ربع قرن على نظام مجلس الشورى.. متى نتحرك؟

  • 3/4/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

جاء إنشاء "مجلس الشورى" كأحد أهم القرارات التي اتخذها ولاة الأمر لتعزيز مبدأ المشاركة الشعبية والإفادة من خبرات أبناء الوطن في دراسة التشريعات والأنظمة، ومراجعة تقارير أداء السلطة التنفيذية، واقتراح ما يسهم في التطوير والتنمية المجتمعية، وخدمة المواطن وتحقيق تطلعاته وآماله والعمل على إنجازها من قبل الجهات المعنية. وقد علّق المواطنون آمالاً كبيرة على مجلس الشورى وما زالوا، خاصةً بعد أن تعددت لجانه، وأصبحت تدار من قبل أشخاص مؤهلين في مختلف الجوانب، إلاّ أن الواقع يتطلب جهداً أكبر، وصلاحيات أوسع، ولن تتحقق من دون النظر في نظام مجلس الشورى الذي مضى عليه (23 عاماً) من دون أن يكون هناك تطوير وتحديث لمواده، وحدود عمله وصلاحياته. إن التطورات المتلاحقة في المملكة والعالم تدعو إلى إعادة النظر في عمل مجلس الشورى، على أن يتم تعيين نصف أعضائه بالانتخاب -مرحلة أولى-، ومنحهم صلاحيات كبيرة، وتحديداً في الرقابة على المال العام، ومناقشة ميزانية الدولة، واستجواب كبار المسؤولين التنفيذيين، إضافةً إلى زيارة رؤساء وأعضاء اللجان إلى المناطق والاستماع إلى احتياجات المواطن عن قرب وعدم الاكتفاء بالتقارير السنوية للجهات الحكومية، وأن تكون قرارات المجلس ملزمة وليست مجرد توصيات يتم التصويت عليها. نظام المجلس وقال "سليمان الزايدي" -عضو مجلس الشورى الأسبق-: عندما أعيدت كتابة نظام مجلس الشورى قبل ربع قرن، كان عليه أن يستفيد من تجربته السابقة التي تعطيه حق الإقرار والمحاسبة والمراقبة ومراجعة ميزانية الدولة واعتمادها، لكنه لم يفعل، وربما كان ذلك بسبب أن نشاطه آنذاك كان مُعطلاً، لكن نظامه كان موجوداً أو بالإمكان بعثه من جديد، مضيفاً أنه في ظل نظامه المجدد، وبعد مضي ربع قرن على تطبيقه، وبعد التجارب الثرية التي شهد فيها المجلس تطورات في التطبيقات الداخلية، وتعديلاً جزئياً لبعض مواد نظامه، إضافةً إلى تمكين المرأة من عضويته بنسبة (20%) وبصورة غير مسبوقة، إلى جانب دخوله عضواً في البرلمانات العربية والقارية والعالمية، وعضويته في مجموعة العشرين التي تملك أكبر اقتصاديات العالم؛ فهذا الزخم في الشكل يستدعي الوصول إلى المضمون الحقيقي الذي يتطلع إليه المواطن، مبيناً أن التطورات المتلاحقة أصبحت ملزمة لإعادة النظر، ومراجعة نظام المجلس الحالي بما يتوافق مع المستجدات الوطنية والعالمية، وبما يحقق تطلعات المواطن الذي بات يعلق آماله على المجلس في الكثير من مناحي حياته ومعاشه، ليصبح صوته الحقيقي المعبر عن آماله أمام الجهاز التنفيذي. انتخاب الأعضاء وأوضح "الزايدي" أن المجلس وبكل ثقة أصبح مؤهلاً لقبول أي تطوير، والتعامل مع أي تحديث لنظامه وآليات عمله تحت قبته وداخل لجانه المتعددة بصورة مرنة وسلسة، مضيفاً أن بنيته تستوعب أي تحديث وتطوير، ولا مانع من الإفادة من التجارب البرلمانية العالمية في تطوير نظامه وآلياته الداخلية، مبيناً أن من صور التحديث المطلوبة أن يتحول المجلس من تعيين أعضائه إلى انتخابهم، ويمكن تطبيق ذلك بصورة متدرجة، بحيث يتم في المرحلة الأولى انتخاب (50%) من الأعضاء و(50%) منهم بالتعيين، مؤكداً على أن تجربة المملكة في المجالس البلدية