ألا ترون معي أننا لا نزال نُدلل المحكوم عليه بالحدود الشرعية بحجة وجوب الستر. وأي مستور هذا الذي مرّ على سلطات الضبط كلها، وكُتاب المحاكم كلهم ورجال التحقيق والبحث الجنائي. وما دام ارتكب جرما مشهودا وحُكم عليه حكما قضائيا، فلماذا نتذرع بالستر. وهو أمر لا تأمر به الشريعة ولا العدالة. وكثيرا ما نرى "من الجنسية الفلانية" وغيرها من المُبهمات وكأننا نخشى في إحقاق الحق لومة لائم.. فشهود طائفة من المؤمنين العقاب أمر مطلوب بل مأمور به في التنزيل الحكيم، ولا حرج فيه. لا نريد أن نقول على رؤوس الملأ "ذلك ما قدمتْ يداك" لكن فقط نُعلن اسمه واسم ديرته، لعل من يقرأها من أبناء جلدته إن كان وافدا، أو من أهله وأصدقائه إن كان مواطنا، يرى ما آلت إليه حال من ارتكب جرما فقد يرتدع ويردع من حوله. وبعد انتشار جرائم القتل والترويع في البلدان الغربية بشكل ملحوظ ظهرت مطالبات اجتماعية وقانونية بإعادة تطبيق عقوبة الإعدام في جرائم الاغتصاب وهتك العرض والترويع. حتى إن بعض تلك البلدان قالت بوجوب نقل تنفيذ أحكام الإعدام على شاشات التلفزيون، وأعطوا مبرراتهم الكثيرة.، وتلك شرائح اجتماعية رأت أن علانية الإعدام تحقق عامل الردع وتجعل أي شخص يفكر ألف مرة ومرة قبل أن تسول له نفسه ارتكاب جريمة قتل أو اختطاف أو اغتصاب أو ترويع أو غيرها من الجرائم البشعة. فعلى الرغم من ذلك.. هناك من يعارض هذا النوع من الإشهار أو النقل الحي لتنفيذ الإعدام.. وهناك من يرى أن الردع يمكن ان يتحقق بطرق أخرى، لكن لم نقرأ أو نسمع عن شيء اسمه السّتْر في حالات كتلك. أو أن العمل يُلقي السمعة السيئة بالأسرة والقبيلة، وأعتقد أن هذا من تحفّظنا الزائد عن المطلوب. ورأيتُ إنجلترا، مثلا، أكثر منا تحفظا على اسم المتهم. لكن قبل إلقاء لائحة الاتهام لا بعدها. أي بعد إسماعه اللائحة لا يعرفون شيئا اسمه (ق. ف)، الحروف الأولى من اسم الشخص، والتي تكثر عندنا في الشرق، بل يذكرون اسمه كاملا والشارع الذي يقطن فيه والمدينة، من أجل استبعاد تشابه الأسماء. ووجدتُ جملة غامضة، لكنها ناعمة لا تقود إلى شيء. جملة تُطلق على المتهم قبل لائحة الدعوى. تلك الجملة التي تُطلق للصحافة تقول: A man is helping the police with their enquiry وترجمتها: وفي عهدة الشرطة رجل يساعدهم في تحرياتهم. ويعني هذا أن الشرطة قد أوقفت شخصا ما وعلى وشك توجيه الاتهام إليه. ومنطوق الجملة "سِتْر".
مشاركة :