجاب، انها تريد زيارة منزلها "بعد عام وشهرين من الغياب". وتحدثت هذه السيدة الى فرانس برس قرب نقطة التفتيش، علما انه لم يتح للمصور العبور الى داخل المعضمية. اضافت السيدة التي فضلت عدم كشف اسمها، وكانت برفقة ولديها "قيل لنا ان الوضع هادىء، لذا قررنا العودة فقط لتفقد منزلنا"، مشيرة الى انه "اذا كانت الامور على ما يرام وثمة مياه وكهرباء، سنبقى". واشار المصور الى ان غالبية العابرين كانوا من النساء والاطفال والمسنين، وقد بدت على وجوههم ملامح ارتياح للعودة، وان كانت مرحلية. وتوصل النظام ومقاتلو المعارضة قبل اكثر من شهرين الى هدنة في المدينة التي كان يقطنها 100 الف شخص قبل اندلاع النزاع السوري منتصف آذار/مارس 2011، في حين ان عددهم لا يتجاوز حاليا 15 الفا. وعقدت خلال الاسابيع الماضية مصالحات مماثلة في مناطق قرب دمشق، منها بيت سحم ويلدا وببيلا، الا ان ناشطين معارضين يقولون ان تطبيق هذه الاتفاقات ما زال جزئيا. ويحول الدمار والاضرار التي لحقت بالبنية التحتية، دون عودة العديد من السكان للاقامة الدائمة. وتقول مريم (38 عاما) انها عائدة لتفقد منزلها الذي هجرته قبل اكثر من 18 شهرا نتيجة القصف والمعارك، الا انها لم تقرر الاقامة الدائمة بعد. وتوضح هذه السيدة التي اتت برفقة اولادها ووالدها "عدنا لنرى المنزل، ولان الطريق مفتوح. قيل لي ان منزلي لم يتضرر بشكل كبير، الا ان زجاجه محطم"، مشيرة الى ان "الكهرباء لم تعد بعد". ورأى المصور على مدخل المدينة، آثار رصاص وقذائف اصابت بعض المباني، في حين ان الابواب الحديدية للمحال التجارية محطمة في شكل كامل. رغم ذلك، يحاول السكان الذين عادوا للاقامة الدائمة، ان يعيشوا يوميات طبيعية. وشاهد المصور فتى يحمل ربطة من الخبز، يتجه الى داخل المعضمية. واوضح الفتى البالغ من العمر 15 عاما انه يحمل الغذاء "الى عائلته". ويقول محمد سعيد فتالة، وهو تاجر من المعضمية، انه لم يغادر المدينة طوال فترة المعارك، مشيرا الى ان المساعدات تدخل اليها في شكل دوري. ويوضح "يوميا تدخل نحو سبع آليات محملة بالخبز والاكل والطحين"، مشيرا الى ان "الجيش السوري والقيادة مكفيين وموفيين (يقومان بكل ما يلزم)". وعانت المعضمية من وضع انساني صعب قبل التوصل الى الهدنة، اذ تسبب الحصار بنقص حاد في المواد الغذائية والادوية، ما ادى الى وفاة العديد من الاطفال، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وفي تشرين الاول/اكتوبر، اجلي نحو 3800 شخص من المدينة غالبيتهم من النساء والاطفال والمسنين، في عمليات نفذها الهلال الاحمر السوري. وكان ناشط في المدينة افاد فرانس برس عبر الانترنت في شباط/فبراير ان ان الوضع تبدل على صعيد دخول المساعدات الغذائية، وان لم يكن ادخال كل المواد ممكنا، مشيرا الى ان المدينة تدخلها يوميا "ألف ربطة من الخبز، الا انه ليس ممكنا ادخال القمح وتاليا اعادة تشغيل المخابز". وتقضي اتفاقات المصالحة بوقف إطلاق النار وتسليم مقاتلي المعارضة أسلحتهم الثقيلة ورفع الحصار عن المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون والسماح بدخول المواد الغذائية اليها ورفع العلم السوري. واتخذ مجلس الامن الدولي بالاجماع الشهر الماضي قرارا يدعو الى رفع الحصار عن المناطق المأهولة وادخال المساعدات الانسانية اليها. وابدت دمشق استعدادها للتعاون مع القرار ضمن "احترام السيادة" و"دور الدولة".
مشاركة :