«التعاون الإسلامي»: «جاستا» قانون أحادي يفتح الباب أمام فوضى دولية واسعة

  • 10/4/2016
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

انتقدت منظمة التعاون الإسلامي إقرار الكونجرس الأمريكي لما سمي "قانون العدالة ضد الإرهاب"، "جاستا"، معتبرة إياه طريقا لفتح باب للفوضى الواسعة في العلاقات الدولية ويهز هيبة النظام القانوني الدولي بأكمله والتنظيم القانوني الثابت والمستقر، مشيرة إلى أن القانون الجديد يحمل الكثير من المعايير التعسفية كوسيلة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية. وقالت المنظمة في بيان أمس، حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه، إنها تابعت بكثير من الانزعاج صدور القانون الأمريكي الذي يعرف بقانون جاستا، والذي يمثل خرقا لمبدأ قانوني أساسي ومستقر في العلاقات الدولية وفي القانون الدولي منذ قرون، وهو مبدأ حصانة الدول ذات السيادة. ولفتت إلى أن ردود فعل المجتمع الدولي تجاه هذا القانون تؤكد ضرورة التمسك بما استقرت عليه دول العالم منذ مئات السنين من أنه لا يجوز لدولة ذات سيادة أن تفرض سلطتها القضائية على دول أخرى ذات سيادة استنادا إلى معايير تعسفية كوسيلة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية، وإلا اعتبر الأمر خرقا لاستقلال الدول وانتهاكا صريحا لمبادئ مستقرة في القانون الدولي وفي العلاقات بين الدول. وشددت المنظمة على أن هذا القانون الأحادي يفتح، مع الأسف الشديد، الباب أمام فوضى واسعة في العلاقات الدولية، ويمس تنظيما قانونيا دوليا ثابتا ومستقرا، ويهز من هيبة النظام القانوني الدولي بأكمله من حيث إن التشريع المذكور قد يطلق يد الدول في إصدار تشريعات مماثلة كرد فعل منتظر لحماية حقوقها. وأشارت إلى أن الوضع الدولي المتأزم الذي نعيشه الآن والمآسي الإنسانية التي نراها كل يوم، ينبغي أن تكون دافعا للجميع، خاصة الدول الكبرى، لتأكيد احترامها والتزامها بقواعد القانون الدولي والبحث عن حلول لتلك الأزمات الدولية في إطار القانون الدولي وتحت مظلته وليس بخرقه وانتهاكه، وإلا فإن العالم سيتجه مع الأسف لمزيد من الفوضى والظلم والعدوان. وأعربت المنظمة عن أملها في أن تعيد السلطات التشريعية في الولايات المتحدة النظر في القانون المذكور، وألا يدخل حيز التنفيذ وذلك من أجل ضمان السلم الإقليمي والدولي، ولضمان عدم التأثير سلبا على الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب. وفي سياق متصل، اعتبر عدد من المختصين والسياسيين إقرار الكونجرس الأمريكي بالإجماع لما سمي "قانون العدالة ضد الإرهاب"، الذي يعرف اختصارا بـ"جاستا"، بالسقطة التي قد توقع الولايات المتحدة الأمريكية تحت طائلة القانون نفسه لما تنتهجه أخيرا من سياسات داعمة للإرهاب، مشيرين إلى أن عدم إفصاح الكونجرس الأمريكي عن بنود وتفاصيل القرار الجديد أكبر دليل على عدم توافقه مع القانون والأنظمة الدولية المتبعة. وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور عادل المعاودة، عضو البرلمان البحريني، أن سن مثل هذا القانون يعتبر رسالة واضحة للدول العربية والإسلامية عموما، والخليجية على وجه الخصوص، بأن تلك القوانين تهدف للتحكم في خيرات المنطقة، وتهديد مستقبل المسلمين السنة في البلدان العربية والإسلامية، على الرغم من أن الدول العربية والإسلامية هي أكثر الحكومات أمنا ومسالمة، ولا أحد منها يمتلك أسلحة فتاكة سوى أمريكا نفسها. ولفت المعاودة إلى أن جميع المؤسسات والجهات الدولية، بما فيها مجلس الأمن الدولي، لم تتدخل طيلة عمرها إيجابيا لمصلحة المشاكل والأزمات التي تعصف بالوطن العربي أو لرفع الظلم عن المسلمين، بينما تدخلت تلك الجهات لتقسيم الدول، وهو ما يبرهن وبشدة على ازدواجية معايير تلك الجهات التي تدعي حفظ حقوق الإنسان. وأشار المعاودة إلى أن أمريكا بإصدار مثل هذا القانون تنتقد أفعالها، لأنها وضعت جميع الجهات السنية في كفة الإرهاب فيما تركت الباب مفتوحا أمام الميليشيات الشيعية لتفعل ما بدا لها في سورية والعراق واليمن، كما وضعت الجمعيات والجهات السنية الخيرية تحت التصنيف الإرهابي، وتركت المجال مفتوحا لـ"التنصيريين والتشيعيين" مفتوحا. وحول عدم إعلان التفاصيل التشريعية للنظام، لفت لأن عدم الإعلان في الوقت الحالي يعود لرغبة الجانب الأمريكي في تحوير تفاصيل القانون "جاستا" لمصلحتها، خصوصا أن أمريكا وإسرائيل لم توقع على عدد كبير من الاتفاقيات الحقوقية التي تحفظ حقوق الإنسان، كما أنهما يقومان بعدد كبير من انتهاكات حقوق الإنسان في السابق، وهي الشريان الرئيس الذي يغذي الإرهاب في اليمن عن طريق ربيبتها إيران. من جهته، أوضح الدكتور هيثم لنجاوي، أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز، أنه يمكن للمملكة الاعتراض على القانون الجديد الذي أقره الكونجرس الأمريكي، وذلك وفق القانون الدولي ووفق الأعراف الدولية، وأيضا وفق القانون الأمريكي، مستدركا أن الأمر يحتاج إلى خبراء ذوي كفاءة عالية وأيضا لحملة إعلامية موازية. وزاد: "وكي تتوقف تلك الجهات عن زيادة هوة العلاقات بين الدولتين، على السعودية أن تستفيد من النظام السياسي الأمريكي الذي يسمح بتكوين لوبي سياسي فعال واحترافي يسهم بشكل أو بآخر في دفع العلاقات نحو التعاون جديد، ويتطلب ذلك أيضا تعاون مع المراكز البحثية السعودية للمساعدة في تشكيل هكذا لوبي". ولفت لنجاوي إلى أن العالم يعيش اليوم مرحلة معقدة غير مسبوقة وغير مستقرة في عمر العلاقات الدولية التي ومن ضمنها العلاقات الثنائية. هذه المرحلة التي تعرف بعصر العولمة لها سمات منها: السرعة والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وتغيير الصداقات بل حتى المصالح، فالمصالح لم تعد تستمر لفترة زمنية طويلة بين الدول، وهذه السمات السياسية، أثرت بشكل مباشر على بعض المسلمات في علم العلاقات الدولية. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تشهد هذه الأيام فترة انتخابات رئاسية، وفي فترات الانتخابات يكون هناك تسجيل مواقف من البعض للتأثير على العلاقات الدولية لمصلحة مرشح على حساب مرشح أو لخلط أوراق أحد المرشحين من خلال الأحزاب السياسية المسيطرة، هذا من الناحية المحلية، أما دوليا، فإن النظام العالمي اليوم مشجع لمثل هذا السلوك بين الدول بسبب سرعة تغيير المواقف والتأثر بوسائل التواصل الاجتماعي التي تؤثر حتى على النخب السياسية، مشيرا في الوقت ذاته لمتانة العلاقات السعودية – الأمريكية، التي لا يمكن أن تتأثر بسن قانون، متوقعا أن تشهد الدولتين مرحلة جديدة من العلاقات القوية كسابق عهدهما، من التعاون الفعال المثمر التي تخدم القضايا العالمية. من جانبه، أوضح الدكتور علي التواتي الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي، أنه قد يتصور البعض أن الهدف من القانون الأمريكي هو السماح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية، إلا أنهم لم يدركوا أن القانون يمهد لمرحلة ثانية يبرر بها ضرب الدول الإسلامية مباشرة بدعوى رعاية الإرهاب. ولفت التواتي إلى أن المرحلة الأولى بدأت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وابتداع فكرة الحرب اللامتوازية لضرب التنظيمات الإسلامية التي رفضت إنهاء دورها دون مكاسب بعد استخدامها كمخلب قط في إنهاء الوجود السوفياتي في أفغانستان، ومنذ ذلك الحين والتنظيمات الجهادية الإسلامية تضرب في كل مكان حتى داخل دولنا ذات السيادة، كما هو الحال في اليمن والصومال وباكستان. وأشار إلى أنه بعد أن استعانت أمريكا ودول الغرب بالدول الإسلامية ضد الجماعات التي تهدد أنظمة الحكم فيها واستنفدت قواها جاء الدور هذه الدول لتلقى مصير الجماعات التي حاربتها على مدى عقدين من الزمان، معتبرا أن الدول العربية والإسلامية على أبواب مرحلة خطرة في تاريخ العالم، يتم فيها شيطنة الدول الإسلامية ذاتها بعد أن تمت شيطنة الجماعات الجهادية التي قد تكون صدقا أو كذبا صناعة أجهزة استخباراتية غربية. وحذر التواتي من أن ما يجري حاليا أخطر بكثير من كل ما مضى، الآن لن يبحثوا عن تفويض من الأمم المتحدة أو إجماع أو تحالف دولي لانتهاك سيادة أي دولة ترفض الخضوع طوعا، إذ بات كل ما عليهم هو أن يلصقوا تهمة رعاية الإرهاب ليجتاحوا الدول وينهوا استقلالها ويقسموها أو ينصبوا لحكمها من يشاؤون.

مشاركة :