زياد الدريس ( يحارب ) التصنيف الإقصائي ، في كتابه الجديد :

  • 3/3/2014
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

( حروب الهويات الصغرى ) زياد الدريس ( يحارب ) التصنيف الإقصائي ، في كتابه الجديد : 03-03-2014 03:39 PM كتاب زياد الدريس هذا عصيٌّ عن التصنيف مثل شخصه وشخصيته. فهو ينتقل بالقارئ من اختراق إلى اختراق آخر، ومن إزعاج مبهج وجريء إلى آخر لا يقل ازعاجا وجرأة، فهو ليس ليبراليا ولا متشددا ولا سلفيا ولا غير سلفي، ولا حزبي ولا غير حزبي، ولا أبيض ولا أسود. . إلى آخر الثنائيات الناقضة والمنقوضة. هل هذا هروب؟ نعم، هو هروب إلى الحرية ، وهي الحرية المسؤولة التي لا تحددها غير إنسانية الإنسان . هكذا يصف المفكر العربي الدكتور رضوان السيد كتاب الدكتور زياد الدريس حروب الهويات الصغرى الذي وضع له المؤلف عنوانا صغيرا إضافيا هو في مكافحة التصنيفات الاقصائية، ثم يختم رضوان السيد تقديمه للكتاب بشرط يراه محققا للمتعة إذا اردتم الاستمتاع بقراءة مقالاته ومقولاته في هذا الكتاب، فعليكم أن تنفضوا عن كواهلكم كل أنواع الخوف الأصلي، وفي طليعتها: الخوف من الحرية . وفي ثنائية ثقافية محايدة ، لكنها تبدو مقصودة ، يهدي الدريس كتابه لعلامة التسامح الراحل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز عرفاناً بنقائه وصدقه .. وقدرته على قبول الآخرين، ثم يستهل الكتاب باقتباس مركّز وهادف من كتاب ( الهويات القاتلة ) لأمين معلوف يقول فيه : لقد علمتني حياة الكتابة أن أرتاب من الكلمات، فأكثرها شفافية غالباً ما يكون أكثرها خيانة. وإحدى هذه الكلمات المضللة هي كلمة (هوية) تحديداً، فنحن جميعاً نعتقد بأننا ندرك دلالتها، ونستمر في الوثوق بها وإن راحت تعني نقيضها بصورة خبيثة ، ذلك أن نظرتنا هي التي غالباً ما تسجن الآخرين داخل انتماءاتهم الضيّقة، ونظرتنا كذلك هي التي تحرّرهم. قصة تأليف هذا الكتاب تشكلت عند زياد الدريس بعدما كتب مقاله الشهير ( السلفية .. هل هذا وقتها ؟ ) الذي نشره في صحيفة الحياة في شهر يناير 2012 م . وقد ثارت ضجة كبيرة ضد و مع المقال ، لم تخل ردة الفعل تلك من أساليب إقصائية و تخوينية ، دفعت الدريس إلى اتخاذ قراره بوضع كتاب عن التصنيف الإقصائي ، الذي سيتأزم أكثر مع أعراض الربيع العربي وتحولاته الدراماتيكية . و قد وضع المؤلف كتابه هذا على نسق فصول قصيرة في شكل مقالات منفصلة نشر الدريس معظمها في زاويته الأسبوعية بصحيفة الحياة خلال العامي الماضيين .قبل أن يصدر الكتاب كاملاً هذا الشهر متزامنا مع معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام 2014 . يجول الدريس في كتابه هذا عبر ما يشبه الأبواب الصغيرة على عوالم فكرية كبيرة، وآفاق ثقافية واسعة و مكتنزة بكل الأفكار التي يعتقد أنها تشخص آفة التصنيفات الحزبية والفئوية، ولا يزعم بأحاديثه علاجا كما يقول، لكنه يروم للإسهام في تشخيص الآفة مما يسهل للآخرين علاجها. ورغم عمق ومفصلية موضوع الكتاب الذي يأتي في توقيت ذهبي وخطير لجهة تزامنه مع احتداد نبرة التصنيف الإقصائي في المجتمع والانشغال الرسمي والشعبي بمجرياتها المقلقة للأمن الوطني ، رغم ذلك يحتفظ المؤلف بهدوء عباراته وجاذبية عناوينه ، فكل عنوان داخل الكتاب سيبدو لك كتيّباً مستقلا، لتكتشف أنك أمام مقال مكثف، فكرته واضحة وحجمه لا يصيبك بالصداع ، فتحت عنوان حزب مكافحة الحزبية يتطرق الى ازدواجية عجيبة هذه الفوبيا من الأحزاب جعلت محاربيها يشكّلون، شعروا أو لم يشعروا، حزباً حقيقياً وملموساً أكثر من حقيقة الأحزاب التي يحاربونها، وقد سميته : (حزب مكافحة الحزبية ! ) . ... أما أعضاء حزب مكافحة الحزبية (أو بالأصح: حزب مكافحة الحرية) فبعد أن كانوا ممن يعوّل عليهم في مكافحة الحزبية أصبحوا الآن هدفاً للمكافحة، أي بعد أن كانوا جزءاً من الحل أصبحوا الآن جزءاً من المشكلة! تأخذك بقية العناوين : مطاردة الهويات الصغرى ، كيف تتصدى لتهمة الأخونجية، الإصلاح في الخليج زندقة أو أخونة ، نظرية المؤامرة . . طبعة جديدة ، المعقِّب الثقافي ، الغول والعنقاء والمعارض المنصف، وغيرها من العناوين إلى حوار هادئ يبحث عن قارئ لديه القابلية للحياد . في الفصل الأخير من الكتاب تحت عنوان رسالة إلى المعتدل ، ( كان ينوي المؤلف جعله عنوان الكتاب ) ، يضع زياد الدريس خلاصة رسالته إلى القارئ : عزيزي المعتدل، أو من يسعى إلى الاعتدال والوسطية في آرائه ومواقفه: تماسَك وتشبّث بمبدئك. فالواقع المحيط والمحتقن والمتشظي بين الطرفين، أو التطرّفين، سيسعى بكل قوة ودناءة لإفقادك توازنك المحمود والمحسود على كرسي الوسطية والاعتدال. سيتهمك هؤلاء بأنك مع أولئك، ويتهمك أولئك بأنك مع هؤلاء، وأنت لست مع هؤلاء ولا أولئك، أنت تسعى لأن تكون مع الحق والصواب أيّاً كانت جهته. الإسلامي سيشنّع عليك ويسخر من اعتدالك بقوله: هذا صراع بين الإسلام والكفر، وبين الحق والباطل. والليبرالي سيردّد عليك أيضاً الشعار الإمبريالي المناقض لليبرالية: إذا لم تكن معي فأنت ضدي. لا تخضع ولا تستجب لهذه التهديدات الإقصائية، فالإقصاء لم يعد حكراً على طائفة واحدة كما كان يُشاع، بل حتى الفئة التي كانت تشنّع على الأولى إقصائيتها، عندما حمي الوطيس وفاحت الأخلاق الحقيقية، أصبح كلا الطرفين يغرف من المنبع التصنيفي/ الشمولي نفسه . 0 | 0 | 5

مشاركة :