كشف سعادة السيد هونج كيونج بارك، سفير كوريا الجنوبية لدى الدولة أن وفدا طبيا، يضم اختصاصيين في جراحة القلب والكبد والعظام سيشارك في عمليات جراحية بمستشفى حمد العام نهاية نوفمبر، بمناسبة انعقاد المنتدى الطبي القطري- الكوري بمشاركة مستشفيات حكومية خاصة من كلا البلدين، موازاة مع قرب الانتهاء من مفاوضات لبناء مصنع بقيمة 34 مليون دولار لتزويد قطر بـ500 ألف وحدة من المصابيح الموفرة للطاقة، ومشروع آخر لإنجاز مصنع مشترك لإنتاج قوالب ورقية للبناء. وقال سعادة السفير كيونج بارك في حوار لـ «العرب»: إن سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة سيرأس وفد قطر لاجتماع اللجنة العليا الاستراتيجية أوائل ديسمبر المقبل، لأجل دفع علاقات التعاون بين البلدين، في وقت تراجعت التجارة البينية إلى 17.1 مليار دولار أميركي العام الماضي، جراء انخفاض أسعار النفط. كما تحدث عن تفاصيل أخرى في نص الحوار التالي. ما تقييمكم للعلاقات بين البلدين؟ - بداية، لا بد من القول إن دولة قطر شهدت نقلة نوعية، حولتها إلى لؤلؤة الشرق الأوسط في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ومثلها تماما، فإن كوريا شهدت مسارا اقتصاديا مثيرا للغاية خلال العقود الستة الماضية. هذه التطورات التي شهدها البلدان تعكس تماما التفاهم المتبادل والعلاقات الوثيقة بين البلدين. ومنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين كوريا وقطر العام 1974، عرف بلدانا تعاونا بشكل وثيق في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية. وفي الآونة الأخيرة، استوردت كوريا ثلث استهلاك الغاز (13 مليون طن سنويا) وأكثر من %10 من استهلاكها من النفط (100 مليون برميل) من قطر. وبمناسبة زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، إلى كوريا في نوفمبر 2014، وزيارة فخامة الرئيس بارك جيون هاي إلى قطر شهر مارس 2015، توسعت علاقات التعاون بين بلدينا في مجالات الطاقة والبنية التحتية للتصنيع، والرعاية الصحية، والتعليم والدفاع والتنمية المستدامة. ونحن اليوم نتأهب للانتقال إلى مقر السفارة الجديد مع نهاية العام الجاري، بجوار السفارة التركية بالمنطقة الدبلوماسية الجديدة. ماذا عن حجم التجارة المتبادلة؟ وحصة الصادرات والواردات الرئيسية؟ - انخفض حجم التجارة البينية إلى 17.1 مليار دولار أميركي العام 2015، مقابل من 26.6 مليار دولار أميركي العام 2014. ويرجع ذلك إلى انخفاض أسعار النفط. ومع ارتفاع أسعار النفط والغاز نتوقع زيادة في حجم التجارة في المستقبل القريب. وفي العام 2015، صدرت قطر لكوريا الغاز الطبيعي والمنتجات النفطية والنفط بكمية بلغت 16.4 مليار دولار أميركي، في حين صدرت كوريا معدات البناء والسيارات والكابلات بكمية 674 مليار دولار أميركي. وقد تناقشت كوريا وقطر بشأن كيفية توسيع التجارة في إطار لجنة ثنائية رفيعة المستوى للتعاون الاستراتيجي. ما فرص الاستثمارات التي توصون بها المستثمرين الخواص والشركات القطرية؟ - ما أود الإشارة إليه أن الحكومتين القطرية والكورية كانت لهما فرصة استكشاف سبل تبادل الاستثمارات في كلا البلدين وتعزيزها، وبحثا فرص الاستثمار المشترك في بلد ثالث. وليس هناك تقدم كبير في الاستثمار حتى الآن. هل هناك مفاوضات لأي مشاريع مشتركة؟ - كوريا لديها مجموعة واسعة من الصناعات، وقطر تحتاج لتصنيع صناعاتها بهدف تنويع اقتصادها. خاصة مع تحمل الصناعة التحويلية من آفاق واعدة جدا للمنطقة مستقبلا، وهذا محفز جيد لإقامة مشاريع مشتركة بين قطر وكوريا. وهذا السياق، نتوقع الانتهاء منه خلال أشهر قليلة من مفاوضات بين بلدينا لإقامة مشروع مشترك بين كوريا قطر، بهدف إنتاج المصابيح الموفرة للطاقة «أل إي دي» (LED) بالتعاون بين اتحاد مجموعة شركات كورية لإنتاج مصابيح الـLED المصممة خصيصا للشرق الأوسط ونظيرتها القطرية. وفي المرحلة الأولى، سيتم بناء المصنع المخصص لإنتاج هذه النوعية من المصابيح الموفرة للطاقة، حيث يتولى الجانب الكوري الأمور التقنية