نجحت الرواية السعودية رغم حداثة تجربتها نسبيا، في تحقيق إنجازات ملموسة، تجلى أبرزها في إحراز العديد من جوائز الرواية العربية المعتبرة كجائزة «البوكر»، واعتماد التجريب في تقنيات الكتابة وعدم التوسل بتقاليد الرواية التقليدية، في خضم ذلك أو كنتيجة له بالأحرى، فرض هذا الجنس الأدبي نفسه على المشهد الإبداعي في المملكة، مستصحبا غزارة في الإنتاج فيما يشبه الانفجار، وإغراء لفئات إبداعية من غير الروائيين بكتابة الرواية. وسط هذا الإغراق والاستغراق في معاينة قيمة التجربة الروائية السعودية بعيون أصحابها، رأت «عكاظ» أن التجربة في حاجة إلى نظرة تطل من الخارج استكمالا لأبعاد الرؤية وإمعانا في تحري الموضوعية في التقييم، لا سيما إذا صدرت هذه النظرة عن ناقد عربي تتوفر له خبرة عميقة في استكناه مدلولات النصوص السردية السعودية. حول ذلك، يرى الناقد المغربي الدكتور سعيد يقطين، أن حداثة التجربة الروائية السعودية تستدعي التريث في الحكم عليها قبل تبلورها وتطورها، عازيا غزارة الإنتاج الروائي السعودي إلى تحول أفراد المجتمع من القراءة إلى الكتابة، وأوضح أن المسار التجريبي للرواية السعودية يعد امتدادا للرواية الجديدة لا التقليدية، لافتا إلى أن مشاعر التنافس تستحوذ على حس الكتابة لدى بعض الروائيين السعوديين بما يؤثر سلبا على نضج رواياتهم. فإلى تفاصيل الحوار: • المتتبع لكتاباتك يكتشف رصدك الدقيق للإنتاج الروائي السعودي الذي وصفته بـ «تسونامي»، تعبيرا عما يتمتع به من وفرة، كملمح عام وقبل الولوج إلى تناول سمات الرواية السعودية، ما تقييمك لجودة الإنتاج الروائي السعودي مقارنة بنظائره في العالم العربي؟ لست أول من استعمل «تسونامي»، وإنما أحد الكتاب السعوديين، ولقد نقلته عنه. وفعلا كانت بداية القرن الحالي مؤشرا على تحول في الإبداع الروائي بالمملكة. لقد تزايدت أعداد الإصدارات الروائية بصورة لم تشهدها البلاد، ولا أي بلد عربي آخر. هذا التحول إلى كتابة الرواية كان دليلا على الرغبة في الانتقال من القراءة إلى الإنتاج. وهذا طبيعي جدا. فالمجتمعات القارئة والتي تقل فيها الكتابة، يأتي زمان يحدث فيه هذا التحول. ولما كان القارئ في السعودية متميزا مقارنة بالعديد من البلدان العربية، فلا غرو أن يتحول إلى الكتابة. ويكفي الحديث عن المعرض الدولي للكتاب في الرياض وما يعرفه من نشاط ورواج للدلالة على ذلك. ويذكرني هذا بوضع الرواية في المغرب، فلقد قفزت في الثمانينيات من القرن الماضي، من بضع روايات في السنة إلى العشرات. أما عن الجودة فلا يمكن الحكم عليها الآن، لأن حداثة التجربة تستدعي التريث في الحكم قبل تبلورها وتطورها. ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى أن بعض النصوص تتوفر فيها كل المقومات التي تجعلها متميزة على الصعيد العربي. ويكفي أن أذكر أسماء مثل عبده خال وتركي الحمد ورجاء عالم ويوسف المحيميد ومحمد المزيني وليلى الجهني. التحول من القراءة للكتابة • وما تفسيرك لغزارة كتاب الرواية السعودية التي أشرت إليه آنفا؟ وإلى أي مدى حقق «تسونامي» الإنتاج الوفير شرط الكيف في الجودة؟ قدمت في جزء من السؤال السابق بعض الجواب، وهو التحول من القراءة إلى الكتابة. ولعل تطور التعليم، وخاصة بالنسبة للمرأة، وانخراط أجيال متعددة ومن أوساط وفضاءات مختلفة ونائية أو هامشية كل ذلك ساهم في تحقيق الإنتاج الغزير. كما أن تنامي الوعي الاجتماعي والرغبة في التعبير والانخراط في المجتمع، كل ذلك أعطى للرواية مكانة متميزة بالمقارنة مع أنواع تعبيرية أخرى. هذا الإقبال المزايد على كتابة الرواية يمكن أن يشارك فيه الموهوب والجريء، والزمن هو الكفيل ببقاء الموهوب والمستعد لتطوير تجربته وتعميقها وتطويرها. لذلك لا يمكن سوى التأكيد على أن الكيف متوفر في بعض النصوص، وخاصة بالنسبة للكتاب الشباب الذين هم في حاجة إلى الزمن. • اعتبر البعض أن الحديث عن «رواية سعودية» بالمعنى الدقيق للمصطلح يمثل اعتسافا للواقع وتجاوزا لحقائقه، فما رأيك؟ لا أحب هذا النوع من المصادرات. فالرواية العربية في السعودية قائمة بالفعل، ولا يمكن نكرانها، ولبعض كتابها تجربة لا تختلف عن تجارب كبار الروائيين العرب. وهذا مؤشر قوي على أن هذه الرواية إذا تم التعامل معها بالتشجيع والمكافأة، بدل التقليل منها ومصادرتها، فإنها ستتحول إلى واقع مختلف تماما. فالعديد من الروايات السعودية ما تزال تطبع خارج المملكة. وحين يتم تشجيع الشباب على الكتابة وإحداث جوائز لها، وإدخال مادة الرواية إلى مقررات التعليم، وفتح ورش للتلاميذ للكتابة، كل ذلك يمكن أن يسهم في تطوير الإبداع والنقد والقراءة. الحضور التاريخي • ألا ترى أن الرواية السعودية رغم منجزها، ما زالت حبيسة نطاق الاتجاهات الروائية العامة ولم تنتقل بعد إلى نطاق الأنواع المحددة كالرواية التاريخية والخيال العلمي والبوليسية؟ يمكن قول ذلك بالنسبة للرواية العربية عموما مع اختلاف تجارب بعض الأقطار العربية، وخاصة فيما يتصل برواية الخيال العلمي والرواية البوليسية. إن هذين النوعين الأخيرين يتطلبان مهارات وثقافات خاصة، ما تزال بمنأى عن تحصيلها من لدن الروائي العربي عموما لأسباب معرفية واجتماعية. أما الرواية التاريخية، بالمعنى التقليدي، فهناك نزوع نحو عدم المشاركة فيها، لما يتداول بصددها من أفكار خاطئة تتمثل في اعتبارها نوعا من الدرجة الثانية. أما الرواية التاريخية الجديدة، فهي تتطلب بدورها رؤية تاريخية ومعرفة دقيقة باللحظة التي يتصدى لها الروائي. ومع ذلك يمكننا ملامسة حضور التاريخ في التجربة الروائية السعودية. وفي العديد من قراءاتي أثارني الحضور اللافت للتاريخ العثماني في بعض النصوص الروائية السعودية، كما أثارني حضور الأندلس في الرواية المغربية. • عطفا على دراستك التي حملت عنوان «جماليات الشكل الروائي: قراءة في نماذج من الرواية السعودية»، ما تقييمك لجماليات الرواية السعودية على صعيد الشكل؟ في تلك الدراسة، وأنا أفكر في توسيعها، أرى أن الرواية السعودية جزء من الرواية العربية، وأن الروائي يوظف التقنيات التي نجدها في الرواية العربية باقتدار ومهارة، مما يبين انخراط الروائي العربي في السعودية في الإبداع العربي. وهذه التقنيات جاءت مع بروز التجريب الذي عمل على تجاوز البناء التقليدي في الرواية. ويتم ذلك إما بوعي فني، أو عن طريق تمثل تلك التجارب والسير على منوالها مع محاولة التميز عنها. ونجد في استثمار بعض التقنيات المستمدة من الكتابات التراثية، أو من تقنيات الوسائط الجماهيرية والسينمائية، ما يعزز القول بأن الروائي يتجاوز الكتابة التقليدية في ممارسة السرد، ويسعى جاهدا للتنويع على التقنيات السردية الجديدة والاجتهاد من خلالها. الجرأة والموهبة • في سياق ما ذكرت عن جماليات الرواية السعودية، هل تحدثنا عن أبرز جماليات النص السردي النسوي السعودي شكلا ومضمونا، لا سيما أن بعض النقاد اعتبره أسبق من الذكوري وأكثر جرأة في استنطاق المسكوت عنه؟ وهل ترى في تعرية المتواري معيارا لجودة الرواية؟ هناك فرق بين الجرأة والموهبة، قد تؤدي الجرأة بلا موهبة إلى الرواج، ولكنه عابر ولحظي. وحين تتساوق مع الموهبة، يمكن أن تعطي إبداعا لا ينشد الإثارة، وتعميق رؤية الواقع، وشتان بين الاتجاهين. عند الكاتبة السعودية إمكانات مهمة للكتابة إذا ما حاولت رصد جزئيات وتفاصيل اليوم بلغة إبداعية راقية. وهكذا نجد أن تناول موضوعات تتعلق بالمرأة والذاكرة الجماعية أو الفردية، من القضايا التي تثير الاهتمام في تجربة السرد لدى الكاتبة. كما أن لعبة توظيف الزمن في رأيي، من أهم السمات المميزة على مستوى الشكل. وعند بعض الكاتبات مثل رجاء عالم، تلعب اللغة دورها الهام في تشكيل العالم الروائي، وتتميز تجربة مها الفيصل بقدرتها على تقديم عوالم تخييلية وبنائها بكيفية دقيقة. * ذكرت سابقا أنه رغم حداثة التجربة الروائية السعودية مقارنة بغيرها في الأقطار العربية، إلا أنها نجحت في فرض حضورها على المشهد الثقافي العربي، فما تقييمك لنتائج المسار التجريبي للرواية السعودية؟ يبرز المسار التجريبي للرواية السعودية، في كونها جاءت امتدادا للرواية الجديدة، ولم تعمل على المرور من الرواية التقليدية. لقد كانت النصوص السابقة على المرحلة الحالية تقليدية في مجملها، وعمل الروائي المعاصر على تجاوزها، بانخراطه في الاتجاه العام الجديد الذي تعرفه الرواية العربية، ولذلك نجح العديد من الروائيين في الانخراط والمساهمة فيها. وهذا العامل مكن الرواية السعودية الجديدة في أن تصبح جزءا من المشهد الروائي العربي العام. لذلك، فعندما نذكر أعلاما من مصر أو سوريا أو المغرب، يمكن أن نضع إلى جانبهم روائيين من السعودية. ولعل فوز رجاء عالم بجائزة "البوكر" مع محمد الأشعري خير دليل على ذلك. الثقافة الرقمية • في معرض الحديث عن تقييم نتائج المسار التجريبي للرواية السعودية، كيف ترى عسر ولادة الرواية الرقمية السعودية إلى الآن؟ وما تفسيرك لإحجام الروائيين السعوديين عن خوض غمار الرواية التفاعلية حتى اللحظة، وإلى أمد يبدو أنه بعيد؟ تتطلب الرواية الرقمية ثقافة رقمية وامتلاكا للعدة المعلوماتية، إلى جانب الاطلاع على التجارب الروائية الأجنبية التي سلكت هذا المنحى منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي. ويبدو لي أن هذه العناصر غير متوفرة ليس لدى الروائي السعودي فقط، بل الروائي العربي بصفة عامة. ورغم التحول الذي طرأ على مستوى علاقة العرب بالفضاء الشبكي، فإن مجال الإبداع فيه ما يزال متعثرا بل ومتوقفا. ولا بد في رأيي هنا من إدراج الثقافة الرقمية ضمن مقررات التعليم