عبد اللطيف الزبيدي من المفردات والعبارات ما يلعب دور الأكاذيب الغوبلزيّة، فيقع في ترديدها حتى الإعلاميون والمثقفون، وكأن جريانها على الألسنة حجّة وصدقيّة. من أغربها ثقافة العنف. العنف ليس قيمة ولا فكراً ولا ثقافة ولا عقيدة. العنف هو نفي القيم الإنسانيّة، فكيف يكون ثقافة أو تكون له ثقافة؟ وإلاّ لجاز لنا الحديث عن ثقافة الإبادة والجريمة والتدمير. ولا يجوز أيضاً وصفها بأنها ثقافة مضادّة، لأن هذه تعني الثقافة التي لديها تصوّر ثقافيّ إنسانيّ آخر، وسبل أخرى إلى بلوغ سعادة الإنسان وتطوير حياته. ثقافة العنف صارت تتنكّر بلباس إسلاميّ، فهي خطر على مستقبل الشعوب. النشء الجديد الذي تصيبه العدوى في هذه الحقبة المتردّية، هو الذي سيقود سفينة العالم العربيّ بعد عقدين أو ثلاثة. الفخّ الخادع الذي يجب التنبّه له، هو اللعب بصفة المسلم، التي يتوهّم البعض أنها درجة امتياز عليا يحصل عليها المرء بمجرّد أن يولد مسلماً، أو يعتنق الإسلام. هذا تفريغ للإسلام من محتواه، وإلاّ تردّينا فكريّاً وثقافيّاً ودينيّاً إلى حضيض تعظيم من ولد مسلماً أو اعتنق الإسلام، حتى ولو شوّه التعاليم بالعنف والتطرّف واستباحة الدماء وانتهاك الحرمات وخيانة الشعوب والأوطان. فكيف يكون هذا المخلوق أفضل عند الخالق ممّن سخّر حياته لخدمة الإنسانية، في علوم الطب والفيزياء والكيمياء والأحياء، وهو نظير في الخلق إن لم يكن أخاً في الدين؟ هل يستوي في الميزان أحمد زويل والسفاح الداعشيّ؟ صفة المسلم درجة عليا غير مشروطة، أم علم وعمل إنسانيّ؟ هبْ هذا الشخص عمد إلى حفظ آيات من القرآن، ومختارات معيّنة من صحيح البخاري وغيره، وكانت أعماله تشويهاً للدين وإساءة إلى الإنسانيّة، فهل مجرّد الحفظ يمنحه رخصة الحديث باسم الله والدين؟ هل يجوز لمؤمن عاقل تصوّر أن الله سيلقي في نار جهنم بكل علماء التاريخ القديم والحديث، الذين أنقذوا البشريّة من الأمراض والموت، وأناروا الظلمات واخترعوا أجهزة نشر العلوم والمعارف والاتصالات بين البشر، وتفكروا عمليّاً في خلق السماوات والأرض، ويُدخل جنّاته حتى الذين يكفّرون الناس بغير حق، ويستحلون الحرمات، أو يشجّون الرؤوس لإخراج الجنّ والعفاريت؟ ألا يحتاج الإسلام إلى تنزيهٍ عن هذا العبث الإجراميّ، عن طريق تجديد الفكر الدينيّ؟ لزوم ما يلزم: النتيجة الاستفهامية: إذا كان هؤلاء مسلمين حقّاً، فلماذا يعادون الحريّة والتنمية والعلوم والتقدّم والتسامح والسلام وإسعاد البشريّة ورفعة الأوطان؟ أين مسؤوليّة الدول؟ abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :