شارك رئيس التحرير في حضور إطلاق رابطة الصحفيين للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وألقى كلمة في مؤتمر النية للرابطة الجديدة، أشار فيها إلى أهمية الاجتماع، وضرورة إنجاح هذه الرابطة، في ظل التحديات التي تواجهها الدول الإسلامية، ودور الصحافة في الدفاع عنها، وفيما يلي ما جاء في الكلمة: حسناً أن يلتئِم شملنا اليوم في باكو عاصمة أذربيجان، وأن يكون هدف هذا الاجتماع دعوة الصحافة في الدول الإسلامية بمؤسساتها وقياداتها والعاملين فيها إلى ممارسة دورها المسؤول في مواجهة التحديات التي تواجهها دولُنا في هذا الظرف الزمني الدقيق. * * أهمية هذا الاجتماع أنه يُعْقَد بحضور عدد من السفراء والقيادات الصحفية في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في أول اجتماع له بعد تأسيس رابطة الصحفيين من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بأمل أن تكون نوايا المجتمعين مُخلصة ومتعاونة ومنسجمة مع أهداف الرابطة التي تبنَّت عقد هذا المؤتمر التي تتمحور حول مجموعة من الرؤى التي لو أخذ بها لقَطَعتْ دولنا شوطاً كبيراً في مواجهة التحديات، والعمل على بناء إستراتيجيات تقود في النهاية إلى معالجة الكثير من القضايا التي تُؤَرق بلداننا، وتُشْغلها عن مسؤولياتها في البناء والعمران، وامتداداً في مواكبة التطور الحضاري في الدول الأخرى، ومحاكاتها في ذلك. فالرابطة تدعو إلى قيام تضامن بين الصحفيين في الدول الإسلامية، وتعزيز القاعدة الصحفية وجعلها في خدمة الحفاظ على القيم الإسلامية، والتعاون بين بلداننا فيما بينها من جهة في المجالات الثقافية، وبينها وبين الدول غير الإسلامية من جهة أخرى، في إطار حوار الثقافات والحضارات، باتجاه توحيد الجهد والعمل في قطع الحملات المشبوهة التي تقوم بها بعض الدوائر السياسية ضد القيم الإسلامية. * * وفي ضوء ذلك فإن من بين المشكلات التي تُوَاجِهُهَا دولُنا مشكلة الرهاب من الإسلام أو ما يسمى (الإسلامفوبيا)، وكذلك تَعَامل دول العالم مع الدول الإسلامية بسياسة الكيل بمكيالين، وما يتطلبه ذلك من دور بناء ومسؤول يفترض أن تقوم به الصحافة في الدول الإسلامية، دفاعاً عن حقوق دولها، ما يَعْني إيضاحها للحقائق، وإرسالها رسائل واضحة، تكون في مستوى القبول والاستيعاب والفهم والقناعة لدى الدول والمنظمات والمؤسسات غير الإسلامية التي اعتادت أن تَأْخُذ مواقفها معتمدة في ذلك على تصرفات فردية، أو إشاعات مغرضة، دون أن تَسْتَنِد في كثير منها إلى الحقائق والمعلومات الصحيحة. * * فدولنا الإسلامية الآن هي ضحية لممارسات إرهابية فردية يَقُومُ بها نفرٌ من المسلمين، وقد يَقُوم بها تنظيم يَضُمُّ عدداً من المسلمين، فيُوصِمُ الإسلام كدين بأنه بتعاليمه السمحة، وبوسطيته في التعامل مع شؤون الحياة هو من يفرخ هؤلاء الأشرار، ومن ثم يُتَّهَمُ كل مسلم بأنه أساس المشكلة، وبالتالي ينظر إليه بريبة وخوف شديدين، والحكم عليه بأنه لا يَتَوَرَّعُ عن قتل الأبرياء من غير المسلمين، وكأن الإسلام والمسلمين هم تنظيم داعش، وما يَفْعَله الداعشيون من أعمال إجرامية لا يُقِرُّها الإسلام. * * ولعله من المناسب أن أذَكِّرَ الحضور بأن هذا الاجتماع يَتَزامنُ انعقاده بعد أيام من انتهاء موسم الحج لهذا العام، وفيه كان هناك اجتماع في الأراضي المقدسة لكبار الشخصيات الإسلامية تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي وبمشاركة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين بالرابطة، حيث كان من ضمن محاور مباحثاتهم أن الإسلام رسالة سلام واعتدال، وأن الشريعة أتت بالوسطية، وأن الإسلام هو السعة