لا نزال نتذكره جميعاً وكأنه موجود إلى الآن على مائدة إفطارنا، رحمه الله شيخنا علي الطنطاوي، خلفية تصوير بسيطة، وصحن فواكه ومسجلة صغيرة على طاولته وكاميرا واحدة و »زووم» واحد، كانت تلك أدوات برنامجه المبارك. في رمضان الحالي ومن خلال نظرة سريعة إلى عدد من البرامج الإسلامية صُدِمتُ وفُجِعتُ من انتشار موضة السفر والتجوال، وكأن الحكمة قد ضلت وتاهت تماماً عنا، فهي لا توجد إلا في تلك الدول التي اخضرَّت وخالطت لسانها العجمة، الحكمة لا توجد إلا مع تذاكر الطائرات، أقسم بالله وأنا أشاهد تلك البرامج المصورة في تلك البلدان «حاضنة الحكم» أقول في نفسي: ( يا رجل، لو أنني في هذا المكان ستسيل قريحة شعري وسينفجر ينبوع حكمتي، ولن تمل نفسي من الحديث عن المثاليات، بل سأتناول المثاليات مع كل وجبة من وجباتي، س.. س.. سأبهركم!!).. طبعاً أنا لا أريد أن أذكِّر بتلك الحقبة التي كان يُمنع ويُحرم فيها السفر لدول الكفار (ابتسامة شريرة)، بعيداً عن المهاترات وحتى تصل إليكم الفكرة بسلام، هذه إحصائية على عجالة.. يوجد ما يقارب عشرة برامج رمضانية (دعوية هادفة) كلُّ مقدميها قد قاموا بالتصوير خارج حدود البقعة العربية، وإذا كان تبريرهم جذب المشاهد، فأقول إذا ما كانت المادة المقدمة معدة وتستحق فسيتقبلها المشاهد حتى ولو صُورت داخل شقة بخلفية زرقاء اللون، لكن المزعج والمستفز أن الطرح لا يتناسب مع تكلف عناء السفر، يعني لتقريب الأمر؛ الداعية يستطيع أن يتحدث عن الصلاة وهو «هنا» ما الداعي إلى أن تكون «هناك»؟ لكم وددتُّ أن أكون داعياً أشق العالم عرضاً وطولاً، ومن يدري لعل الله يفتح عليَّ، ويكون برنامجي ناجحاً وبعدها أستعد للتصوير للأجزاء القادمة، وهات يا أجزاء وهات يا تذاكر.. و«على مائدة الإفطار» ستجدون حكمتكم الضالة. * للتنبيه: برنامج (على مائدة الإفطار) قدمه الأديب الراحل علي الطنطاوي على القناة الأولى/ التليفزيون السعودي.
مشاركة :