والتدريب، بينما يوفر الجانب القطري التمويل والأرض اللازمة للمشروع. وسيتم بناء المصنع بقيمة 34 مليون دولار، على أن الرهان هو إنتاج 500 ألف وحدة من الأضواء الموفرة للطاقة. كما يتضمن المشروع إنشاء معهد للبحوث في قطر لأهداف البحث والتطوير. وعلى الجانب الآخر، هناك مشروع مشترك آخر بين الشركة الكورية المتوسطة (EPI) مع شركة قطرية لإنجاز مصنع مشترك لإنتاج قوالب ورقية للبناء، والتي يمكن إعادة تدويرها، وتوفر التكلفة والوقت بشكل مختلف عن القوالب التقليدية من الخشب والفولاذ، أو الألومنيوم. هل من تعاون مع قطر في مجال الرعاية الصحية؟ في مجال الرعاية الصحية، ترغب بعض المستشفيات الكورية التعاون مع نظيراتها القطرية في لأجل تبادل المعارف والخبرات في مجال العلاج الطبي. وفي هذا الإطار، تتابع سفارة كوريا الجنوبية بالدوحة تنظيم منتدى طبي بين مستشفيات الكورية ومؤسسة حمد الطبية، بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العالمي للابتكار في القطاع الصحي المعروف بمؤتمر (WISH)، نوفمبر القادم. وسيعقد المنتدى بين المستشفيات الكورية (المركز الطبي أسان ومستشفى سول سانت ماري) ومؤسسة حمد الطبية في مستشفى حمد العام يوم 30 نوفمبر المقبل، بناء على اقتراح من سعادة الدكتورة حنان الكواري، وزيرة الصحة العامة. وسيتبادل أطباء البلدين الخبرات والتجارب في اختصاصات زراعة الكبد، وجراحة القلب، وجراحة العظام (خاصة الأطراف الاصطناعية)، ومناقشة مزيد من خطة التعاون، وتبادل الخبراء والمرضى، وعقد الندوات التعليمية المشتركة. كما سيتم التوقيع على اتفاقيات للتعاون الطبي. وعلى وجه الخصوص، سيتعاون أطباء البلدين لإجراء عمليات جراحية للمرضى بمستشفى حمد العام، ويتبادلون الخبرات. كما ستقدم شركة (CORENTEC) ومقرها سيول ابتكارها في مجال صناعة الأطراف الصناعية خلال مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الصحة (WISH). حدثنا عن التعاون في مجالات النفط والغاز؟ - شاركت كوريا بشكل مستمر في مشاريع تطوير الغاز القطري عن طريق الاستثمار ماليا، والتوقيع على عقود الاستيراد طويلة الأجل، وناقلات الغاز الطبيعي المسال. وفي هذا السياق، أنشأت «راس غاز» أول فرع خارجي لها في سيول. كما أن الشركة الكورية لبناء السفن قدمت 54 من ناقلات الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك أكبر سفينة (كيو-ماكس) التي تحمل 263 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي. ماذا عن التعاون في مجالات أخرى؟ - كوريا لديها تاريخ طويل من الجهود لحل مشكلة نقص الغذاء. كما أن لديها الأراضي الصغيرة الصالحة للزراعة لدعم عدد كبير من السكان. ولدى كوريا إمكانيات جيدة لتطوير الزراعة الرأسية والزراعة في الأماكن المغلقة، وذلك باستخدام الإضاءة الموفرة للطاقة (LED) وتقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى المعرفة والخبرة الزراعية المتراكمة، وكلها مجالات أخرى تمنح فرصا للاستثمار والتعاون المشترك مع كوريا. ذلك أن الزراعة الرأسية أو الزراعة في الأماكن المغلقة تتطلب تقنيات زراعية متطورة واستعمال تكنولوجيا الإضاءة الموفرة للطاقة، وتكنولوجيا المعلومات الحديثة. ومؤخرا، زرت مزرعة تجارية مغلقة بمنطقة الخور التي تنتج الفطر والفواكه والخضر بشكل منتظم على مدار السنة. وأعتقد أن تعاوننا الثنائي قد يسهل إقامة مشاريع زراعية مستدامة، تساهم في التغلب على الظروف الجوية الصعبة في قطر ومشكلة الاحتباس الحراري. هل من تبادل علمي ومعرفي بين البلدين؟ - حاليا هناك طالبان اثنان من قطر، من بين 90 ألف طالب أجنبي يدرسون في كوريا الجنوبية. ومنذ أن دخلت مذكرات التفاهم الثنائية حول التعاون التربوي حيز التنفيذ في نوفمبر 2015، شارك خبير تربوي كوري في مؤتمر حول القيادة في التعليم ورشة عمل حول التعليم القائم على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مايو الماضي. وفي شهر سبتمبر الماضي، بدأ خبير كوري في تعليم اللغة الكورية بجامعة قطر. وفي غضون ذلك، زارت سمو الشيخة موزا بنت ناصر كوريا الجنوبية لحضور المنتدى العالمي للتعليم شهر مايو 2015، عندما وقعت مؤسسة قطر للتربية والتعليم وتنمية المجتمع اتفاقية مع وكالة التعاون الدولي الكورية لدعم تمدرس 130 ألف من الأطفال اللاجئين بأفغانستان ونيبال وميانمار. وفي مجال التعاون الثقافي، أنوه إلى زيارة الفنان الكوري (لي لي نام) الذي زار قطر وعرض أعماله الفنية شهر فبراير الماضي، بمسرح كتارا لمدة شهر كامل. وسوف تنظم السفارة الكورية حفلا مشتركا للمغني الكوري (DongQyu Lee)، وعازفة البيانو سونيا بارك، مع موسيقيين كوريين من أوركسترا قطر الفلهارمونية في دار الأوبرا بكتارا يوم 14 نوفمبر المقبل. كما أن السفارة الكورية تخطط أيضا لدعوة خطاط كوري لرسم خارطة السلام لقطر بالحروف الكورية في المستقبل القريب. كم عدد التأشيرات التي أصدرتها مصالح قنصليتكم بالدوحة بنهاية 2015، وعدد السياح القطريين إلى كوريا؟ - عدد التأشيرات التي أصدرتها مصالحنا القنصلية محدود، بحكم إعفاء السياح القطريين من التأشيرة قصيرة المدى، بموجب اتفاقية متبادلة بين البلدين. وإجمالا، فإننا نصدر أكثر من 1000 تأشيرة سنويا. بينما يزور العديد من المواطنين الكوريين قطر في طريقهم إلى دول أوروبية عبر شركة الخطوط الجوية القطرية. وآمل أن المزيد من القطريين سيزورن كوريا الجنوبية بهدف الاستفادة من خدمات العلاج الطبي والسياحة في آن واحد، بالنظر إلى أن كوريا الجنوبية تقدم خدمات طبية عالية الجودة على المستوى العالمي، ونمتلك منتجعات سياحية فاخرة، ومعالم ثقافية تمتد إلى ألفي عام في شبه الجزيرة الكورية. كم عدد الرحلات الجوية بين كوريا وقطر حاليا؟ - تسير شركة الخطوط الجوية القطرية سبع رحلات أسبوعيا بين الدوحة وإنشيون. كم عدد الجالية الكورية في الدوحة؟ وما المجالات التي يعملون بها؟ - هناك حوالي 2000 مواطن كوري يقيمون في قطر، نصفهم يعملون بشركة الخطوط الجوية القطرية. وتشارك آخرون في مشاريع البنية التحتية. ولمست أن الكوريين المقيمين بالدوحة منسجمون بطريقة جيدة مع القطريين، وغيرهم من المغتربين في مجال الأعمال والحياة اليومية. كما أن الجالية الكورية تنشط بفعالية وتشارك في الفعاليات الثقافية المحلية. ماذا عن التعاون في المجال الأمني والدفاع بين البلدين؟ - دخلت اتفاقية التعاون الدفاعي بين قطر وكوريا الجنوبية حيز التنفيذ في فبراير الماضي. كما زار وزير الدولة لشؤون الدفاع كوريا في يوليو الماضي. وفي هذا الصدد، أعتقد أن التعاون في مجال الدفاع. بين البلدين يشهد تقدما ملموسا. كما أود أن أنوه إلى أن كوريا الجنوبية استضافت دورة الألعاب الأولمبية العام 1988 ومونديال كرة القدم العام 2002، وهذا ما يمنحنا فرصا للتعاون المشترك بين قطر وكوريا الجنوبية لأجل تبادل التقنيات والخبرات لإدارة الأحداث الرياضية العالمية بطريقة آمنة، وقد بدأنا بالفعل مشاريع للتعاون الأمني بين البلدين، تحضيرا لمونديال قطر 2022. ما مدى تقارب وجهات نظر البلدين بشأن القضايا الإقليمية والدولية، ولاسيَّما الأزمة في سوريا؟ - أفهم أن قطر لعبت دورا بناء في حل العديد من النزاعات الإقليمية والعالمية. وعلى وجه الخصوص، قدمت قطر مساعدات إنسانية كبيرة ودعما قويا لفلسطين. كما شاركت كوريا الجنوبية بنشاط في دعم التنمية الاقتصادية في فلسطين من خلال بناء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمدارس المهنية الأخرى في الضفة الغربية. وبخصوص الأزمة السورية، فنحن نعتقد أن حلا سياسيا وعسكريا ينبغي أن يتماشيا معا في الوقت نفسه لحل الأزمة. كيف تنظرون إلى الإصلاحات التي تقوم بها قطر لحماية حقوق العمال؟ وهل زرتم المدينة العمالية الجديدة؟ - لاحظت أن الحكومة القطرية تقوم بمختلف الجهود الرامية إلى تحسين الرعاية الاجتماعية وأوضاع العمال الأجانب المقيمين في قطر، من خلال تعديل العديد من القوانين واللوائح، والأنظمة الخاصة بحماية الأجور. وفي هذا الصدد، يسرني القول إن كوريا تدعم قطر بقوة في المحافل الدولية، مثل اجتماعات منظمة العمل الدولية.;
مشاركة :