والامتداد والتاريخ، وأن رسالة الإسلام رسالة عالمية تدعو للسلم والتعايش الإنساني مع الجميع، كما تَدْعُو إلى نبذ الفرقة والخلاف المذموم، وتجاوز الشعارات، والحذر من مخاطر التضييق والإقصاء، وخطابات الكراهية والتحريض. * * فإذا كان هذا ما أجمع عليه علماء المسلمين، فحريٌّ بالصحافة في دولنا الإسلامية أن تكون على خطى هذا الفهم والاستيعاب، فتُمَارِس دورها المنشود وتُؤَدِّي رسالتها المطلوبة، وتَقْتَحِم ميادين الدفاع عن الأمة بالكلمة الصادقة، والرؤية السلمية، والموضوعية في الطرح، والعمق في تناول قضايا دولنا، وأن تكون صحافة حرة ونزيهة ومتجردة من أي هوى أو هدف غير نبيل، وذات أهداف لا يُثَارُ حولها الشك، أو يُنْظَرُ إليها بريبة، فالمطلوب من هذه الرابطة أن تُعَمِّقَ التعاون لا الجروح بين دول العالم الإسلامي، وأن يُثْرَى هذا الاجتماع والاجتماعات القادمة بالمناقشات والمحاور المناسبة، مما هو مطلوب لتكون صحافتنا أمينة ومؤثرة وقادرة على أن تلعب دوراً مسؤولاً في خدمة دولنا، وذلك بتأمين استقرارها والدفاع عن قيمها ومكتسباتها من الذوبان والغياب. * * إن تعريف (الإسلامفوبيا) بأن نظرة الإسلام إلى العالم تنطوي على كراهية ومخاوف هو ادعاء لا أساس له، وقد أدى هذا الفهم الخاطئ إلى ممارسات تمييزية وإقصائية وعنصرية، وإلى القول إن الإسلام لا يَشْتَرِكُ مع الثقافات الأخرى في أية قيمة، وأن ينظر إليه ليس بوصفه مجرد معتقد ديني، وإنما باعتباره قوة سياسية عنيفة، ما يعني أن مثل هذا الكلام الخطير الذي صدر عن أحد المؤتمرات التي عقدت في لندن، إنما يمس بالإساءة للإسلام ولكل المسلمين، ومن هنا يأتي دور صحافة العالم الإسلامي في التصدي لمثل هذا الكلام، والحيلولة دون أن يكون له تَأْثِيرٌ في المجتمعات غير الإسلامية، وذلك من خلال الرد عليه بالمنطق الصحيح، وتَفْنِيد هذه المزاعم وغيرها بما تملكه صحافتنا من إمكانات وقدرات لإفشال هذا المخطط العدواني الخطير. * * ويجب علينا كصحفيين نَنْتَمِي لدول إسلامية ونَدِيْنُ بالإسلام أن نَخْرُجَ من هذا المؤتمر بإستراتيجية واضحة وشاملة لمواجهة خوف غير المسلمين من الإسلام والمسلمين بإبراز الجوانب الجميلة بما في الإسلام من ثوابت، وبما يَضَعُنَا في حجم المسؤولية في التأثير على الآخر بأن يَكُفَّ عن معاداته للإسلام والمسلمين، وأن يَتَوَقَّفَ عن ممارسة سياسة الكيل بمكيالين في تَعامله مع دولنا وشعوبنا مقارنة بتعامله مع غيرنا، وهذا لن يَتَحَقَّقَ إلا عندما تَصِلُ إليه رسائلنا، ويَستقبلها بشكل يَنُمُّ عن فهمه وقناعته بها، واستعداده لتغيير مواقفه منا، فهناك أصواتٌ في الغرب مرنة وتَمِيلُ إلى الاعتدال، وعندها الاستعداد والمرونة في تغيير مواقفها والابتعاد عن الالتزام بمنطق ثقافة الكراهية، متى اتضحت لها الصورة الجميلة عن الإسلام والمسلمين. * * وقد تكون من المصلحة أن يركز مؤتمر رابطة الصحفيين للدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على رهاب الإسلام - الإسلامفوبيا -، بأن يَكُونَ هذا أحد أهم محاور الاجتماع، لأن هذه الظاهرة في تنامي مشاعر الكراهية والعداء ضد المسلمين، إنما جاء انطلاقاً من مفهوم خاطئ لدى غير المسلمين بأن الإسلام يدعو إلى التطرف والإرهاب، ما أدى إلى شيوع (فوبيا) الإسلام أو (الإسلامفوبيا) أو (الرهاب الإسلامي)، وإلى النظر إلى الإسلام على أنه ذلك الدين المتسلط الذي يَتَبَنَّى الإرهاب والقتل، وليس هو الإسلام القائم على التسامح والوسطية، الدين الذي يُكْرِمُ الإنسان ويَصُونُ دمه وعرضه وماله، بخلاف ما يَعْنيه مصطلح (الفوبيا) أو (الرهاب) من اتهامات باطلة للإسلام والمسلمين.
مشاركة :