لا يمكن القول إن القرارات الأخيرة الصادرة عن مجلس الوزراء بشأن إلغاء بعض البدلات عن موظفي القطاع الحكومي في مصلحة الموظف أو المواطن، فأي خفض للدخل سواء كان كبيرا أو صغيرا لا بد أن يلحق ضررا برب الأسرة وأفرادها، ولكن السؤال المهم: هل تلك القرارات ضرورية ولا بد منها؟ بالطبع ما يحدث هو نوع من ترشيد الإنفاق، وهو نهج تنتهجه كل دول العالم في حال الأزمات الاقتصادية، والسعودية ليست بمعزل عنها، فالخطوات التي تم اتخاذها كان لا بد منها، بل إن دولا كثيرة تعاني ما نعانيه، بدأت فور انخفاض أسعار النفط منتصف 2014 في اتباع سياسات تقشفية، وخفض في المصروفات الحكومية. علينا أن ندرك أن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة صعبة في ظل فقده أكثر من 60 في المائة من إيراداته بفعل انخفاض أسعار النفط، وهو السلعة الوحيدة المغذية له، ومتى ما أدركنا تلك الأزمة، سنتقبل أي قرارات إصلاحية ــ كالقرارات الأخيرة ــ ويمكن أيضا أن نتكيف معها من خلال وقف الهدر المالي الذي نعانيه في بيوتنا. أيضا كي نكون منصفين فليست كل القرارات الأخيرة تصب في خانة "التقشف"، بل أن بعضها خطوات إصلاحية كان لا بد منها ليس الآن فحسب، بل منذ زمن وفي وقت الرخاء، فبعض البدلات غير منطقية وتذهب لمن لا يستحق، وفي إلغائها إصلاح لخطأ ووقف لهدر مالي سيوفر على الدولة الكثير. علينا أن ندرك أن تلك الأزمة التي نمر بها الآن ليست الأولى، فقد مررنا بتجارب شبيهة، ولعل أقربها ما حدث في التسعينيات الميلادية عندما انخفضت إيرادات الدولة بشكل حاد، بعد أن تراجعت أسعار النفط وأصبح البرميل يباع بثمانية دولارات فقط، وصاحبت تلك الأزمة قرارات تمثلت في رفع أسعار البنزين والديزل والكهرباء والهاتف، وكثير من القرارات التي أسهمت في الحد من ضرر تلك الأزمة التي تم تجاوزها ــ بفضل الله ــ وعادت الأمور إلى نصابها. المهم أن تكون الأزمة الحالية هي الأخيرة، وأن نسعى إلى تخليص اقتصادنا من الاعتماد على سلعة وحيدة هي النفط، وأن ننوع من مصادر الدخل، وهو ما تسعى له الخطة الطموحة التي أعلنت عنها السعودية أخيرا وأطلقت عليها مسمى "رؤية 2030".
مشاركة :