اعتادت ميراي هندويان بطلة سورية للسباحة للمسافات القصيرة الذهاب يومياً الى النادي للتمرينات، لكنها فضلت يوم الجمعة مساعدة والدتها في مؤسسة للعائلة غرب مدينة حلب، من دون ان تتوقع أن تنهي قذيفة حياتها وأحلامها الرياضية الكبيرة. بِلَوعة وعينين مغرورقتين بالدموع، تستعيد والدتها بتي هندويان (42 عاماً) لحظات مأساوية عاشتها مع اولادها الثلاثة يوم الجمعة داخل سوبرماركت تملكه العائلة في منطقة الفيلات، ذات الغالبية الأرمنية، والقريبة من حي بستان الباشا، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة في حلب. وتروي الوالدة المفجوعة كيف بدلت قذيفة حياتها بعدما أدت الى مقتل ابنتها ميراي (20 عاماً) وطفلها أرمان (12 عاماً)، ونجاتها مع ابنها موسيس (19 عاماً) بعد اصابتهما بجروح. وتقول «تذهب ميراي يومياً الى نادي السباحة عند الحادية عشرة ظهراً، لكنها جاءت يوم الجمعة الى المحل واخبرتني انها لا تريد الذهاب»، مضيفة «قالت لي (جئت كي أساعدك ماذا تريدينني أن افعل؟) طلبت منها الذهاب، لكنها رفضت». وتضيف «عند الحادية عشرة والربع تقريباً، وجدت نفسي على الارض بعد دوي صوت قوي وغبار. لم أقوَ على التحرك لان الزجاج انكسر فوقي. سمعت صوت ابني الكبير يصرخ (ماما إيدي راحت) جراء تعرضه لاصابة فيها». في تلك اللحظات، كانت ميراي وشقيقها ارمان ممددين على الأرض، لكن والدتهما لم تتمكن من رؤيتهما بسبب الغبار الذي خلفه الركام. وتروي بغصة «تحركت بصعوبة من الارض والدم يسيل مني، قلت لميراي وارمان ابقيا بقربي. كنت أظن انهما على قيد الحياة.. عندما نظرت حولي بعدما خف الغبار، وجدت أرمان على الأرض وأمعاؤه خارج معدته. كان قد استُشهد». تحاول بتي أن تتمالك نفسها، تتنهد ثم تتابع بصوت يرتجف «ناديت ابنتي لانني أعرفها جبارة وتتحمل كل شيء، قبل ان أراها على الارض ايضاً، دون يدين ورجلين.. وتنزف. لم أتمكن من حملها لأنني كنت مصابة وأنزف». ويوضح فيكان (56 عاماً)، والد ميراي، والذي يعمل في مجال بيع الزجاجيات، أن المنطقة غالباً ما تتعرض لسقوط قذائف. ويقول «اعتدنا على هذا الموضوع، وكانت ميراي تمدنا بالقوة». يحمل فيكان، الذي يحاول أن يحبس دموعه امام زوجته، على الوضع الذي تعيشه المدينة. يقول بانفعال «وصلنا الى مرحلة يأس ونريد الحل.. لأن الجميع يخسر وليس أنا فقط». ينظر الوالدان مطولاً الى صورتي أرمان وميراي التي تصفها والدتها بـ«الطالبة الطموحة والقوية وصاحبة الأحلام الكثيرة والطموحات الكبيرة». منذ طفولتها، اعتادت ميراي على السباحة، وتروي والدتها «كانت تحب السباحة وتريد الافضل في كل شيء»، مضيفة: «ارادت الوصول الى مستويات عالمية.. كان طموحها أن تكمل دراسة الماجستير حتى تصبح دكتورة تغذية». ويقول مدرب السباحة، ونّس سلاحيان، الذي اشرف على تدريب ميراي «بدأت أدربها على السباحة منذ كانت في الخامسة من عمرها، واصبحت بعدها بطلة سورية لسنوات عدة، وكانت ضمن منتخب حلب للسباحة». وبعد دورات تدريبية عدة، باتت ميراي، كما يوضح مدربها، «مؤهلة للتدريب على السباحة، وتم تعيينها مسؤولة عن تدريب البنات في منتخب حلب». وعلى غرار معظم الرياضيين السوريين، استمرت ميراي، كما يقول مدربها، «في ممارسة الرياضة حتى بعد اندلاع الحرب.. وشاركت في كل بطولات الجمهورية وحازت فيها المراكز الأولى». ويضيف: «كانت تستعد في الفترة الأخيرة للمشاركة في بطولات المياه المفتوحة لمسافات طويلة في البحر».
مشاركة :