سواء في الثانوي أو العالي، وبدون ذلك سيكون إنتاج الأدب الرقمي فرديا، أي يتوقف على مجهودات فردية. وهذه المجهودات بدون وعي ولا إلمام دقيق وعميق بالمنجزات الرقمية وستظل محدودة. هناك تجربة محمد سناجلة، من الأردن، ومحمد شويكة وإسماعيل البويحياوي من المغرب، ولكنها ما تزال في بدايتها. وخوض هذه التجربة الرقمية سيأتي لا محالة مع الأجيال الجديدة إذا ما توفرت المعرفة الرقمية الملائمة. سيادة البناء الدائري • على أثر دراستك عن «البناء الروائي في التجربة السعودية»، ما مدى اقتدار الروائي السعودي في بناء نصه السردي وتجسيد شخوصه؟ تختلف طرق بناء العمل الروائي بحسب اتجاه الكاتب ومقاصده، لكني أرى أن البناء الدائري هو السائد على أغلب النصوص، ويعني أن هناك محاولة لتجاوز البناء التقليدي القائم على الخطية. ويسمح البناء الدائري بالانتقال في الزمن، ومعاودة النظر في التحولات الطارئة على الأحداث والشخصيات بالصورة التي تمكننا في كل مرة من اكتشاف عناصر جديدة لم تبد للقارئ في فترة سابقة. كما أن بناء الشخصيات يتأثر بطريقة بناء النص السردي إجمالا. لقد كان الروائي التقليدي يقدم شخصيات نمطية، يقدم لنا عنها المعلومات المتصلة بها دفعة واحدة، أما مع التجربة الجديدة التي واكبها الروائي السعودي، يتحقق بناء الشخصية من خلال عملها وهي تتطور في مجرى الحكي، فلا نكون صورة عنها إلا بعد الانتهاء من القراءة. • ذكرت أن التجربة الروائية السعودية لم تحظ بمواكبة نقدية جادة تعمل على الكشف عن خصوصيات ملامحها وقيمتها الفنية والجمالية لتضعها في سياق التجربة الروائية العربية، فكيف يتسنى الخروج من ذلك القصور؟ بالنظر إلى التحققات الكمية والتطورية للرواية السعودية، ومقارنة بما يكتب عنها، أجد المسافة كبيرة. وتشترك الرواية العربية إجمالا مع الرواية السعودية على هذا المستوى، إذ قلما نجد مواكبة للإنتاج الروائي العربي من لدن النقاد والصحفيين. وصار القارئ أحيانا لا يتعرف ولا يقرأ من الروايات إلا ما يراه بقي للائحة الطويلة أو القصيرة في هذه الجائزة أو تلك. اطلاع القارئ العربي • الرواية السعودية أصبحت محط أنظار النقاد العرب دراسة وتحليلا، انطلاقا من مقولتك تلك، أين تجد تميز الرواية السعودية وأين ترى إخفاقاتها وعثراتها؟ أرى أن من بين أكبر المشاكل التي تعترض الرواية، هو الاستعجال. ويبدو لي وكأن الروائي يدخل في منافسة مع شيء ما، لذلك فهو لا يترك روايته حتى تنضج، ويتعهدها بالمراجعة والتدقيق اللغوي والفني. ولعل التنافس على الجوائز بقدر ما هو مفيد يمكن أن يكون مضرا بالنسبة للذين يتهافتون على المشاركة في هذه المنافسات. • هل تصف لنا واقع انتشار الرواية السعودية في بلاد المغرب العربي؟ وما مستويات الاهتمام بها في أوساط القراء والنقاد والمبدعين؟ بما أن العديد من النصوص الروائية السعودية تطبع وتوزع خارج المملكة، فإن تعرف القارئ العربي عليها صار واقعا. صحيح يتم التركيز على النصوص التي أثير الاهتمام بها، بسبب الإعلام أو كثرة الدراسات حولها. لكن النصوص الجيدة للكتاب الذين تعرف عليهم القارئ تستقطب الأنظار. وهناك دراسات عديدة سواء في المقالات أو الرسائل الجامعية في المغرب العربي، تعنى بإدماج بعض النصوص السعودية التي تراها متصلة بالمتن المختار في الدراسة في تحليلاتها. غير أن هذا الانتشار ما يزال مقتصرا على فئات محدودة من القراء الذين تشبعوا بالرواية ويهتمون بمتابعة الجديد ومواكبته. المجالس الأدبية والثقافية • ما تقييمك للجهود المبذولة في مجال التعريف بالرواية السعودية في الإطارين العربي والدولي؟ أرى أن الأبحاث الجامعية، قطريا وعربيا، سواء في الماجستير أو الدكتوراه، صارت تنكب على الرواية السعودية، من خلال أعلام أو تجارب. ولا شك أن التعريف بالرواية السعودية وقراءتها، مدخله الأول والطبيعي هو الإعلام بمختلف أنواعه. إن الإعلام المرئي، بصورة خاصة، باعتماده برامج متنوعة، وجلسات للنقاش بحضور المؤلف، يمكن أن ترتقي بالتعريف بها بصورة جيدة. كما أن عقد لقاءات مستمرة حول الإصدارات الجديدة في الأندية الأدبية وإقامة ندوات محلية ووطنية، وتخصيص جوائز للمخطوطات الروائية وللمطبوعات أيا كانت الأشكال التي يمكن أن تتخذها، يمكنها بدورها أن تسهم ليس فقط في التعريف بالرواية، ولكن أيضا في الكشف عن خصوصيات التجارب وتمايز بعضها عن بعض. وفي هذا مجال واسع للمبادرة والتطوير. • تحتفي بك اثنينة عبدالمقصود خوجة الليلة، فما رؤيتك لدور الصالونات الثقافية في تفعيل الحراك الثقافي؟ أتقدم أولا بجزيل الشكر للشيخ عبدالمقصود خوجة على سنه هذا التقليد الحميد، وثانيا على تكريمي في هذه الاثنينية، وأرى أن الإبداع لا يمكن أن يتطور في غياب التشجيع والتثمين والتقدير. ولنا في التراث العربي ما يدل على ذلك، لقد لعبت المجالس الأدبية والثقافية التي كان يعقدها أمراء أو وزراء أو ولاة، دورا كبيرا في ازدهار الثقافة العربية الإسلامية. وسجلت في إحدى دراساتي حول السرد العربي القديم، وخاصة حول كتاب الإمتاع والمؤانسة للتوحيدي، أن «المجلس» كان وراء ظهور العديد من جليل الأعمال التي يفخر بها التراث العربي، ولولاها ما كانت لتكون على ما هي عليه. وأرى أنه كلما تعددت هذه المجالس وتنوعت، ساهمت في تطوير الثقافة وازدهار المجتمع. وإثنينية خوجة، تكرم المبدعين في كل الحقول المعرفية، وهي بذلك تشجع على الإبداع والثقافة والفكر بالالتفات إلى المشاركين في تلك الحقول، وتبين أن تكريمهم تكريم للعمل الجاد وللعطاءات التي تسهم في تطوير المجتمع. وفي ذلك اعتراف بالثقافة والإبداع، وأنا أرى في تكريمي تكريما للدراسة النقدية والأدبية في المغرب والوطن العربي إجمالا. إن المثقف العربي بصورة عامة، لا يمكنه أن ينتج أو يفكر في غياب التشجيع والتقدير والاحتفاء، إن كل ذلك هو الزاد الذي يساعده على العمل والاستمرار فيه، ولولا الجهود المبذولة في هذا النوع من المبادرات الطيبة، لما كان بالإمكان الحديث عن إنجازات ثقافية أو إبداعية. ويبدو لي أن الفرق بين الشعوب، يتجلى أيضا في مدى اهتمامها بالثقافة والمثقفين، لأن عملهم هو الذي يبقى ويتواصل مع الزمن. لكن السائد عندنا هو تشجيع الرياضة (وهو ضروري) والاهتمام بها أكثر من الاهتمام الذي ينبغي أن يوجه للمواهب والفعاليات في مختلف الحقول والمجالات، وخاصة الإبداعية والفكرية والثقافية لأنها تمثل روح الأمة وكيانها.
مشاركة :