تُشجع على البدء بهذا العرف العالمي الذي سينقل المجلس إلى مكانة الثقة والتوقير وطنياً وعالمياً، مشيراً إلى أنه من صور التحديث في حال الرغبة بالمحافظة على المجلس الحالي بصورته الحالية يقام مجلس وطني بجانبه، أو ما يسمى نظام الغرفتين كما هو الحال في التشكيلات العالمية للمجالس التشريعية، كذلك من صور التحديث أن تتحول قرارات المجلس من معلمة إلى ملزمة، حتى تكتمل فيه وله الصورة التشريعية النموذجية. ننتظر منحه مزيداً من الصلاحيات في الرقابة على المال العام ومناقشة ميزانية الدولة.. وانتخاب نصف أعضائه مواكبة التطلعات وأكد "الزايدي" على أننا في عصر ملك المبادرات، ملك الإصلاح، ملك النظرة الطموحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله-، ولذا يجب على المجلس أن يواكب تطلعات ومبادرات الملك لتعديل نظامه، ويكون للمجلس المزيد من الصلاحيات كحق إقرار ميزانية الدولة العامة، واستجواب كبار المسؤولين التنفيذيين في الجهاز الحكومي، بما في ذلك نزع الثقة منهم حال عدم الوفاء بواجباتهم الوظيفية، إضافةً إلى ضرورة وضع مادة تلزم العضو بتخصيص وقت محدد للتواجد في المنطقة التي يمثلها لاستقبال المواطنين والاستماع إلى أفكارهم ومطالبهم ومعاناتهم والعمل على إيصالها تحت قبة المجلس، مضيفاً أن جميع التطورات المتسارعة على الحياة الاجتماعية والسياسية الداخلية والخارجية لم تعد اختيارات افتراضية لمجلس الشورى لكي يعدل نظامه الأساسي ويطور آلياته، بل أن الأمر تعدى الخيار والاجتهاد إلى الضرورة حتى يصبح المجلس سيداً لنفسه، قائداً حقيقياً للحياة الاجتماعية والتنموية والسياسية لمستقبل بلادنا وأجيالها. تطوير تدريجي وتحدث "د. وديع كابلي" -أستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز- قائلاً: إن إنشاء مجلس الشورى في البداية كان خطوة جيدة للأمام، لكن الزمن يتطور وهذه سنة الحياة، وكذلك كل الأمور تبدأ صغيرة ومتواضعة ومن ثم تتطور وتنضج وتتغير إلى ما هو أفضل، لتواكب المتغيرات التي تحدث، لكن نظام مجلس الشورى لا يزال رهيناً للبدايات -حسب قوله-، مضيفاً أن تجربة الشورى تجربة كبيرة لكنها تحتاج إلى نمو مستمر، خاصةً أن الخبرة متوفرة لدى الدولة والأعضاء العاملين في المجلس، مشيراً إلى أن نظام المجلس الذي مضى عليه ربع قرن يحتاج إلى تطوير كبير، لكن لا يجب أن يكون التطوير مفاجئاً، ولكن بالتدريج، ناصحاً أصحاب القرار أن يعوا أهمية أن يتم التطوير بشكل مستمر كل أربع سنوات لإعطاء صلاحيات أكبر، وأن يستفيد مجلس الشورى من تجارب الآخرين الذين سبقونا في الأنظمة البرلمانية، مقترحاً أن يكون التطوير تدريجياً ويبدأ أولاً من تحويل المجلس إلى مجلس منتخب، وليس معيناً، على أن يبدأ الانتخاب ل(25%) من أعضائه، وبعد ذلك (50%) وهكذا على أربع مراحل، حتى يصبح المجلس منتخباً بكامل أعضائه. صلاحيات كبيرة وأوضح "د. كابلي" أنه إذا رأت الدولة أن يكون هناك مجلس مساعد يتم تعيينه ويدار من قبل عدد من الحكماء وذوي الخبرة ويستطيع أن يكون داعماً للمجلس، فهذا حل جيد ومقبول للحفاظ على النمو والتقدم المستمر لوطننا، مضيفاً أن مجلس الشورى حقق جزءاً لا بأس به من النجاح في الجزء التشريعي، لكن مع الأسف هذا الجزء لم يُفعّل في الواقع، ولم يكن له أي دور واضح، بل ولم يتم تنفيذ ما تم وضعه من نظام وبنود ومن أهمها أن يكون للمجلس الرقابة الفعلية على الميزانية العامة للدولة وبنود انفاقها، ومراجعة ديوان المراقبة العامة ومكافحة الفساد، مُشدداً على أهمية أن يُعطى المجلس صلاحيات كبيرة في هذا المجال، وأن تكون له القدرة على وضع الأمور في نصابها، وأن يناقش بعض الأمور في الميزانية العامة، لافتاً إلى أنه إذا لم تكن له الصلاحيات فإن قرارات المجلس تبقى مجرد نصائح، وقد لا تؤدي المطلوب منها، وهذا يجعل هيبة المجلس تنهار وأعضاء المجلس يفقدون ثقتهم في أنفسهم إذا لم تنفذ قراراتهم ومرئياتهم. تقبل الرأي وقالت "مضاوي الحسون" -سيدة أعمال-: ما زلنا نفتقر إلى جزء مهم من مفاصل "الديمقراطية"، لهذا لا بد أن نثقف المواطنين وأعضاء مجلس الشورى والمسؤولين بتلك الأمور، وتقبل الرأي والرأي الآخر، وبسط الآراء بوضوح وشفافية، على أن يكون هناك جس لنبض المجتمع واحتياجاته، فحتى الآن يشعر المواطن أن المجلس بعيد عن احتياجاته اليومية وآماله وطموحاته، مضيفةً: "لقد استبشرت خيرا بدخول المرأة إلى مجلس الشورى بنسبة 25% من مجموع أعضائه، وهن قيمة مضافة للمجلس، لكن المهم أن يكون المجلس قريباً من احتياجات الناس، فهناك حلقة مفقودة، هل هذه الآراء والأطروحات التي يناقشها المجلس يؤخذ بها؟ أم تظل نقاشا وحوارا من دون فاعلية ولا يعلم بها المواطن؟" مُؤملةً في المرأة أن تساهم بتطوير أنظمة المجلس بما يتفق مع المتغيرات التي نعيشها اليوم، وأن يكون للمجلس وما يصدر عنه من قرارات أثر على أرض الواقع، مُشددةً على أهمية أن يكون للمجلس هدف لمساعدة الدولة في تحقيق أهدافها، بدلاً من الحوارات والمناقشات التي لا تحقق أي نتيجة أحياناً. المجتمع غير راضٍ وتحدث "د. عبدالرحمن بن سعد العرابي الحارثي" -أستاذ جامعي- قائلاً: إنه من المهم إعادة النظر في طريقة عمل المجلس والأنظمة والقوانين التي يجري العمل بها في الوقت الحاضر؛ لأنها لا تخدم المجتمع، وهي مجرد توصيات، مضيفاً أن هذا التغيير يجب أن يكون للمجتمع رأي فيه، لأنه المستفيد الأول من قرارات المجلس، وهذا لا يتأتى إلاّ من خلال ورش عمل أو من خلال استبيان لآراء الناس تساهم في رسم معالم التغيير التي يجب أن يحثها المجلس في نظامه وعمله، ناصحاً بأن تكون هناك شفافية عالية جداً في إيضاح طريقة عمل المجلس ومعرفة آمال ورغبات المجتمع، مضيفاً أن تأسيس المجلس بحد ذاته إيجابي حتى لو كان أداؤه في البداية لا يتناسب مع حجم الطموحات، فالمعروف أن أي كيان مؤسسي لا بد أن يكون دائماً خاضعاً للتقييم والتغيير والتطوير والدراسة؛ لأن الزمن متغيّر، خاصةً في الأنظمة الوضعية التي يجب أن يُعاد النظر فيها بما يتفق مع تغيير الاحتياجات؛ لأن المجلس معني بتقديم مرئياته وقراراته لولي الأمر، وعلى ضوء ذلك تكون التوجيهات السامية لكل ما فيه خدمة للمواطن والوطن. وقال إن ردود فعل المجتمع على العمل غير راضية تماماً؛ بسبب عدم شفافية المجلس في طرح بعض القضايا التي تهم المواطن، متسائلاً: هل يستطيع المجلس أن يسن الأنظمة والقوانين؟ وهل آليات عمله الحالية تتفق مع حجم الطموحات؟ مؤكداً على أن هناك بونا شاسعا بين ما يؤديه المجلس وما هو مأمول منه، وهذا يتطلب تغيير طريقة العمل والأداء، مُشدداً على أهمية أن يكون لقراراته صفة الإلزام وليست مجرد توصيات يتم التصويت عليها.

مشاركة :